أميركا المتصابية.. وصبيانها العربان عبد الحميد دشتي
عبثاً تحاول أميركا أن تثبت أنها ما زالت قادرة على تأديب أي دولة تشق عصا الطاعة وتمنع مخططاتها الرامية إلى إثبات أنها ما زالت الدولة الأقوى التي تخطط وتنفذ وتأمر فتطاع جامعة حولها لفيفاً من الصبيان الأعارب وخصوصاً السعودية والإمارات (ابن زايد وابن سلمان) وبعض الدول الأوروبية التي سبقتها في الشيخوخة السياسية والعسكرية، فرغم عمليات التبريد التي أعقبت تفجيرات (الفجيرة) وأججت تصريحات الحرب والعقوبات الخانقة سعياً إلى مفاوضات من نوع جديد تحد من تمادي قوة إيران وتعاظمها ومحور الممانعة عموماً بهدف استكمال صفقة القرن الموؤدة، ورغم ثبوت أن أميركا لن تستطيع أن تشن حرباً على إيران حتى لو حشدت لها معظم الدول التابعة حتى من فتات الحروب
.
فالحرب ضمن المعادلات الحالية وأهمها رد الفعل الإيراني بمؤازرة قوى كبرى مثل الصين وروسيا وقوى إقليمية مثل سورية والمقاومة عملية أكثر من مستحيلة لأنها تفتح أبواب الجحيم على حرب عالمية ثالثة، لذلك عمدت أميركا إلى التبريد والضغط باتجاه المفاوضات المرفوضة إيرانياً، لكن هذه العملية فشلت أيضاً مما اضطر أميركا والموساد إلى القيام بعملية أخرى في بحر عمان، وسارعت إلى اتهام إيران بأنها تريد أن تسيطر على ممرات النفط وتغلق مضيق هرمز ما دامت قد مُنعت من تصدير نفطها، لكن ما قدمته أميركا والموساد والسعودية من أدلة كان مضحكاً للعالم وزاد إيران تمسكاً بموقفها خصوصاً وأنها كانت طوال عقود من العقوبات تبني قوتها العسكرية والصاروخية. وجاءت عملية إسقاط الطائرة المسيرة التي اخترقت الأجواء الإيرانية وهي أحدث الطائرات في العالم وتبلغ قيمتها 220 مليون دولار رسالة إيرانية واضحة بجدية التعامل مع أي عدوان أميركي.
وهنا عادت لهجة التصعيد لأن سمعة أميركا المتصابية أصبحت على المحك، وصبيانها الأعارب اهتزت عروشهم واستشعروا بالنار من تحت رماد الشعوب، ولم يعد بمقدور أميركا أن تحلبهم لأنها لن تستطيع حمايتهم لا من الشعوب ولا من دول محور الممانعة، هنا يطرح السؤال نفسه: هل هناك احتمالات لحرب خاطفة بحيث لا تتمكن إيران من القيام بأي ردة فعل؟
قد تحدّد أميركا لحربها سقوفاً عليا ودنيا، فالعليا تتمثل بالاحتلال البري، والوسطى تدمير الدولة والأدنى من السقفين توجيه ضربة عسكرية مؤلمة لأهداف منتخبة، ومثل هذه العملية بافتراض وقوعها لا تستغرق وقتاً فكل هم أميركا أن تجر إيران إلى المفاوضات الاستسلامية، لكن هذا أيضاً شبه مستحيل.
فهل بإمكان أميركا التدمير الانتقائي لفرض الإذعان على الإيرانيين وهي تملك قدرات عسكرية نارية وإلكترونية هائلة؟ بطبيعة الحال لا، لأن إيران في المقابل طورت دفاعاتها وبإمكانها ليس فقط أن تعقد المهمة الأميركية بل تحبطها وتستطيع أن ترد بشكل قاسٍ على أي تحرش.
ثم إن إيران ومنذ فرض العقوبات السابقة اعتمدت نظرية الانتشار الواسع والتخفي والتمويه، إضافة إلى أن الإيرانيين في عقيدتهم القتالية يعتبرون الاستسلام جريمة وخيانة للدين والوطن، وحتى لو نجحت أميركا -ولن تنجح- فإن المستحيل الرابع هو استسلام من يؤمن بـ (إحدى الحسنيين، النصر أو الشهادة).
إن مشكلة المخططين للحرب أنهم يدركون أن أميركا وأتباعها غير قادرين على اتقاء مخاطر الرد الإيراني ويعرفون أن بنك الأهداف الإيراني يشمل كل شيء، كما أن إيران قادرة على تعطيل تدفق النفط إلى العالم في الأيام الأولى للحرب، وشل الحركة الاقتصادية مع أول زخة صواريخ ويمكن لأميركا أن تبدأ الحرب، ولكن لا يمكنها أن تنهيها.
إن أي حرب لن تنحصر في جغرافية إيران وإنما ستمتد إلى كامل الشرق الأوسط وستشتعل النيران في كلّ المصالح الأميركية وقواعدها في المنطقة ولن تتوقف إلا مع تغييرات استراتيجية كبيرة على كافة الأصعدة.
وإن غداً لناظرة قريب…