تقارير ووثائق

الأفكار العلمية الهادئة لرسم الموازنة القادرة على مواجهة التحديات المتراكمة في لبنان

 

يرى “التجمع الأكاديمي للأساتذة الجامعيين” أن وضع الموازنة لكل دولة هو أمر مركزي وضروري لضمان تطورها الإقتصادي والإجتماعي، ولبنان الدولة والمجتمع والإقتصاد والتربية والثقافة وهو في حالة وظروف استثنائية يتطلب التعمق في إعداد موازنة قادرة على مواجهة كافة التحديات المتراكمة المطروحة .

إنطلاقا من دراستنا الأولية والعلمية لمشروع الموازنة المقدمة من وزير المال، نجد من واجبنا أن نورد الملاحظات والأفكار الجادة التالية.

1-     إن مشروع الموازنة المقترح لا يشكل عملا اصلاحيا كما كان منتظرا ليكون هو المرتجى. ومن أبرز الأسباب التي حدت بنا إلى اعتماد هذا الموقف والملاحظات:

أ‌-     تخفيض البرامج الإستثمارية التي تشكل حجر الأساس للنمو الإقتصادي. أولا لأن ذلك سيؤدي إلى تراجع في النمو، عكس ما هو مرتجى ومتوقع من الموازنة.

ب‌-     إن عصر النفقات الذي لن يتجاوز بحده الأقصى المليار دولار، سوف يؤدي بدوره قطعا إلى تراجع الإنفاق الإجمالي الذي يشكل كما هو متعارف عليه في علم المال القاعدة الأساسية في ضمان استمرار النمو.

ج – إهمال طرح طرائق زيادة مداخيل الدولة من الموارد المتاحة والتي تحدث عنها العديد من المسؤولين ومنهم وزير المالية نفسه.

إن هذه الواردات يمكن أن تتصاعد بشكل تدريجي من سنة إلى أخرى خلال الخمس سنوات المقبلة حتى تصل إلى حدود ال 12 مليار دولارا، كما بيّن “التجمع الأكاديمي” ونبه في دراسات سابقة نشرت في وسائل الإعلام ووصلت الى معظم المسؤولين في الدولة ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

–       تقدر دراسات بنك عودة وإحصاءاته إن حجم التهرب الضريبي هو في حدود 1.8 مليار دولارا سنويا.

–       وتؤكد دراسة “ماكنزي” أن عدم الجباية لواردات الخزينة يقدر بحدود خمسة مليارات دولارا سنويا.

–       وتؤكد تصريحات وزير المال نفسه بأن متوجبات غرامات الأملاك البحرية والنهرية، سنويا، لا تقل عن 1.2 مليار دولارا. مع العلم بأن تقييم تقدير الأسعار المعتمدة في المرسوم المهرب في 28/12/2018 هي أقل بتسعين بالمئة من القيمة الفعلية للأملاك المصادرة.

–       بالنسبة لواردات المرفأ فإنها أقل بملياري دولار سنويا (واردات جمركية وضريبة على القيمة المضافة).

–       أما الهدر في دعم الكهرباء فيتجاوز الملياري دولار سنويا ما بين القيمة الفعلية لأسعار المحروقات وبين عدم الجباية أو صعوبتها، وهي تبلغ حوالى المليار دولار سنويا، وتحديدا خلال السنتين المنصرمتين (2017-2018).

بالإضافة إلى ذلك بدل أن تعمل الحكومة على تخفيض فوائد الدين العام نقطتين ، الأمر الذي يؤدي إلى وفر على الخزينة يصل إلى حدود مليار دولار ونصف سنويا، فإن هذه الحكومة تعمد إلى افتعال مشكل مع المصارف من دون جدوى من خلال رفع الضريبة على الفوائد من 7% إلى 10% وهذا الإجراء قد لا يعطي أكثر من 400 مليون دولارا بحده الأقصى.

2-     إن مجموع الأرقام التي ذكرناها ستؤدي إلى هدر ونقص في واردات الخزينة يصل إلى 12 مليار دولار سنويا. وإذا حسم المسؤولون موقفهم يمكن أن تزداد واردات الخزينة سنويا بمعدل 5 مليار خلال السنة الأولى، مما يؤدي حتما إلى توازن فعلي بين الواردات والنفقات.

