عون: المصالحة في الجبل ثابتة
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن “ما حدث في منطقة عاليه ليس عارضا ولا يجب ان يتكرر، وحرية تنقل اللبنانيين في المناطق، ولا سيما ممثلي الشعب، يجب أن تبقى مصانة“.
ولفت الرئيس عون إلى أن “المصالحة في الجبل ثابتة ولا يجب ان يخشى احد على ذلك”، وقال: “لا يجوز ان تسود لغة القوقعة من جديد، ولا نريد ان يصبح لبنان بلدا للكانتونات في ظل ما يجري في المنطقة“.
وشدد على أن “التدابير التي اتخذت في اجتماع المجلس الاعلى للدفاع يوم الاثنين الماضي ستنفذ، والبيان الذي صدر هو رسالة الى الجميع”، مؤكدا “وجوب تقديم مرتكبي الاحداث الاخيرة الى القضاء لتأخذ العدالة مجراها الطبيعي“.
كلام رئيس الجمهورية جاء في خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش، مع وفد من أعضاء المجلس الأبرشي العام واللجان العاملة في الابرشية، في حضور وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي والنائب ميشال ضاهر.
في مستهل اللقاء تحدث المطران درويش فقال:” عندما نخاطبكم او نكون في حضرتكم فإنما نخاطب فيكم مزِيتين: الاولى مزية ابن المؤسسة العسكرية الضابط، والمنضبط وصاحب القرار. أما الثانية فهي مزية رجل الدولة الرؤيوي الذي يجمع بين الحزم والحكمة في تقدير مصلحة الوطن، حيث الدستور هو المرجع وحيث روح الدستور هي المُفاعل المعياري الخلاق. لذلك نطمئن رغم الانواء، لأن ربان السفينة المتشبث بالبوصلة مصمم على السهر حتى الرسو على شاطئ الامان، ومن بعد الامان على انطلاق ورشة التأهيل الكبرى لدولة حديثة لا يخفق فيها الى جانب العلم المفدى سوى نبض المواطنة، حتى يُقبل المواطنون على صنع غد جديد مشرق عنوانه تثبيت السلم الاهلي والتنافس على الخير العام والغنى الروحي وتسديد كامل الدين من اجل الانطلاق نحو البحبوحة والازدهار“.
أضاف: “نحن ندرك ان لبنان كله في قلبك، بل المشرق كله. لكننا نأمل عناية استثنائية بزحلة وخصوصيتها، بل بسهل البقاع الفسيح، المحتاج الى مشاريع انمائية على الصعد كافة، ونسُوق مثالا على ذلك، الجامعة اللبنانية حيث بات لها مجمعاتها في المناطق كافة، باستثناء البقاع. لذلك نثق بأن يكون لهذا الشأن الحيوي متابعة حثيثة من السلطة التنفيذية لوضع القرارات المتخذة على هذا الصعيد موضع التنفيذ. كما يعنينا في سياق التصدي للأولويات الملحة ان يراعى الوضع الصحي البالغ الحساسية في المستشفيات اللبنانية التي يوشك بعضها على الاقفال بسبب انتفاء القدرة على التكيف مع العجز المتراكم والمتفاقم منذ سنوات عديدة، من دون ان ننسى الجهود الميدانية الحثيثة التي يبذلها معالي وزير الصحة مع الفريق الوزاري المختص على هذا الصعيد“.
وأشار إلى أن “الوفد جاء لشكر الرئيس عون على رؤيته الثاقبة للبنان، بلد الرسالة. ولدعوته لرعاية هذه السنة عيد الابرشية في الخامس عشر من شهر آب وهو عيد سيدة الانتقال، اضافة الى حضور تدشين المطرانية بعد اعادة تأهيلها“.
وقال: “اطلعنا اليوم عبر وسائل الاعلام على رسالتكم الموجهة الى شبيبة لبنان، انها وثيقة مهمة تضع شبيبتنا في موقع المسؤولية، ومن جهتنا سنوزع هذه الوثيقة على جميع ابنائنا وبناتنا في الابرشية وستكون موضوع درس في مؤتمر شبيبة كنيستنا الذي سينعقد في الربوة خلال شهر آب القادم“.
