تحليل إسرائيلي: “خلاف إستراتيجي” بين الإمارات والسعودية
أرجع تحليل إسرائيلي إعلان الإمارات “إعادة انتشارها” في اليمن إلى “خلاف إستراتيجي” بين الإمارات وبين السعوديّة، لا يقتصر على اليمن، إنما يمتدّ إلى السياسة، وأبرز ساحاتها: العاصمة الأميركيّة واشنطن.
وقال محلّل الشؤون العربية في صحيفة “هآرتس”، تسفي برئيل، إن الخلاف هو في طلب السعوديّة أن تتركّز عمليات التحالف السعودي – الإماراتي شماليّ اليمن، حيث معاقل الحوثيين وتنطلق من هناك الهجمات ضد مطاري جيزان وأبها، بينما تولي الإمارات أهميّة أكبر للسيطرة على جنوبيّ اليمن، وخصوصًا على مطار عدن.
وأشار برئيل إلى دعم الإمارات، التي يقودها وليّ عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، “بشكل مقصود”، سياسيًا وعسكريًا. يذكر أن المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى إلى إعلان استقلال اليمن الجنوبي عن اليمن، بعدما توحّدا في تسعينيّات القرن الماضي.
وادّعى برئيل أن الرئيس اليمني المعترف به دوليًا، عبد ربه منصور هادي، “موجود تحت الإقامة الجبريّة في الرياض على ما يبدو”. وكان هادي عزل الزبيدي من منصبه محافظًا لعدن، في نيسان/ أبريل 2017، أي قبل أشهر من إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو ما سبّب تظاهرات في عدن سيطر الزبيدي، على إثرها، على مدينة عدن بالكامل، علمًا بأن هادي كان قد أعلنها “عاصمة مؤقتة للبلاد” بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة، صنعاء، في أيلول/ سبتمبر 2014.
وبحسب برئيل “الاشتباه هو أن الإمارات تسعى لإقامة دولة مستقلّة جنوبيّ اليمن، على أن تكون تحت رعايتهم، ما يعني سيطرتهم على مضيق باب المندب وعلى حركة تجارة النفط في البحر الأحمر، التي تمر فيه، يوميًا، قرابة 4 ملايين برميل نفط“.
غير أن “إعادة الانتشار” الإماراتيّة في اليمن، يقول برئيل إنها أقرب إلى الانسحاب الكامل وترك السعوديّة لوحدها هناك، “وعلى ما يبدو، فإن بن زايد سئم من المعارك غير المجدية في اليمن التي تهدّد بلاده (الإمارات)” ولفت إلى الضغوط التي يمارسها عليه حكّام الإمارات الأخرى غير أبو ظبي، بسبب “الخشية من أن مواجهة عنيفة بين إيران والولايات المتحدة والسعوديّة من المحتمل أن تجعل الإمارات هدفًا لهجوم إيراني“.
لكنّ أسباب الانسحاب ليست عسكريّة فقط، “فهناك اعتبارات سياسيّة، هي أن الإمارات لا تريد أن تبدو وكأنها في رزمة واحدة مع السعوديّة، الموجودة في عين عاصفة الساحة السياسية الأميركيّة”، بحسب برئيل، الذي أضاف أنّ “الصراع المتزايد بين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وبين الكونغرس حول صفقات السلاح للسعوديّة، وصل ذروته مع قرار ترامب الالتفاف على قرار الكونغرس تجميد صفقة تقدّر بثمانية مليارات دولار. والآن يواجه ترامب مشروع قانون جديدًا، هدفه كبح إمكانية الالتفاف هذه“.
وينصّ مشروع القانون الأميركي الجديد على فرض عقوبات على السعوديّة بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان، ومسؤوليّة ولي العهد، محمد بن سلمان، عن جريمة اغتيال الصحافي البارز، جمال خاشقجي، العام الماضي، وبسبب الحرب في اليمن، التي تعتبرها الأمم المتحدة، الآن، الكارثة الإنسانيّة الأكبر في العالم، لكنّ هذه العقوبات، وفق برئيل، “تصريحيّة ولن تكون مثل العقوبات على إيران أو سورية”، ومن ضمن هذه العقوبات سيكون منع دخول مسؤولين كبار في السعوديّة إلى الولايات المتحدة.
وتخشى الإمارات، بسبب “تورطها العميق” في حرب اليمن، بحسب برئيل، من أن تتحوّل إلى “دولة هدف” تفرض عليها عقوبات أميركيّة، “من الناحية الإماراتيّة، من الأفضل أن تبدو حرب اليمن كحرب بن سلمان الشخصيّة“.
ولفت برئيل إلى أنّ “العلاقات المتوترة بين ترامب والكونغرس من جهة، وبين السعوديّة والإمارات من جهة أخرى، والخصومات الداخلية بين الحكومة اليمنيّة المعترف بها دوليًا وبين المجلس الانتقالي الجنوبي، تترك انطباعًا متشائمًا من أنه يمكن التوصل لحلّ سياسي يوقف الحرب التي أوقعت ما لا يقلّ عن 50 ألف قتيل وتركت ربع مليون يمني مشرّدين“.ونقل برئيل تقديرات أميركيّة “بأن مساعدات عسكريّة إضافية للسعوديّة والإمارات لن تؤدي إلى حسم عسكري في اليمن، وأن الحل، إن وجد، فهو في أروقة الأمم المتحدة”.