3-     أما الخيار الذي سيهدد الإستقرار الإداري والإجتماعي المطروح من بعض الجهات بتخفيض الرواتب، أو بوضع ضريبة على الراتب التقاعدي أو بتخفيض التقديمات الإجتماعية للقطاع العام ، والتي هي أساسا أدنى مما تقدمه الدولة لموظفي الضمان الإجتماعي، لن يؤدي حتما إلى معالجة فعلية للأزمة بقدر ما سينعكس ذلك سلبا وسوف يؤدي إلى انكماش إقتصادي إضافي .

4-     إن الخطوة الجريئة التي يتوجب على المسؤولين في الدولة اتخاذها، كما اقترحنا سابقا، سوف يؤدي إلى إنعاش الإقتصاد عبر دفع متوجبات الدولة للمقاولين الشرفاء ( بعد تحصيل الأموال المطلوبة ) الذين لم يقبضوا منذ زمن طويل مستحقاتهم، الأمر الذي دفع الكثيرين منهم إلى صرف الموظفين. وثمة إحصاء يقدر عدد المصروفين إلى ما يزيد عن 40 ألفا من القطاعات الإقتصادية هذه وغيرها، وهذه النتيجة أدت إلى زيادة الفقر وإلى احتدام الأزمة الإقتصادية والإجتماعية.

لذلك بات من واجب المسؤولين، ومن وراءهم من المستشارين المحدودي المعلومات، أن يعوا حجم المشكلة، وألا يلجأوا في كل مرة إلى إعطاء المسكنات التي تستمر في تأخير بل شل النمو الإقتصادي. لأن الإقتصاد الموازي والإقتصاد الأسود بلغ حجمه أكثر من 20 مليار دولارا سنويا تبعا لعدد كبير من الإقتصاديين وقد يصل إلى حدود ال 30 مليارا مما يؤدي إلى انفراج طبيعي في الأزمة الحالية الخانقة.  

5-     إن عماد التقدم، والرفاه لكل مجتمع، يرتبط بتعزيز نظام المعرفة. غير أن سياسة المسؤولين لا تتوانى عن إضعاف هذا القطاع، خصوصا في التعليم العالي الرسمي. وإن نظرة سريعة إلى الخطط التي يبشر بها المسؤولون (سيدر وخطة ماكنزي وغيرهما) لم تلحظ أي مبلغ للأبنية الجامعية(تنفيذ قرار المجمعات الجامعية المتخذ في 5/5/2008)، أو أي استثمار في مجال البحث العلمي.

إن فكرة تخفيض رواتب أساتذة الجامعة اللبنانية مثلا مرتجلة، لا سيما وأنهم لم يستفيدوا، شأن غيرهم من القانون 46 (السلسلة) ، بينما تراجعت القدرة الشرائية للرواتب في الجامعة إلى ما دون مستواها المسجل في العام 2011 بسبب التضخم الذي زاد عن 30% خلال هذه الفترة بينما لم يتم تصحيح الأجر الفعلي خلال العام 2011 للأساتذة سوى بنسبة 28% (نظرا لزيادة ساعات التدريس بحوالي 100 ساعة سنويا)

فكيف يتم التفكير باقتطاع المزيد من الرواتب، والعمل على تهديد الأمن الصحي للأساتذة من خلال إضعاف صندوق التعاضد؟

وكذلك كيف يتم التفكير باقتطاع جزء من الرواتب التقاعدية مع العلم أن هذه الرواتب كانت قد حسمت كتوقيفات من رواتبهم خلال ممارستهم للخدمة وكأنن الخزينة تسطو على نصف المبالغ المقتطعة؟؟؟

عن ” التجمع الأكاديمي لأساتذة الجامعة اللبنانية” :

دكتور بشارة حنا                         أمين الدراسات في رابطة ألأساتذة المتقاعدين في الجامعة اللبنانية                    

دكتور عصام خليفة                       رئيس أسبق لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية      

دكتور نسيم خوري، نسر حرمون،     أمين الإعلام في رابطة متقاعدي أساتذة الجامعة اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى