من الصحف الاميركية
عبر مشرعون أميركيون في رسالة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو ومدير الاستخبارات الوطنية دان كوتس نشرتها الصحف الاميركية الصادرة اليوم عن قلقهم البالغ من بيع تقنيات تجسس متقدمة إلى دول تنتهك حقوق الإنسان من بينها السعودية والإمارات، وطالبت رسالةُ المشرعين من الحزبين بومبيو وكوتس بوقف تزويد الحكومات المنتهكة لحقوق الإنسان بقدرات المراقبة المتطورة .
وبحسب تقارير صحفية فإن الشركات التي تقدم هذه التقنيات قد باعت خبرات وتكنولوجيات القرصنة لحكومات استبدادية، بما في ذلك السعودية والإمارات، والتي استغلتها بدورها في التجسس على معارضين وصحفيين، وأشار أحد هذه التقارير إلى أن تلك التقنيات ربما تكون قد استخدمتها المملكة السعودية في مراقبة الصحفي الراحل جمال خاشقجي الذي تمت تصفيته في قنصلية بلاده بإسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
كشفت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن كواليس لقاء وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالمسؤولين العراقيين في الثامن من الشهر الجاري في بغداد، حيث وجّه رسالة حازمة إذا اندلعت المواجهة مع إيران مفادها “إذا لم تقفوا إلى جانبنا، فتنحوا جانبا“.
وبحسب الصحيفة فقد نقل لها ما دار في الكواليس ثلاثة مسؤولين أميركيين رفضوا التصريح بأسمائهم، مشيرين إلى أن زيارة بومبيو الخاطفة جاءت بالتزامن مع تلقي واشنطن معلومات استخبارية تقول إن إيران تهدد المصالح الأميركية في الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة إن هناك مخاوف من أن تعلق بغداد مجددا وسط النزاع بين واشنطن وطهران بعدما بدأت تتعافى من آثار الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية.
يقول الكاتب دانييل ديباتريس إن السياسة الخارجية للرئيس دونالد ترامب تلقى انتقادات قاسية الأيام الأخيرة، وإن الإدارة الأميركية تواجه صعوبات كبرى على مستوى حمل حكومات إيران وفنزويلا وكوريا الشمالية على الرضوخ لمطالبها.
واشار في مقاله بمجلة ذي ناشونال إنترست الأميركية إلى مقال للكاتبين ديفيد سانجر وإدوارد وونغ بصحيفة نيويورك تايمز في 12 مايو/أيار الجاري، والذي ورد فيه أن “مشاكل ترامب مع هذه الدول الثلاث تكشف نمطًا مشتركا، يتمثل في اتخاذ موقف عدواني ثم تبني سياسة متطرفة دون امتلاك خطة لمواصلة تبنيها، ويتبع ذلك عدم وجود إجماع أساسي في كنف الإدارة إزاء وجوب التدخل بشكل أكبر أو أقل“.
ويضيف أن مبعوث الخارجية الأميركية السابق جيمس دوبينز أدلى بتصريح مماثل لصحيفة واشنطن بوست، مبينا من خلاله أن مَيل ترامب الواضح نحو أخذ الأمور إلى حافة الهاوية يكون مصحوبا بنوع من الخطر، لكنه يكون أكثر خطرا عندما يقترن بنمط من الخداع.
ويضيف الكاتب أن صحيفة يو أس أي توداي تشير إلى أن سياسة ترامب الخارجية تشبه كثيرا حالة الاقتراب من أحد المنعطفات، مضيفة أن سياسته ستصطدم بالصخور الدبلوماسية، مما يطرح احتمال وقوع نتائج كارثية.
ويرى الكاتب أن التقارير الثلاثة التي نشرتها الصحف الأميركية تلقي باللوم على نهج ترامب التفاوضي ومَيل جهاز الأمن القومي التابع له للتغاضي عن رؤية عجز رئيسهم عن تحقيق تقدم ملموس في إيران وكوريا الشمالية وفنزويلا.
وتستند سياسة ترامب تجاه تلك البلدان -حسب الكاتب- إلى أهداف غير واقعية بشكل كبير، وأن إدارته تستخدم الخطاب العسكري والعقوبات لفرض رؤيتها وتغيير سلوك البلدان التي تتفاوض معها مقابل القليل من الحوافز ولإلهامها للعمل على إحداث التطور والتغيير.
واضاف الكاتب: يبدو أن البيت الأبيض يستخدم سياسة الضغط القصوى ذاتها على البلدان المعنية دون مراعاة اختلافها عن بعضها البعض، ناهيك عن اقتناع الإدارة الأميركية بشكل جذري بأن كل ما يتوجب عليها فعله هو زيادة حدة العقوبات.
ورأى أن زيادة هذه الحدة تتجلى في الاستفادة من النظام المالي الأميركي بأقصى قدر ممكن، وإخافة الشركات الأجنبية التي تنشط في الأسواق الكورية الشمالية والإيرانية والفنزويلية.
ويقول المقال إن واشنطن تعتقد أن بإمكانها الانتظار حتى انهيار اقتصاد طهران وبيونغ يانغ وإجبار حكومتيهما على الدخول في مفاوضات مباشرة وفق الشروط الأميركية، أو الدفع بالرئيس نحو الصراعات السياسية كما هو الحال مع كراكاس.
ويضيف أن تنمر دولة كبرى على أخرى أضعف منها لإجبارها على فعل ما تريده يعتبر أصعب مما يبدو، وأنه لا يمكن القول إن هذه المشكلة تقتصر على ترامب وحده، بل هي معضلة تعكس استمرار مؤسسة السياسة الخارجية بواشنطن، في إدارة عملياتها بشكل خاطئ انطلاقا من اعتقادها بأنها تستطيع فعل ما تريد.
ويميل المسؤولون والمشرعون في واشنطن -يقول الكاتب- للاعتقاد بأن الولايات المتحدة تمتلك قدرة فريدة على دفع أي خصم على الاستسلام، وذلك من خلال زيادة حدة العقوبات المسلطة عليه وإفلاس اقتصاده والحد من صادراته، فضلا عن اعتماد خطاب سياسي يزخر بتهديدات باستخدام القوة العسكرية.
ويضيف المقال أن إيران تعتبر أفضل مثال، إذ يُزعم أن سياسة العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب تهدف إلى إجبار النظام الإيراني على إعادة الدخول في التحاور والاتفاق من جديد مع الولايات المتحدة لتصبح إيران “أمة طبيعية” مثلما وصفها وزير الخارجية مايك بومبيو، ويقول الكاتب إن هذا الوضع ذاته ينطبق أيضا على كوريا الشمالية.
وختم بالقول: إذا كانت إحدى الحكومات ضعيفة بالمقارنة مع الولايات المتحدة، فإن هذا لا يعني أنها ستنحني بسهولة.