تحليلات إسرائيلية: “صفقة القرن” مصيرها الفشل
تُعقد في العاصمة البحرينية المنامة، الشهر المقبل، ورشة “السلام من أجل الازدهار”، التي تعتبر الخطوة الأولى من خطة “صفقة القرن” التي تطرحها إدارة الرئيس الأميركي ، دونالد ترامب، كحل مزعوم للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. وبعد إعلان الفلسطينيين عن عدم مشاركتهم في هذه الورشة، ورفض إسرائيل لها، وإن كان هذا رفض غير معلن، يبدو أن الصراع سيستمر من دون أن يتأثر بهذه الصفقة، وفقا لتحليلات إسرائيلية نُشرت اليوم، الجمعة.
ورأى محلل الشؤون الأمنية في صحيفة “معاريف”، يوسي ميلمان، أن التوقعات بشأن “صفقة القرن” مبالغ فيها، وأنها “لن تكون حتى ملاحظة هامشية لعشرات خطط السلام التي طرحتها إدارات أميركية منذ حرب الأيام الستة“.
وأضاف ميلمان أن أداء إدارة ترامب ينطوي على تناقضات هائلة. من جهة، قلصت هذه الإدارة المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية وللأونروا وللمستشفيات في القدس المحتلة، ومن الجهة الأخرى تعقد مؤتمرا دوليا وتطالب رجال أعمال ودول عربية بمساعدة الفلسطينيين ماليا. ولفت إلى أن التناقضات تميز سياسة ترامب، مثلما حصل في التوتر مع كوريا الشمالية وتلاه لقاء مع زعيمها، كيم جونغ أون، وكذلك مع إيران، التي هدد ترامب بتدميرها وبعد ذلك أعلن أنه لا يريد حربا معها.
وأكد ميلمان على أن إدارة ترامب لا يمكن أن تكون “وسيطا نزيها”، لأن “صفقة القرن” بلورها صهر ترامب ومستشاره الخاص، جاريد كوشنير، ومبعوث الرئيس الخاص، جيسون غرينبلات، والسفير في إسرائيل، ديفيد فريدمان، “وجميعهم أميركيون من أصول يهودية، ومؤيدون لإسرائيل عامة ولليمين الاستيطاني خاصة. والمشكلة الأكبر أن ثلاثتهم يفتقرون للخبرة في إدارة صراعات دولية، ويصعب التصديق أنهم ملائمون لدفع مفاوضات في صراع معقد للغاية مثل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني“.
وأضاف أن التسريبات حول “صفقة القرن” تشي بأنها مكونة من قسمين، “في المرحلة الأولى ’سلام اقتصادي’ وبعد ذلك ’سلام سياسي’”. وفيما يتعلق بـ”السلام الاقتصادي”، فإن “هذه، عمليا، خطة الخطة الأصلية لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو. وكان نتنياهو قد اعترف في خطاب بار إيلان، في العام 2009، بحل الدولتين، “بسبب تخوفه من إدارة باراك أوباما. لكن منذئذ سعى نتنياهو بشكل منهجي إلى تحطيم هذا الحل وفصل وانقسام الشعب الفلسطيني بين غزة والضفة، ومن خلال سياسة فرق تسد والاعتناء بحماس“.
وتابع ميلمان أنه في موازاة ذلك “لم يفعل نتنياهو أي شيء من أجل دفع فكرته للسلام الاقتصادي… لكن الحكومات الثلاث التي ترأسها ليس فقط أنها لم تدفع أي خطة من أجل تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين في غزة والضفة، وإنما فعلت كل ما بوسعها من أجل إساءته. وغزة بمليوني سكانها موجودة منذ خمس سنوات على حافة انهيار اقتصادي وكارثة إنسانية، والوضع في الضفة آخذ بالتدهور، وبين أسباب ذلك القانون الذي سنته الحكومة (الإسرائيلية) بخصم أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية، التي تجمعها إسرائيل وتحتفظ بها كمؤتمنة عليها“.
واعتبر المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان، أن ثمة خيارين أمام إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة: “إما التهدئة لفترة طويلة، أو مواجهة عسكرية في غضون أشهر معدودة. ولا توجد طريق ثالثة. ورئيس الحكومة ووزير الأمن نتنياهو مضطر أن يختار. وبلا خيار وبدون حكومة اختار إنعاش حكم حماس“.
وحسب فيشمان، فإن “تقوية حكم حماس ليس قرارا أيديولوجيا – إستراتيجيا (إسرائيليا)، وهو أيضا لا يهدف إلى فرض واقع قبل عودة أفيغدور ليبرمان إلى وزارة الأمن، إذ لا يسود خلاف جوهري بين الإثنين حول التعامل مع حماس“.
ونقل عن مصادر في الجيش الإسرائيلي قولهم إنهم لاحظوا “شعور بعدم الارتياح” لدى نتنياهو بسبب الخطط التي يقدمها الجيش. وهو متشكك حيال خطط حول عملية عسكرية تستمر أسابيع، “والجولة القتالية الأخيرة، قبل أسبوعين، لم تبق لديه رغبة بالمزيد من هذه الجولات. وطالما أن رئيس الحكومة لا يشعر أن الجيش قادر على تنفيذ عملية عسكرية تجلب معها ثمارا سياسية واضحة، فإنه لن يؤيد أي عملية برية، وحتى كتلك التي تضمن الهدوء لخمس سنوات. وإذا صدر الأمر بشن عملية عسكرية في الأشهر القريبة، فإن هذا سيحصل عندما يكون الوضع قد خرج عن السيطرة ويلزمه باتخاذ قرارات. وبكلمات أخرى، تقول مصادر في الجيش، إن لرئيس الحكومة مشكلة مع جيش البرية” أي أنه لا يثق بقدراته.