الصفقة نامت في المنامة.. إلى حين! د. عبد الحميد دشتي
حذرنا العربان منذ أن أُعلنت (ورشة البحرين) بأنها خطوة عملية للتطبيع مع (اسرائيل) وبيع القضية الفلسطينية، وقلنا بأنها أكثر خطورة من وعد بلفور وسايكس بيكو ونكبة الـ 48 التي شردت الشعب الفلسطيني في الدول العربية، لكن مثل هذه الورشة ستكون تكريساً ليهودية الدولة والقضاء نهائياً على أي فرصة للسلام، وإذعاناً لتوطين الفلسطينيين في الدول العربية وخصوصاً شمالي سيناء والأردن ولبنان وغيرها.
ولقد تم اختيار البحرين كأصغر وأضعف دولة عربية بعد أن تم استبدال شعبها والزج بالمعارضين في المعتقلات، وكذلك لتبعيتها الكاملة للسعودية التي تطبع مع الكيان العبري منذ تأسيسه.
ورغم رفض الشعوب العربية الحرة، عُقدت الورشة على استحياء وتحت مسميات مختلفة تحت عنوان (فرصة القرن)، أو (السلام من أجل الازدهار) كما ادعى عرَّابها (حفيد هرتزل) كوشنير الذي اعترف بأن دولاً عربية ساهمت في وضع الخطة الاقتصادية.
صحيح أن هذه الورشة انتهت، لكن مفاعيلها سوف تظهر تِباعاً، ومن هذه المفاعيل أن أميركا والكيان العبري والمخططين لن يترددوا عن القيام بأي عملية مقنعة لتكريس الأمن (الاسرائيلي)، وهذا لن يتأتى إلا بتفتيت دول الصمود العربية بناءً على خطط تستكمل موجة ثورات الربيع العربي التي دمرت الدول التي حدثت فيها، عدا الرقم الصعب سورية العروبة الصامدة التي تستكمل تحرير كامل ترابها بصرف النظر عن أي تطور أو مستجد وكذلك حال الحلفاء إيران والمقاومة.
لقد كانت معظم الدول العربية تتحضر للمشاركة في هذه الورشة، لكن ما غير مواقفها هو التهاوي الأميركي الذي أحدثه سقوط الطائرة المسيَّرة التي أثبتت للعالم أن أميركا ليست سوى نمر من ورق وأنها غير قادرة على حماية مصالح دول النفط التي كانت تعول على هذه الحماية ضد إيران، مع أن إيران لا تشكل خطراً على أي دولة عربية لكنها بالتأكيد هي الخطر الأكبر على (اسرائيل) والقواعد الأميركية في الخليج.
وهنا أدرك مهرج البيت الأبيض ترامب الذي يتهيأ لتجديد ولايته أنه لم يعد قادراً على ابتزاز دول النفط بذريعة الحماية، ولهذا تقافز في مواقفه وتصريحاته الابتزازية من التهديد بإبادة إيران إلى الإعلان عن عدم اهتمامه بالنفط وممراته باعتبار أن 90% منه يذهب إلى الصين وروسيا، فكل ما يهمه هو المال الخليجي الذي يرى فيه إنقاذاً للاقتصاد الأميركي، إلى الاستماتة للتفاوض مع إيران، ولم يعد هذا المهرج يعرف إلى أين يسير بدولته الآيلة للسقوط وهو يرى أن صلاحياته الرئاسية تتآكل في قرارات الحرب وبيع السلاح إلى الدول التي تشارك في العدوان على اليمن.
لقد بلغ الضعف الأميركي لدرجة أن البيت الأبيض يتخذ قرار ضرب إيران ثم يتراجع بعد عشر دقائق، لكن الحقيقة تفيد أن الضربة كانت مقررة قبل إسقاط الطائرة، وتم إلغاؤها بعد إسقاطها.
ضمن هذه الأجواء المضطربة والمعقدة عقدت (ورشة البحرين) التي أُريد لها أن تكون نقطة تحول تاريخية في الصراع العربي-الاسرائيلي، لكن من الطبيعي أن تفشل فشلاً ذريعاً، وأن تتم تغطية هذا الفشل حتى يحين الوقت المناسب، بعد الوصول إلى مفاوضات مع إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي وهذا هو المهم للحفاظ على الأمن الاسرائيلي، فهي تدرك أن أي حرب ستدخلها (اسرائيل) ضد المقاومة أو سورية ستكون حرب وجود تجر العالم إلى حرب عالمية ثالثة ستكون الصين وروسيا على رأس المشاركين فيها ولن يبقى بعدها أي عرش عربي.
لقد اعترف كوشنر بأن (الرخاء) لا يمكن أن يكون ممكناً دون حل سياسي عادل، غير أن السياسة لا يبدو أنها موجودة في الذهنية الأميركية في الفترة المتبقية من ولاية ترامب.
وإن غداً لناظره قريب…