المعلم في الصين: ما الذي تستطيع بكين تقديمه؟ حميدي العبدالله
قام وزير الخارجية السوري الأستاذ وليد المعلم بزيارة إلى الصين، ومعروف أن زيارات وزير خارجية سورية قليلة، وهو عادةً يقوم بزيارة عندما يكون هناك أمر هام جداً، فما هو الأمر الهام الذي تطلب قيام وزير الخارجية السوري بزيارة الصين؟
أول ما يتبادر للذهن أن الزيارة هدفها الحصول على دعم صيني عسكري لسورية في حربها على الإرهاب، لكن من المعروف أن سورية قد حررت أكثر من 80% من الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرة الإرهابيين، وما تبقى من مناطق خاضعة لسيطرة هؤلاء الإرهابيين كفيل الجيش السوري وحلفائه الذين خاضوا معه المعركة ضد
الإرهاب لاستكمال تحرير ما تبقى من مناطق، وبالتالي لم يعد الدعم العسكري هو الذي تحتاجه سورية من الصين.
يتبادر للذهن ثانياً، أن زيارة وزير الخارجية السوري، وهو المسؤول الأول عن الدبلوماسية السورية، هدفه الرئيسي الحصول على دعم بكين لسورية في المحافل الدولية، لكن من المعروف أن الصين وقفت إلى جانب سورية ودعمتها في المحافل الدولية، واستخدمت الفيتو إلى جانب روسيا ضد كل القرارات التي حاولت الحكومات الغربية تمريرها في مجلس الأمن ضد سورية.
كما أن الوزير المعلم عندما يذهب بزيارة إلى الصين، فهو لا يسعى إلى الحصول على تنسيق أمني فهذه ليست مهمة وزير الخارجية، على الرغم من أن التنسيق الأمني بين سورية والصين في المرحلة الحالية أمرٌ على جانبٍ كبير من الأهمية لأن الإرهابيين من أصول صينية يتمركزون في إدلب ومحيطها، ومثلما يشكلون تهديداً لأمن واستقرار سورية، فإنهم يشكلون أيضاً تهديداً لأمن واستقرار الصين.
زيارة الأستاذ وليد المعلم إلى الصين، يمكن القول إنها زيارة سياسية لهدفٍ اقتصادي.
المعلم بصفته وزيراً للخارجية يسعى لإقناع بكين الانخراط بقوة في عملية إعادة الإعمار أولاً، وتقديم الدعم الاقتصادي لسورية ثانياً، لاسيما في ظل العقوبات والحصار المفروض عليها من قبل الحكومات التي انخرطت في الحرب الإرهابية على سورية.
رب قائل إذا كان هدف الزيارة اقتصادي، فلماذا لم يذهب وزراء معنيون بإعادة الإعمار وتنشيط الأداء الاقتصادي إلى الصين، أو على الأقل مرافقة وزير الخارجية لتقديم ما لديهم من معطيات واحتياجات؟.
لكن من الواضح أن المطلوب أولاً، إقناع الصين بالانخراط بقوة في عملية إعادة الإعمار ودعم سورية اقتصادياً، وبعد ذلك يأتي دور الوزراء أصحاب الاختصاص.
بكل تأكيد الهدف العام لزيارة المعلم إلى الصين هو تعزيز العلاقات والروابط بين البلدين، ولكن الهدف المباشر والمحدد هو تحفيز الصين للمشاركة القوية والفعالة في إعادة إعمار سورية. وإنهاض اقتصادها، وهو هدف يتقاطع مع فلسفة الصين التي تحمل شعار «مبادرة الحزام والطريق» التي تشكل إحياءً لطريق الحرير بأسلوب اقتصادي معاصر.