وختم: “فخامة الرئيس نشد على ايديكم ونبتهل الى الله ان يسدد خطاكم ويمنحكم الصحة والعافية لما في مصحة لبنان ومنعته واستقراره.”
ورحب الرئيس عون بالوفد، واعرب عن سروره بالدعوة التي وجهت اليه، متمنيا التوفيق لأبناء رعية الروم الملكيين الكاثوليك في البقاع.
ثم تطرق أمامهم إلى الأحداث الأخيرة في عاليه، وما خلفته من تداعيات داخلية، فأكد أن “ما حدث ليس عارضا و يجب ألا يتكرر، وحرية تنقل اللبنانيين في المناطق يجب أن تبقى مصانة، “فكيف بالحري حرية تنقل ممثلي الشعب من وزراء ونواب يمثلون الأمة اللبنانية، خصوصا اذا كان تنقلهم في المنطقة التي انتخبوا فيها“.
وقال: “لن نسمح لأحد بأن يكمل في هذا المسار في أي منطقة لبنانية كان وعند أي مكون طائفي. ولبنان سيظل موحدا، واتمنى على الجميع ان يؤكدوا على ذلك في كل مناسبة“.
أضاف: “اذا أرادت الأحزاب أن تتمسك بطابعها الطائفي فلبنان الى زوال. المنطقة كلها تواجه خطر التقسيم، ولا نريد ان يصبح لبنان بلدا للكانتونات في ظل ما يجري فيها. المصالحة في الجبل ثابتة ولا يجب ان يخشى احد على ذلك. وما حصل في العام 1983 لن يتكرر اليوم“.
وأكد العمل على “توحيد لبنان سياسيا”، مشيرا الى تصميمه “على ازالة نتائج الحرب الاهلية من النفوس وعلى الارض“.
وشدد رئيس الجمهورية على ان “التدابير التي اتخذت في اجتماع المجلس الاعلى للدفاع يوم الاثنين الماضي ستنفذ، والبيان الذي صدر هو رسالة الى الجميع، مؤكدا على وجوب تقديم مرتكبي الاحداث الاخيرة الى القضاء لتأخذ العدالة مجراها الطبيعي، وهذا ما سيحصل دائما“.
على صعيد آخر، استقبل الرئيس عون نائب بيروت العميد المتقاعد انطوان بانو، واجرى معه جولة افق تناولت الاوضاع السياسية والتطورات الاخيرة، ومداولات لجنة المال والموازنة، لا سيما في ما خص المتقاعدين. كما تطرق البحث الى حاجات مدينة بيروت عموما والدائرة الاولى فيها خصوصا.
وعرض الرئيس عون مع الوزير السابق ناجي البستاني الوضع العام في البلاد والتطورات الاخيرة التي شهدتها منطقة عاليه وردود الفعل عليها. واوضح البستاني انه مهما يحصل، تبقى الدولة الملاذ الاول والاخير، والقانون الحكم والفيصل الذي يصون الحريات ويؤمن الحقوق، “فالجبل هو للجميع ومن الجميع، فيه يتجلى النسيج اللبناني بتنوعه وخصوصياته، الكل مسؤول عنه وفيه، خصوصا في الوضع الدقيق اقليميا ودوليا وما يتلازم معه من استحقاقات مهمة واحداث داهمة. وقد اكد لي فخامة الرئيس على انه سينتقل هذه السنة الى قصر بيت الدين، وهذا ما سيسعد الجميع لان في حضوره رمزية، ولانعقاد مجلس الوزراء فيه ابعاد وطنية“.
وفي قصر بعبدا، مندوب لبنان الدائم لدى الامم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف السفير سليم بدوره، الذي اطلع رئيس الجمهورية على عمل المنظمات الدولية في الفترة الراهنة وعلاقات لبنان معها في كافة المجالات”.