عن تل ملح: حميدي العبدالله
معركة تحرير بلدة تل ملح التي وصفها «المرصد السوري» المعارض بالبلدة الاستراتيجية، لا يمثل بذاته الحدث الأهمّ والأعظم في معركة تحرير إدلب. نجاح الجيش السوري بتحرير هذه البلدة من الجماعات الإرهابية تكمن أهميته في جوانب أخرى تتعدّى عملية تحرير هذه البلدة واستعادتها، وتأمين المناطق المحيطة بها.
تحرير تل ملح ينبع من كون الجماعات الإرهابية اعتبرت أولاً، السيطرة على البلدة من قبلها، حيث سقط ما يُعرف بقائد جيش العز الإرهابي الساروت في هذه المعركة مسألة تنطوي على دلالة رمزية، لا سيما بعد التقدّم الكبير الذي حققه الجيش السوري في بداية معركة تحرير إدلب عندما حرّر قلعة المضيق وبلدتها وكفرنبودة وأكثر من 17 قرية أخرى.
الجماعات الإرهابية كانت تروّج لمقولة مفادها أنّ سيطرتها على تل ملح قد أفشلت عملية تحرير إدلب، أو على الأقلّ قد أوقفتها، وثمة من صدّق هذه الادّعاءات، وراح ينسج الروايات حولها، مع العلم أنّ سيرة معارك تحرير مناطق سورية أخرى هامة كانت خاضعة لسيطرة الإرهابيين عكست سيناريوات مماثلة لسيناريو ما يجري على جبهات إدلب، حيث تقوم الجماعات الإرهابية ومن يدعمها بحشد كلّ إمكاناتها على خطوط التماس الأولى وتستميت في الدفاع عن مواقعها وتحصينات في خطوط التماس الأولى مع الجيش السوري، وعملية استنزاف المجموعات الإرهابية وتحييد عناصرها وكوادرها وقوات النخبة فيها تقود إلى استمرار المعارك لفترة أسابيع، وربما أشهر قليلة، ولكن عندما تفقد الجزء الأكبر من عناصر الاقتحام تتراجع قدرتها على الصمود والمواجهة، ويحدث تقدّم الجيش العربي السوري، ويحصل بعد ذلك الانهيار، وتتقدّم قوات الجيش بعد انهيار التحصينات الأولى وتراجع الروح القتالية لدى الإرهابيين بخطى سريعة لتحرير مناطق واسعة.
هذا السيناريو الذي تكرّر في معارك حلب ضدّ الجماعات الإرهابية المدعومة من تركيا، وفي ريف حلب الشرقي ضدّ تنظيم داعش، يتكرّر اليوم في إدلب، وتل ملح والجبين، تمثل العقدة التي تستغرق الوقت الأطول من المعارك، وعندما يتمّ تحرير تل ملح والجبين، حيث حشدت الجماعات الإرهابية، بدعمٍ من تركيا، كلّ قواتها وقدراتها العسكرية، فهذا يعني أنّ لحظة انهيار تحصينات الإرهابيين في خطوط التماس، وتراجع قدرتهم على الصمود في وجه زحف الجيش السوري مثلما جرى في تل ملح بعد معركة استمرت حوالي شهر، حيث يمكن الاستنتاج بوضوح أنّ قدرات الإرهابيين قد استنزفت ولن يطول الوقت الذي نشاهد فيه تقدّماً سريعاً لقوات الجيش السوري نحو مواقع أخرى محصّنة في محيط محافظة إدلب مثل خان شيخون ومورك ومواقع أخرى ما أن يتمّ تحريرها حتى يقترب الجيش بسرعة أكبر نحو خلق توازن ميداني يفتح أفق عودة إدلب إلى كنف الدولة بالحسم العسكري أو بالمصالحة.
(البناء)