بقلم غالب قنديل

حلف العدوان والحقيقة السورية

غالب قنديل

مع انطلاق العدوان على سورية توهم العديد من أعدائها وحتى من أصدقائها ان ما يجري سيقضي على الدور السوري المقرر في المنطقة وكان بعض الحريصين والمخلصين ينطلقون بسذاجة وبسطحية من نظرة مستلبة بالجبروت الأميركي “الذي لا يقهر” فتآكلت معنوياتهم وأصابهم الهلع حين خلع الغرب قفازاته وكشر عن انيابه وانطلق الموفدون والسفراء الأميركيون والفرنسيون والبريطانيون ودبلوماسيون ألمان وسواهم يبشرون بقرب إسقاط الرئيس بشار الأسد وبخراب سورية وتمزيقها بل عمموا خرائط التقسيم والتقاسم الدولي للتراب السوري بعدما صدموا بالخطوات الكبرى التي اتخذها محور المقامة ومن بعده الحليف الروسي للشراكة مع سورية شعبا وجيشا وقيادة في ملحمة صمود ومقاومة ما تزال مستمرة.

 

لم تطلب القيادة السورية من احد شيئا وصبرت على قصور حلفائها وانبهار بعضهم وتأثره بالرواية الغربية واكاذيبها عن موجة التحركات “الساعية إلى الديمقراطية” واعتمد حساب الرئيس بشار الأسد على ثقة ووعي وقدرات الشعب والجيش واستند إلى طبيعة التحالفات الاستراتيجية المناهضة للهيمنة الأميركية ولم تفقد سورية ثقتها يوما بصلابة الشراكة مع حليفيها إيران وحزب الله في محور المقاومة بينما التمست تورط مجموعات من حماس في طابور العدوان بينما كانت سائر الفصائل الفلسطينية المقاومة بمستوى التحدي واتخذت مواقف شريفة تليق بهويتها.

احتوت القيادة السورية بجدارة وقوة جميع الطروحات التي طالبتها بالتجاوب مع المطالب المزعومة وتكفلت منهجية الإدارة الذكية السورية للمعركتين السياسية والإعلامية بتعرية الحقائق وفضح الأكاذيب حتى ادرك الحلفاء الصادقون ان المسألة تتصل بعدوان استعماري صهيوني رجعي لا يقف عند استهداف سورية وحدها وليست حراكا مطالبا بالإصلاح كما زعمت الروايات الخادعة.

أظهرت هذه السنوات غير القليلة متانة الصمود السوري وارتكازه على بنيان الدولة الوطنية اقتصاديا وسياسيا وهنا مصدر القدرات السورية الحقيقية التي ظهرت من خلال تماسك جدير بالاحترام وسط طوق الحصار والعقوبات وكانت لصلابة القائد بشار الأسد ولتصميمه ونهجه التحرري فاعلية لا توصف بتوفير بيئة الصمود الشعبي والعسكري ضد العدوان الاستعماري الصهيوني الرجعي وفي معركة الوعي الوطني لحقيقة العدوان وكيفية مقاومته ومنع أدواته العميلة من النفاذ إلى اهدافها المدمرة.

تكفي نظرة مقارنة على النتائج الرئيسية لقياس متانة وفاعلية الصمود السوري والصلابة السورية وإرادة المقاومة التحررية العربية السورية بدءا من معاينة احوال الحلف المعادي الذي غرق في انقسامات وصراعات متمادية نتيجة الفشل في العدوان على سورية. وبكل وضوح يمكن لأي قارئ موضوعي ان يسجل مجموعة من العلامات السياسية الفارقة التي هي محصلة الصمود السوري والبراعة السورية في إدارة الصراع والنجاح في نسج التحالفات وموالفة الحلفاء ضمن إيقاع مشترك ميدانيا وسياسيا زاد من مساحات التقارب والشراكة في ما بينهم كما حصل على جبهة العلاقات الروسية الإيرانية التي تعززت وتطورت في وهج شراكة الصمود مع سورية.

أولا الحضور الروسي المباشر ووزنه الاستراتيجي دوليا وإقليميا عامل نوعي مستجد ومعترف بتأثيره الكبير في العالم والمنطقة وما كان متاحا لولا صمود سورية وقيمته الاستراتيجية فهو منطلق نهوض القوة الروسية العظمى كحقيقة عالمية قاهرة.

ثانيا نجاح محور المقاومة في تطوير قدراته وبناء معادلات جديدة في ردع الكيان الصهيوني بتحويل التهديد إلى فرصة من الميدان السوري واستنادا إلى صمود سورية وقواتها المسلحة التي دحرت عصابات الإرهاب وحررت معظم المناطق السورية بالشراكة مع الحلفاء وبينما استعادت مقدراتها الدفاعية وطورتها بدعم ومساندة الحلفاء الكبار.

ثالثا فرض محور المقاومة توازنات جديدة في المنطقة انطلاقا من ملاحم القتال التي خاضها في سورية ضد الغزوة الاستعمارية الصهيونية الرجعية وما حققه ذلك من فرصة لتوسيع المحور بروافد مجربة بصلابتها وقدراتها في العراق واليمن وباتت رصيدا مضافا في أي حرب قادمة بين المحور والحلف الإمبريالي الصهيوني الرجعي.

رابعا تفكك حلف العدوان وانقساماته وتراجع قدراته بصورة ساحقة فقد نخرت هذا الحلف تباينات وصراعات نتجت عن الشقوق والصدوع التي اورثتها هزائمه الكبرى في سورية أمام صمود الشعب والجيش والقائد ويمكن أن نصنف في هذا الميزان التعارض الأميركي التركي المتفاقم بينما عصف الانقسام بصفوف الحكومات الرجعية العربية التي تبارت في تمويل العدوان واحتضان واجهاته وفصائله الإرهابية والمؤشرات كثيرة في الصراع السعودي القطري والتمايز الكويتي والعماني والإماراتي اتجاه سورية.

خامسا دوليا تفكك الحلف الذي قادته الولايات المتحدة وتخطى التسعين حكومة في بداية العدوان بينما تتبدل مواقف حكومات كثيرة تتسابق إلى طلب ود القيادة السورية وتتبارى سرا وعلنا في ترميم العلاقة بدمشق الثابتة عند مبادئها التحررية الاستقلالية وخيارها التحرري المبدئي المقاوم.

سادسا من الواضح تماما ان ميسرة الخلاص الوطني التي يقودها الرئيس بشار الأسد تكثف جميع معاني الاستقلال والكرامة القومية وهي تتقدم على الأرض بتضحيات جليلة للجيش العربي السوري وحلفائه بينما تتراجع ادوات العدوان وتندحر وما تزال المسافة التي تفصلنا عن النصر القادم حافلة بالصعوبات والتضحيات التي زاد الحصار الاستعماري من وطأتها لكن إرادة التحرر الوطني السورية ستتكفل بحسم الأمور في ميعاد يقترب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى