الخاصرة الرخوة ليست وطنا سيدا
غالب قنديل
رغم كل شيء نتفاخر به من معالم بطولات المقاومة ومجدها في ردع العربدة الصهيونية فبلدنا العظيم هو ممر مستباح للعدو الذي هزمناه بمقاومتنا وبينما كانت سكاكين بعضنا في ظهور المقاومين تتربص بهم وأبواق ومنابر كثيرة تحرض ضدهم وتجادل في انتصاراتهم.
كان بعضنا يستفز من استعمال بعض الكتاب لتوصيف لبنان بالخاصرة السورية الرخوة في العقود الماضية فنحن وطن الأرز كيف نكون مجرد خاصرة يخترقها الأجانب والصهاينة بأدواتهم للتسلل إلى سورية التي حكم القدر الجغرافي والتاريخي ان تكون مدانا الواسع وممر شرايين حياتنا؟!.
في الحرب الاستعمارية الأخيرة على سورية يتأكد اكثر من أي وقت مضى مبدأ الخاصرة الرخوة التي يتطوع منها سياسيون وقادة احزاب لتنفيذ تعليمات دول الاستعمار الغربي وتخديم شبكات العدوان الصهيوني على سورية وتوجت وظيفة لبنان في هذا العدوان بممر جوي للغارات الصهيونية المتكررة بعدما سدت المقاومة بالشراكة مع الجيش اللبناني منافذ الخاصرة في البر.
منذ فترة غير قصيرة أغلقت الجمهورية العربية السورية اجواءها في وجه اعتداءات الطيران الحربي الصهيوني الذي يحاول التهرب من شبكات الدفاع الجوي المحدثة بالخبرات السورية او المتطورة التي تسلمتها سورية أخيرا وتكاد تكتمل عملية نصبها وتشغيلها كما تقول التقارير الصهيونية المنشورة.
بات واضحا منذ إسقاط طائرة حربية معادية في شباط 2018 ان كلفة المغامرة كبيرة وان التحليق في الأجواء السورية لم يعد نزهة آمنة وباتت قيادة العدو الصهيوني تفضل الضرب من اجواء لبنان او فلسطين المحتلة لتتحاشى صواريخ الدفاعات الجوية السورية التي تتصدى للصواريخ العابرة انطلاقا من الأجواء المجاورة.
كانت السلطات اللبنانية تصدر بلاغات في السابق عن خرق السيادة اللبنانية جوا بقصد الاعتداء على سورية ولكن نجح العدو في تحويل الأمر بقوة العادة إلى خبر لايثير فضول وسائل الإعلام اللبنانية التي تتبع وكالات الأنباء العالمية وتوجيهاتها دائما في معالجة الأخبار وحيث توحي الأولويات الأميركية بتساؤلات عن هوية المواقع التي استهدفها الصهاينة وهكذا تنقل الصحف والتلفزيونات والإذاعات إلى اللبنانيين صورة عن تساؤلات مخابراتية متداولة حول هوية الأهداف المقصوفة ويتبارى المحللون في التبحر عما إذا كانت إسرائيل تسدد نيرانها على تواجد للحرس الثوري الإيراني ام لحزب الله إلى جانب الجيش العربي السوري ويغيب كليا عن المشهد ان كل ذلك تم من الأجواء اللبنانية وعلى حساب السيادة اللبنانية.
سورية حريصة على عدم الظهور في موقع ضاغط إزاء السلطة اللبنانية وانقساماتها وتوازناتها ومن باب الحرص تترك التقدير لحلفائها وأصدقائها في لبنان وخصوصا لقيادة المقاومة ولسائر القوى الوطنية وللرئيس ميشال عون الذين تعتبر انهم لن يقصروا في أي جهد متاح للدفاع عن سيادة بلدهم وعن تجسيد مفهوم العلاقة المميزة اللبنانية السورية ووحدة الموقف اللبناني السوري رغم كل ما جرى خلال السنوات الأخيرة .
لكن هل يقوم الوطنيون اللبنانيون في السلطة بواجباتهم ؟ وهل يجوز ان تبقى خارج النقاش في المؤسسات العليا ثغرة خطيرة كاستباحة اجواء البلد وتحويلها إلى ممر تسرح وتمرح فيه طائرات العدوان الصهيوني بحثا عن هدف او تخطيطا لاستهداف في لبنان ام في سورية؟ وهل يجوز ترك الجيش اللبناني في قبضة القدر الأميركي ونظريات تسول المساعدات المهينة التي تباح بذريعتها سيادة البلد ؟ وهل من المشروع إغلاق أي بحث في تعاون دفاعي مع روسيا وإيران والصين وسورية حرصا على دولارات الهبات الأميركية التي لا تحقق مقتضيات الدفاع الوطني عمدا وقصدا لاجل إسرائيل؟ ليس صحيحا اننا مجبرون على قبول كل ذلك بمحض إرادتنا لاشيء نطلبه من احد إلا قليلا من انتفاضة كرامة !!
لبنان بحاجة قوية لتفعيل اتفاقيات الدفاع المشترك مع سورية ولمد نطاق الدفاع الجوي السوري لتشمل الأراضي اللبنانية إذا كان البلد عاجزا عن طلب منظومات دفاع جوي خاصة به … هكذا يقول المنطق وتقول السيادة فالخاصرة الرخوة ليست وطنا سيدا ولم يستشهد شبابنا لطرد الاحتلال الصهيوني من أرضنا حتى نحول البلد إلى كوريدور جوي للعدوان على سورية.