مواقع التواصل تحت الرقابة والقمع
غالب قنديل
تمجد الخرافة الأميركية الفصل الراهن من ثورة الاتصالات وما نتج عنه من هوامش التعبير عن الرأي عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتنتشر بالفعل سلوكيات جماهيرية جديدة تبدل من مفاهيم العملية الإعلامية بعد ظهور الفرد المراسل والمعلق وصاحب الموقف وبينما يذهب بعض الخبراء إلى اعتبار ذلك أداة قياس جديدة للرأي العام ووسيلة تأثير في تكوينه يرى البعض الآخر ان في هذه الظاهرة تزييف عشوائي لفكرة الرأي العام وقياسه لكن ثمة وجها آخر في كل ذلك يتصل بحقائق الصراع بين الشعوب وحركات التحرر من جهة والهيمنة الاستعمارية الغربية وأدواتهامن جهة اخرى فمن نافل القول ان تدخلات سافرة تجري لتدجين الرأي العام ولمحاصرة نزعات التحرر من خلال القواعد الصارمة التي تزحف على شبكات التواصل بإشعار اميركي صهيوني.
الحقيقة النافرة هي نقيض الغلاف الترويجي كليا فما ما يدور على مواقع التواصل يخضع للرقابة والتفتيش وكل ما ينشر تجري معاينته ولو متاخرا لأشهر او سنوات بعين اميركية صهيونية فاحصة وبواسطة برمجيات حديثة يجري تلقيمها بالأسماء وبالتعابير التي تستدعي المراقبة وهو ما بات متاحا وممكنا بحث تصدر برامج الرقابة إشعارا عن النص وصاحبه ومكان إقامته وتاريخ وتوقيت استعماله لكلمة او عبارة تثير “الشك” في ترويجه لفكرة ممنوعة كذكر السيد حسن نصرالله قائد المقاومة او ككلمة فلسطين والمقاومة وطبيعي ان يستهدف المنع فكرة المقاومة والتحرر والاستقلال في الشرق العربي كما تحتفظ اجهزة الاستخبارات الأميركية والصهيونية وحليفاتها في المنطقة بجيوش إلكترونية تطارد الحروف والكلمات وتستخدم أسلوب التبليغ المتواصل عن جميع الحسابات المناهضة التي تحظى بالتفاعل الواسع وبالانتشار على سائر مواقع التواصل الاجتماعي.
في التجارب المتعددة التي خاضها الوطنيون في التعامل مع مواقع التواصل نكتشف ان حظرالعديد من الحسابات ومنع أصحابها من التعبير لفترات زمنية يجري عقابا على نشر شعار او نقل مقال او كلمة او تحية أو عبر تعميم صورة لهذا القائد المقاوم او ذاك من لبنان أو سورية او إيران او اليمن.
صفحات التواصل هي بالفعل مستعمرات تحت الرقابة المشددة وحرية التعبير كذبة ترويجية بائسة يمكننا استثمارها ضمن حدود الهوامش التي يتيحها المراقبون وفي حدود تقدير الجهات الاستخبارية المعادية لمدى خطورة آرائنا على خططها ومشاريعها وقد ارتأيت في هذا المقال إيراد شيء عن تجربتي الشخصية.
أستخدم الفيس بوك والتويتر منذ سنوات طويلة وبدأت النشر على الفيس بواسطة حسابين لاستيعاب تضخم طلبات الصداقة وتعرض الحسابان خلال السنوات الأخيرة لهجمات متلاحقة ولقرصنة استخباراتية واستعدتهما بفضل مساعدة تقنية صديقة اما القراصنة فكانوا موزعين في لبنان والمنطقة والعالم وفي كل مرة كنا نكتشف مصدرا جديدا للهجمات والتبليغات من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والمملكة السعودية وتركيا اما على تويتر فقد التهم القراصنة حساباتي بصورة متلاحقة.
قبل أيام تبلغت من الفيسبوك حظرا لحسابي يمنعني من التعبير والنشر مرتين الأولى لمدة ثلاثة أيام والأخيرة لمدة أسبوع وفي حيثيات المنع ما كتبته في ذكرى حرب تموز ومقالتي عن معادلة الردع الجديدة التي طورها قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله في حديثه عن سيناريو الزوال وما سماه الصهاينة بخطاب الخارطة.
وفي حيثيات المنع الفيسبوكية استرجاع لنصوص سابقة نشرتها تتضمن تحية لسيد المقاومة البطل وتحليلات تتناول تصاعد قدرات المقاومة ومعادلات الردع مما يفيد بان جهات استخباراتية قررت العودة إلى الأرشيف لتحاصر أفكارنا وتمنعها من التفاعل مع القراء والمتابعين وقد أرفقت مراسلة الفايسبوك بمجموعة مقالات منها :معادلات نصرالله ورسائل الردع الجديدة ومقالة وعد نصرالله الجديد حافة الزوال بل وحتى تعابير نشرتها سابقا تضمنت مثلا تحية للزميل عماد مرمل على الحوار الذي اداره مع قائد المقاومة ذريعة الفايسبوك هي تبليغات تصف المقالات والمواقف المشكو منها بالتطرف.
نعرف مسبقا ان الحدود الأميركية للتعايش مع حرية الراي والتعبير هي عدم المس بالكيان الصهيوني وعدم المساهمة في تراكم المزيد من المناصرين لمعسكر المقاومة والتحرر وندرك جيدا شراكة الاستخبارات الأميركية في إدارة الفايسبوك وتويتر كما نعرف حجم الصفقات الأرشيفية التي أبرمت بين شركات التواصل واجهزة الاستخبارات ووقعت علنا في احتفالات أقيمت بمدينة نيويورك وكرست تسليم أرشيف المشتركين وبياناتهم لأجهزة المخابرات الأميركية مما يعرض سلامة الملايين وامنهم للخطر خلافا لجميع التعهدات الخاصة بحماية الخصوصية الفردية للمشتركين فكل القواعد تنتهك لعيون الصهاينة وهذا عرف اميركي دائم ومستمر وعلينا من جانبنا تحمل كلفة هامش التعبير المحتمل تحت هذا الحصار القمعي بينما تتيح البلدان الحرة المتمردة على الهيمنة فضاءات تعبير خارج السيطرة الأميركية الصهيونية ويتفاعل الناس من خلال شبكات تواصل وطنية مستقلة وهذا ما يجري في الصين وإيران على سبيل المثال لا الحصر.
تدير الاستخبارات الأميركية الصهيونية الرجعية عملية تعقيم متواصلة خشية توسع تيار المقاومة والتحرر عبر جميع وسائل الإعلام التقليدية والحديثة ومنها شبكات التواصل الاجتماعي ومن جهتنا سنثابر على خوض الصراع من وجهة نظرنا ومن موقعنا التحرري المقاوم المعادي للهيمنة الاستعمارية الصهيونية فلن يسكتونا عن نصرة فلسطين وخيار التحرير من البحر إلى النهر ولا عن نشر فكرة المقاومة والنضال ضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية ولن ننثني عن تمجيد مواقف محور المقاومة وقادته ورموزه ما بقي فينا عرق ينبض وليشربوا البحر كما قال الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ونحن في غمرة ذكرى انتصار تموز المجيد.