كنعان: تقصير حكومي فاضح بعدم احالة قطوعات الحسابات على مجلس النواب
عقد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان مؤتمرا صحافيا في المجلس النيابي، عرض فيه نتيجة عمل اللجنة خلال بحثها مشروع قانون موازنة العام 2019 والتعديلات التي توصلت اليها، في حضور النواب: سليم عون، علي فياض، نقولا نحاس، الان عون، ياسين جابر، جميل السيد، غازي زعيتر، جهاد الصمد، علي عمار، انور الخليل وعدنان طرابلسي.
وقال النائب كنعان في مؤتمره: “لقد اتصل بي البعض من المسؤولين عن وسائل الإعلام متسائلا عما ستتحدث بعدما التقيناك بصورة شبه يومية على امتداد شهر من الزمان، فتحدثت قبل الظهر وبعده عما أحرزته لجنة المال والموازنة من تقدم على صعيد درس مشروع قانون موازنة العام 2019، لدرجة خيل إلينا أن ما من جديد يمكن التحدث عنه. فلماذا دعوتنا إذن إلى هذا المؤتمر الصحافي؟”.
اضاف: “إليكم يا ممثلي وسائل الإعلام، وعبركم إلى الشعب اللبناني الذي أولاني وزملائي من أعضاء لجنة المال والموازنة وسواهم، شرف تمثيله تحت قبة البرلمان لنشرع ونراقب ونحاسب باسمه ولصالحه، نقدم كشف حساب عما أنجزنا، لأن من حق هذا الشعب علينا أن يكون على بينة مما نفعل، لا سيما في موضوع شديد الأهمية، عنيت به موازنة الدولة. فلكم يا ممثلي وسائل الإعلام وللشعب اللبناني عبركم أقول بأن الرقابة البرلمانية السليمة والفاعلة تبدأ من الموازنة، كإجازة للجباية والإنفاق، وبالتالي لترشيد الإنفاق والكشف عن مكامن الهدر فيه وعن التهرب والكتمان في مطارح الإيرادات، وتنتهي بإبراء الذمة عن طريق إقرار الحسابات المالية السنوية، فيتكرس حق الشعب في الرقابة على أعمال الحكومة المالية عبر ممثليه في البرلمان، كما تقضي أصول الديموقراطية البرلمانية. وهذا ما حاولنا القيام به خلال درس مشروع موازنة العام 2019”.
واشار كنعان الى أن “درس مشروع هذه الموازنة قد أنجز، وتقرير لجنة المال والموازنة بشأنه سيسلم قريبا إلى دولة رئيس مجلس النواب، وإدراجه على جدول أعمال جلسة مقبلة للهيئة العامة قد أصبح على قاب قوسين أو أدنى، حتى ولو جاء متأخرا، لا لتقصير من اللجنة التي درسته، بل لأنه ورد من الحكومة متأخرا لمدة سبعة أشهر عن المهلة الدستورية”.
وتابع: “وهنا أسمح لنفسي بأن أنوه بجهود زملائي أعضاء لجنة المال والموازنة على مثابرتهم، وبجهود سائر الزملاء النواب الذين كادوا بحضورهم الكثيف ومشاركتهم الفاعلة أن يشكلوا مع أعضاء اللجنة هيئة عامة في بعض الجلسات، كما أنوه بالنقاش الجدي والبناء الذي تميزت به مداخلات جميع من حضروا، فأدى إلى النتيجة التي سأحدثكم عنها بعد قليل. والشكر الأكبر هو لدولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري على الدعم الذي وفره للجنة لتمضي في ممارسة عملها إلى أبعد الحدود”.
واعلن أن “الرقابة البرلمانية على مالية الدولة مسار يبدأ بالموازنة، كما فعلنا، وينتهي بالحسابات المالية، كما نعاهد بأن نفعل عندما تردنا حسابات مالية معدة ومدققة حسب الأصول. وإلى أن تكتمل حلقة هذا المسار، نكتفي اليوم بالحديث عن موازنة الدولة لعام 2019، كما وردت من الحكومة، وما لحق بها من قبل لجنة المال والموازنة من تعديلات”.
