من الصحف الاميركية
اشارت بعض الصحف الاميركية الصادرة اليوم إلى حق النقض الذي استخدمه الرئيس ترامب الشهر الماضي لوقف تصويت أغلبية أعضاء الكونغرس من الحزبين ضد المزيد من الدعم الأميركي لتدخل السعودية في اليمن، ووصفته بأنه كان كارثيا وفشل في تحقيق أهدافه بينما ساعد في إنتاج أسوأ أزمة إنسانية في العالم .
وانتقدت تماديه الآن بتقديم دعم غير مشروط للنظام السعودي وحلفائه، حيث أبلغت وزارة الخارجية الكونغرس بأنها كانت تحتج بسلطة طوارئ لتجاوز المعارضة وإكمال 22 صفقة أسلحة للمملكة والعديد من الدول الأخرى، بما في ذلك المزيد من الذخائر التي قتلت المدنيين في اليمن.
ووصفت واشنطن بوست الإجراء بأنه خرق آخر من جانب ترامب للقواعد المستقرة، إن لم يكن القانون، لأن إخطار الإدارة لم يوضح ماهية “حالة الطوارئ” التي سمحت لها باستخدام ثغرة في قانون مراقبة تصدير الأسلحة الذي يمنح الكونغرس سلطة مراجعة مبيعات الأسلحة.
وأضافت أنه رغم أن وزير الخارجية مايك بومبيو أشار إلى حاجة الدول العربية “للردع والدفاع عن نفسها” ضد إيران، فإن بعض الأسلحة المقدمة لن تكون متاحة لسنوات، مما يعني أنها لا صلة لها بالحرب الأهلية في اليمن أو التوترات المتزايدة في أماكن أخرى في المنطقة. وبعض العتاد سيذهب إلى الأردن الذي ليس في حالة حرب في اليمن أو في مكان آخر.
قال باحث بإحدى مراكز الدراسات الأميركية إن الضغوط الهائلة التي تمارسها إدارة الرئيس دونالد ترامب على إيران لا تعدو أن تكون -في جوانب كثيرة- امتدادا لسياسة الأمر الواقع، لكنها أكثر فعالية في حشر طهران في زاوية قد تفضي على الأرجح إلى إثارة أزمة أو اندلاع حرب.
وكتب الباحث بمركز “ديفنس برايوريتيز” دانييل ديبتريوس، في مقال بمجلة ناشونال إنترست الأميركية، أن خطأ واحدا في الحسابات من شأنه أن يشعل مواجهة عسكرية كبيرة بين واشنطن وطهران، رغم أن كلا الشعبين الأميركي والإيراني لا يريدانها.
واعتبر ديبتريوس أن صعود نجمي مستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو، اللذين طفقا يدفعان نحو تغيير النظام في إيران، أسهم في استثارة نزعة تصعيدية “لا داعي لها وحمقاء”، بينما يحبذ الرئيس ترامب التفاوض مع طهران.
وقال إن سياسة واشنطن لطالما اعتراها تجاه إيران أخطاء طيلة العقود الماضية. وارتكزت الحملة الأميركية لخوض حرب مع إيران سواء من أجل القضاء على قدراتها النووية أو عن طريق الصدفة، إلى “اعتقاد لا سند له بشأن قوة طهران الإقليمية المفترضة، وأهميتها الإستراتيجية في الشرق الأوسط، وقراءة مغلوطة (عمدا أو غير ذلك) لما يمكن للعقوبات والضغوط العسكرية أن تحققه“.
ويرى الكاتب أن النخبة السياسية في واشنطن لم تتكيف مع “الواقع الإستراتيجي في المنطقة، فبالغت في تضخيم أهميتها، وأسرفت في تحديد المصالح الأميركية، هذا إذا كانوا حددوها أصلا“.
فالشرق الأوسط بالنسبة لتلك النخبة منطقة ذات أهمية سياسية واقتصادية عظيمة نظرا لاحتوائها على احتياطات هائلة من النفط.
لكن ديبتريوس لا يرى تلك الأهمية للشرق الأوسط فالمصالح الأميركية في تلك المنطقة “ضيقة للغاية” على حد وصفه، ولا تعدو أن تكون قائمة على تفادي انقطاع إمدادات النفط عبر منع القوة الإقليمية المهيمنة من القيام بعرقلة تدفق تلك السلعة الحيوية، والقضاء على التهديدات “الإرهابية ضد أميركا“.
ويتابع القول إن تلك غايات مهمة قابلة للتحقيق، إلا أنها لا تتطلب الكثير من الولايات المتحدة لكي تنال مقاصدها، ذلك أن سوق الطاقة العالمية يعج بمصادر بديلة كما أن واشنطن زادت بشكل كبير إنتاجها من النفط الخام، حتى أضحت أكبر منتج له في العالم ومن مصدريه الرئيسيين، حيث سجلت صادراتها منه رقما قياسيا في فبراير/شباط الماضي بلغ 3.6 ملايين برميل في اليوم.
وهذا يعني أن الخليج العربي لم يعد “شأنا جيوسياسيا” في سياسة الولايات المتحدة الخارجية كما كان في السابق، حتى أن وارداتها من الشرق الأوسط ما عادت بتلك الضرورة.
ثم إن المؤسسة السياسية في واشنطن تنزع إلى إلقاء اللوم على إيران في كل المشاكل الأمنية بالشرق الأوسط، وما انفكت تدمغها برعاية الإرهاب، وتمويل ودعم جماعات في العديد من الدول من العراق ولبنان إلى قطاع غزة.
وبحسب مقال ناشونال إنترست، فإن تلك المزاعم بالكاد تشكل تهديدا للولايات المتحدة، كما أن إيران ليست الطرف الوحيد في المنطقة الضالع بأفعال “شائنة“.