من الصحف البريطانية
تحدثت الصحف البريطانية الصادرة اليوم عن مستقبل الأحزاب الإسلامية في السودان وعن ما أسمته “الورطة الثورية في الجزائر والسودان”، حيث قالت إن محاولات إحداث المزيد من التغييرات الجذرية بمعاقبة وإقصاء النخبة القديمة غير ممكنة بالوسائل الديمقراطية، لأن مثل هذه الجهود تستدعي رد فعل قويا وثورة مضادة تؤدي إلى عنف وقمع .
نشرت الغارديان تقريرا لمحرر شؤون الشرق الاوسط، بيتر بومونت، ومراسلتها في الخرطوم زينب صالح بعنوان “السودان: ما هو مستقبل الأحزاب الإسلامية؟“
ويشير التقرير إلى واقعة حدثت لعدد من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي الذين وصلوا إلى إحدى القاعات في الخرطوم ذات يوم للمشاركة في مؤتمر سياسي فقوبلوا من جانب بعض الشباب بالهتافات المعادية والرفض التام لمشاركتهم. كما تحدث عن وقوع مراشقات بالحجارة، ما أدى إلى وقوع أكثر من 100 مصاب.
ويوضح التقرير أن هذه الواقعة ليست فردية لكنها ظاهرة متكررة منذ الإطاحة بالرئيس المعزول عمر البشير، وهو الأمر الذي يؤكد وجود أزمة يواجهها الإسلاميون في المرحلة الراهنة مع التركيز على تصرفاتهم من قبل الصحافة ووسائل الإعلام.
ويضيف التقرير أن اثنين من أعضاء المجلس العسكري الإسلاميين تم دفعهم للاستقالة، كما رفضت السلطات منح حزب الزعيم الديني عبد الحي يوسف التصريح اللازم للدعوة لمظاهرات مطالبة بتحكيم الشريعة.
وينقل التقرير عن الكاتبة الصحفية شمايل النور قولها عن الإسلاميين “لاأعتقد أن مستقبلهم مشرق فهناك حالة من الرفض القوي لهم وللإسلام السياسي بشكل عام“.
ونختم بمقال روبرت فيسك، الذي تناول فيه تفاصيل حول لقاء جمعه مع رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي.
وينقل فيسك عن العبادي قوله إن الإدارات الأمريكية بشكل عام “لديها توجه للحفاظ على العراق متحدا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، لكن إلى أي حد يرغبون في دعمنا”؟
ويشير إلى أنه إبان إدارة باراك أوباما لم يلتزم الرئيس الأمريكي السابق بوعود تتعلق بدعم العراق أثناء حربه مع تنظيم الدولة الإسلامية.
وأشار العبادي خلال المقابلة، التي أجريت قبل الفيديو الأخير لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، إلى أن “داعش انتهت كدولة لكنها لا زالت مستمرة كتنظيم إرهابي“.
وأشاد العبادي بترامب، خلال المقابلة، قائلا إنه “يحسن الاستماع بصورة جيدة”، مستشهدا بقرار الرئيس الأمريكي استثناء العراق من قراره بشأن حظر سفر مواطني عدد من الدول إلى الولايات المتحدة.
علقت الباحثة ماريانا أوتاوي على ما أسمته “الورطة الثورية في الجزائر والسودان”، وقالت إن محاولات إحداث المزيد من التغييرات الجذرية بمعاقبة وإقصاء النخبة القديمة غير ممكنة بالوسائل الديمقراطية، لأن مثل هذه الجهود تستدعي رد فعل قويا وثورة مضادة تؤدي إلى عنف وقمع.
وقالت أوتاوي -وهي باحثة في شؤون الشرق الأوسط بمركز وودرو ويلسون في واشنطن- إن المظاهرات الشعبية المتواصلة منذ عدة أشهر في الجزائر والسودان، جددت الآمال في التحول الديمقراطي في أعقاب ثورات 2011.
وأضافت في مقالها بموقع ميدل إيست آي أن التغيير سيحدث لا محالة في جميع البلدان الأخرى التي شهدت احتجاجات ممتدة، ولكن يظل الأمر المثير لتساؤل متزايد: أي من البلدين سيشهد انتقالا ديمقراطيا؟ موضحة أن ذلك إذا ما حدث فسيكون العديد من المتظاهرين غير راضين عنه تماما.
وبحسب أوتاوي فإن التحولات الديمقراطية لا تؤدي إلى تغيير جذري سريع، ولكن الإصلاحات التي عادة ما تكون بطيئة تصاغ من خلال التسوية، والتغيير الجذري يحدث فقط عندما يتمكن فصيل من فرض إرادته على البقية، وغالبا ما يكون ذلك من خلال العنف، كما أن الثورات العميقة ليست سلمية أبدا، وهي عادة لا تؤدي إلى الديمقراطية ولكن إلى أشكال جديدة من الاستبداد.
وأوضحت الباحثة أن من الصعب استقراء ما يريده المحتجون في الجزائر والسودان أو أي من الانتفاضات العربية السابقة، لأن المتظاهرين ليسوا كتلة متجانسة، وقوة الانتفاضات العربية تكمن في أنها كانت ولا تزال حركات شعبية حقيقية؛ ولكن هذا هو أيضا نقطة ضعفها لأنه في مرحلة ما يجب أن تتحول الاحتجاجات في الشوارع إلى خطة عمل تتطلب قيادة وتنظيما.
وواضح من الشعارات المرفوعة أن المحتجين -على أقل تقدير- يريدون إزالة القيادة القديمة المتمثلة في النظام -وليس مجرد شرذمة قليلة في القمة- وتشكيل حكومة مدنية، ويريدون أيضا جبر المظالم الاجتماعية والاقتصادية، وفق الكاتبة.
ونبهت أوتاوي إلى أن الإصلاحات الجذرية والثورية لا بد أن تؤدي إلى مقاومة قوية من أولئك الذين تهددهم التغييرات، وأن والنخب القوية -ولا سيما في الأجهزة الأمنية والعسكرية- لا تستسلم دون قتال.
وأضافت أن التحولات التي تتبع مسارا ديمقراطيا من خلال الحوار بين جميع الأطراف، والانتخابات في نهاية المطاف ممكنة، لكن لها تكاليفها الخاصة، حيث إنها لا تؤدي إلا إلى تغيير محدود كما حدث في تونس.
وذكرت الباحثة أن قانون المصالحة الذي أعاد تأهيل الأعضاء الفاسدين في النظام القديم في تونس، كان يمكن أن يكون أقل تساهلا. لكن التطهير العميق لأولئك المرتبطين بالنظام القديم كان سيتطلب إجراءات قوية لا تتوافق مع العملية الديمقراطية، مما قد يؤدي إلى زرع بذور استبداد جديد.
وختمت الكاتبة مقالها بالقول إن الدرس الصعب من نتائج انتفاضات 2011 لدول مثل الجزائر والسودان، هو أن التغيير يمكن أن يحدث من خلال وسائل سلمية وديمقراطية لكنه يتطلب الكثير من التوافق، وبالتالي سيكون غير مكتمل وقاصرا عما كان يأمله كثيرون.
والسؤال للذين يسعون إلى التغيير هو ما إذا كانوا يريدون التغيير الديمقراطي أم التغيير الجذري؟ لأن الاثنين غير متوافقين.