التخفيضات التي قامت بها اللجنة
واردف: “لقد تسلمنا مشروع موازنة بعد انقضاء أكثر من سبعة أشهر على المهلة الدستورية المحددة لتقديمه إلى المجلس النيابي كما تقضي أحكام المادة 83 من الدستور. وتسلمنا مشروع موازنة يتضمن مشروع قانونها تسعا وتسعين مادة لا يدخل منها في النطاق المحدد لقانون الموازنة بموجب المادة الخامسة من قانون المحاسبة العمومية سوى إحدى عشرة مادة على الأكثر، ولم يقترن معظمها بأي أسباب تبريرية مقنعة. وبالرغم من ذلك، ولكي لا تتهم لجنة المال والموازنة بأنها تعرقل العودة إلى المسار المالي السليم، أنجزت اللجنة درس مواد مشروع القانون بكاملها، واتخذت بشأنها القرارات المناسبة. وتسلمنا مشروع موازنة يمس لأول مرة بالمعاشات التقاعدية ويفرض رسوما على مواد استهلاكية تطال جميع المواطنين وحتى على تدخين النارجيلة. وتسلمنا مشروع موازنة اعتبرت الحكومة بأنها خفضت نسبة العجز فيه إلى 7,59%. (بالرغم من التساؤلات التي كثرت في المرحلة الأخيرة حول بعض الإيرادات الأساسية التي لحظت فيها، كاستبدال الدين بفائدة أقل، والرسم الجمركي ال2% على البضائع المستوردة)”.
واكد كنعان ان “لجنة المال والموازنة آلت على نفسها أن تقوم بجهد استثنائي لتخفيض قيمة العجز في الموازنة ونسبته، مع أخذ الهم الاجتماعي بالاعتبار.. وكان لها ما أرادت. فخفضت النفقات بأكثر من /550/ مليار ليرة، (والذي شكل ضمانة لأي اختلال في تقديرات الحكومة الاساسية). وقد التزمت لجنة المال فعليا لا كلاميا بما سبق واعلنته، لجهة عدم شطب أي ايراد من دون تقديم ايراد بديل. ومن هنا، فقد اقترحت اللجنة إحداث إيرادات إضافية من البناء المستدام أو البناء الأخضر بما يعادل /200/ مليار ليرة، كما اقترحت احتساب إيرادات سبق إقرارها بإقرار تسوية مخالفات البناء، بحوالى /200/ مليار ليرة، أي ما مجموعه /400/ مليار ليرة. ما يؤسس إلى تخفيض نسبة العجز إلى 6,59% من الناتج المحلي. وتبقى العبرة في التنفيذ الذي تسأل الحكومة عنه لأنها هي من قدرت الإيرادات التي اقترحتها وهي المسؤولة عن التحقق والتحصيل”.
ولفت الى أن “اللجنة قطعت على نفسها عهدا أمام الرأي العام، بالتدقيق في الاعتمادات حتى لا يكون هناك اي تجاوز للقانون 46، وشطب اي نفقة مخالفة للتوظيف بعد رقابة طويلة ومضنية قامت بها على مدى 8 اشهر بالتعاون مع الهيئات الرقابية التي نوجه اليها تحية تقدير، بدءا من التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية وديوان المحاسبة، وهكذا فعلت كما وعدت. كما دققت لجنة المال ببنود الصيانة والتجهيزات والجمعيات، ودخلت الى كل ابواب النفقات الكبيرة الاستثمارية وسواها للصناديق والهيئات التي تدير مالا عاما وخضعتها للرقابة كما سبق وتعهدت أيضا”.
واعلن ان “هذه السلة وحدها أدت الى التخفيض بما يناهز التسعين مليار ليرة، وهو ما يتم التدقيق به في شكله النهائي من قبل وزارة المالية، لتبيان ما هو مرتبط بسلسلة الرتب والرواتب من عدمه. ولا بد من الإشارة، الى أنه وفي ظل وجود قانون يفرض تعليق التوظيف والتعاقد لمرحلة معينة، فلا يجوز ان ترتفع الاعتمادات في بعض الأماكن من 176 مليار ليرة الى 190 مليار ليرة، وفي أماكن اخرى من بدلات الأتعاب التي ارتفعت من 11،5 مليار في العام 2018 الى 12،5 مليار في العام 2019”.
وقال: “أكرر أخيرا بأن الرقابة البرلمانية مسار كما قلت، ونحن سلكنا هذا المسار، ومستمرون فيه من موقعنا البرلماني كلجنة مال وموازنة. وهذا شرف لا أنسبه لنفسي وحدي، بل إلى التوافق التام بين أعضاء اللجنة ومعظم الزملاء الذين شاركوا في اجتماعاتها، فكانت النتيجة التي توصلنا إليها. وقد كان رائدنا في عملنا، كأعضاء لجنة ونواب مشاركين، المثل القائل: “خير لك أن تضيء شمعة مرة من أن تلعن الظلمة ألف مرة”. آملين أن تنير شمعتنا دروب الراغبين في سلوك مجاهل المالية العامة والرقابة البرلمانية السليمة والفاعلة، وأن تكون درسا للمشككين في الداخل والخارج بأن الإرادة المصممة على الإصلاح قادرة على صنع المعجزات”.
وختم كنعان بالقول: “أما ونحن في شهر تموز، نطالب الحكومة، منذ اليوم، ومن دون اي تأخير، بالشروع في إعداد مشروع موازنة العام 2020 ليكون أمام المجلس النيابي في المهلة الدستورية، أي في تشرين الأول، بما يسمح للجنة المال والموازنة القيام بعملها الرقابي والتدقيقي كما يجب وحيث يجب، وبما يؤمن استكمالا للمسار الذي بدأناه في هذه الموازنة وما سبقها، وننبه الحكومة بأنها وحتى ولو كانت حكومة وحدة وطنية، فهي لن تختذل مراقبتنا وموقفنا ودورنا”.
وردا على سؤال عن السير بالتعديلات التي قامت بها اللجنة في الهيئة العامة، قال كنعان: “ما لا نتمناه هو الالتفاف على العمل الاصلاحي الذي قمنا به في الهيئة العامة، لأنه ليس ملكا للجنة المال بل لجميع اللبنانيين. وأتوقع تنويه الحكومة بما قمنا به، لا سيما اننا نعتبر أن هناك تكاملا مع الحكومة وقد حصنا العمل الذي قامت به”.
وحول الحسابات المالية، قال: “هناك تقصير دستوري فاضح من الحكومة بعدم احالة قطوعات الحسابات حتى الآن الى المجلس النيابي، واسألها عن اسباب عدم اعطاء ديوان المحاسبة الامكانيات للتدقيق بها. فقد جرى التعاقد والتوظيف مع الآلاف خلافا للقانون 46، فيما الشغور مستمر في ديوان المحاسبة وأجهزة الرقابة. والجميع يعلم اننا اكتشفنا في العام 2010 ان ليس هناك قطوعات حسابات مدققة وفق الأصول، وهناك 14 قرارا قضائيا صادرا في شأنها عن ديوان المحاسبة. لذلك قمنا بجهد كبير في لجنة المال منذ ذلك الحين، افضى الى لجنة تقصي حقائق اوصلت الى اعلان وزارة المالية عن انجاز الحسابات، فأين هي؟”.
اضاف: “هناك معضلة دستورية يضاف اليها عدم اجتماع الحكومة. فنحن امام حكومة لا تجتمع ولا تحول الحسابات، فيما لجنة المال انجزت عملها والمجلس النيابي دعي لمناقشة واقرار الموازنة، ما يدفعني لاستغراب المنطق الذي يقول بأن المجلس لا يقوم بواجباته”.
وهل يمكن لفريقك السياسي السير بتسوية في حال طرحت؟ أجاب كنعان: “أتحدث كرئيس للجنة المال والموازنة النيابية لا كطرف سياسي. وكلجنة مال نرفض اي تسوية على الحسابات المالية ونريد قطوعات الحسابات. أما بعد، فلا حليف او خصم فوق الدستور. واي تفاهم او تحالف سقفه الدستور والقانون وانتظام المالية العامة، ولا سياسة على هذا الصعيد، والحكومات المتعاقبة التي كانت تضم افرقاء مختلفين، هي من لم تنجز الحسابات. ونحن لا نتهم احدا، بل نطالب باحالة قطوعات الحسابات ولا نستبق النتيجة”.