صاروخ تل أبيب وطائرة هرمز: ناصر قنديل
– عندما كان كيان الاحتلال يستعد للانتخابات المبكرة ما بين نهاية العام الماضي وشهر نيسان هذا العام، كثرت التحليلات والتوقعات بحرب يشنها بنيامين نتنياهو على غزة، تسهيلاً لضمان الفوز بالانتخابات. وعندما لم تقع الحرب انتقلت التوقعات إلى ما بعد الانتخابات تسهيلاً لتشكيل الحكومة. وعندما فشل تشكيل الحكومة ولم تقع الحرب بقي البعض يتحدث عن حرب مقبلة، لكن بين هذه التواريخ والاستحقاقات حدث أن صاروخاً انطلق من غزة وسقط قرب تل أبيب، وكان مبرراً كافياً لخوض الحرب الموعودة لنتنياهو، وتكرّر الحادث مرة ثانية، وكان مبرراً للحرب الموعودة، لكن نتنياهو لم يخض الحرب، وفي المرتين وقف يقول، إنه يقبل التفسير الذي نقله المصريون عن كون عوامل الطقس تقف وراء انطلاق الصواريخ مرة، وأن خطأ بشرياً تسبب بإطلاق الصاروخ مرة ثانية، لكن الصواريخ حملت الرسالة، أن لدى المقاومة في غزة صواريخ تصل إلى تل أبيب، وأن أي حرب مقبلة ستكون قواعد الاشتباك فيها، غزة مقابل تل أبيب .
– واشنطن التي حشدت أفضل معداتها العسكرية إلى الخليج قالت إنها تريد ردع إيران، وإفهامها أن أي استهداف لحلفاء أميركا من اي من حلفاء إيران سيعني الحرب على إيران. وخلال أسابيع اشتعلت ناقلات نفط قالت واشنطن إن لديها الأدلة على أن إيران وحلفاءها يتحملون المسؤولية عن إشعالها، حتى استهدف أنصار الله أنابيب شرق غرب في السعودية وأعلنوا مسؤوليتهم، فقالت واشنطن إنها لن تتدخل عسكرياً إلا إذا تعرضت قواتها للاستهداف، وتساءل الذين يعرفون معنى الردع عما بقي منه بعد هذا التراجع، لكن الذين لا يفهمون معنى الردع كانوا بحاجة كي تمضي إيران قدماً في كشف زيف الادعاء به، فجاء إسقاط أفضل ما في الترسانة الأميركية من طائرات تجسس وغرف عمليات، تعادل قيمتها ربع مليار دولار، بصاروخ من صنع إيران بينما كانت الطائرة على ارتفاع أربعة عشر كيلومتراً وتشكل هدفاً عصياً على الاستهداف، فتحدث الرئيس الأميركي عن الردّ، قائلاً سترون. ثم أطلّ برفقة ضيفه الكندي متحدثاً فقال، أن ليس من خسائر بشرية في العملية، ما يعني ضمناً أنها ليست الاستهداف الذي يستحق حرباً، وعلق بعدها مفسراً العملية بأنها قد تكون خطأ غير مقصود ارتكبه الضابط الإيراني المعني بإطلاق الصاروخ بينما المسؤولون الإيرانيون يعلنون تبنيهم لإسقاط الطائرة بما في ذلك من رسائل وأبعاد، يسقط معها مفهوم الردع الأميركي.
– مشكلة الأميركيين والإسرائيليين انهم يتوهمون بأن الحصار على غزة والعقوبات على إيران وقوى المقاومة، بصفتها أوراق القوة الأميركية الإسرائيلية التي تحتاج للزمن كي تفعل فعلها، بعدما فشل الأميركيون والإسرائيليون في كسر إرادة محور المقاومة في الحروب، ستترك تستثمر الزمن الذي تحتاج دون استفزاز الأميركي والإسرائيلي وجرّه إلى ساحات المواجهة، وإذلاله، وفرض معادلات القوة عليه، وتغيير وقائع الجغرافيا العسكريّة، كي تجبره على التفاوض للخروج من لعبة الاستقواء بالعقوبات والحصار. و«إسرائيل» التي وجدت أنها مضطرة لقبول التهدئة مع غزة بشروط قوى المقاومة، تريد لأميركا أن تتورط في المواجهة بدلاً عنها. ومثلها قوى العدوان السعودي الإماراتي على اليمن التي قبلت تسوية الحديدة بشروط أنصار الله، والأميركي اليوم بين قبول التحدي وانفجار أسواق النفط وأسعارها بين يديه، أو التفاوض على شروط للتهدئة يعرف الإيراني ماذا يريد منها ومتى وأين وكيف؟
– غداً سيقول الرئيس الأميركي إن عوامل الطقس أطلقت الصاروخ الأميركي الذي أسقط الطائرة الثانية!