من الصحافة الاسرائيلية
ابرزت الصحف الاسرائلية الصادرة اليوم تصريحات صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكبير مستشاريه جريد كوشنر أنّ خطته المنتظرة للسلام في الشرق الأوسط، ما تسمى “صفقة القرن”، ستكرّس القدس عاصمة لإسرائيل ولن تأتي على ذكر حلّ الدولتين .
حيث قال صهر الرئيس الأميركي خلال مؤتمر نظّمه معهد واشنطن للأبحاث، ردا على سؤال بشأن إصرار الإدارة الأميركية على عدم اتخاذ موقف مع أو ضد حل الدولتين، قال كوشنر إن هذا مصطلح يعني شيئا واحدا بالنسبة للإسرائيليين، ويعني شيئا آخر للفلسطينيي، ولذلك تقرر عدم قوله، وأضاف “لهذا السبب قلنا إنّ كلّ ما علينا فعله هو أن لا نأتي على ذكر ذلك. فلنقل فقط إنّنا سنعمل على تفاصيل ما يعنيه ذلك”، دون مزيد من التوضيح.
وبحسب كوشنر فإنّ خطة السلام التي أعدّها وسط تكتّم يكاد يكون غير مسبوق، وعاونه فيها فريق صغير قيل إنّه قريب جدا من إسرائيل، “تعالج الكثير من الموضوعات بطريقة قد تكون أكثر تفصيلا من أي وقت مضى“، وأضاف “آمل أن يُظهر هذا للناس أن الأمر ممكن، وإذا كانت هناك خلافات، آمل أن يركّزوا على المحتوى التفصيلي بدلا من المفاهيم العامة”، معتبرا أنّ هذه المفاهيم المعروفة منذ سنوات فشلت حتى الآن في حلّ هذا الصراع.
نشرت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية معطيات حول عدد السكان في إسرائيل، بمناسبة ما يعرف بـ “يوم الاستقلال”، الذي يصادف يوم الخميس المقبل، وحسب المعطيات الجديدة، فإن عدد السكان بلغ تسعة ملايين وتسعة آلاف نسمة، لكن هذا المعطى يشمل الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة، البالغ عددهم حوالي 350 الفا، حسب إحصائية من نهاية العام 2017، وأضافت المعطيات أن عدد اليهود في البلاد 6,738,500 ويشكلون نسبة 74.8% من السكان، بينهما عدد العرب 1,970,200 نسمة، يشمل المقدسيين، ويشكلون 21.8%.
يترقب الإسرائيليون بغالبيتهم ما ستؤول إليه سياستهم الجديدة، بتحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية منقوصة بعد خصم مخصصات الأسرى وعائلات الشهداء منها. وتسببت هذه السياسة الإسرائيلية بأزمة اقتصادية حادة في السلطة الفلسطينية، وعلى ما يبدو أن هذه ليست كالأزمات السابقة، وحتى أن هناك تقديرات بأنها يمكن أن تؤدي إلى انهيار السلطة، وهو ما يثير تخوفات في إسرائيل، ولكن ليس لدى الحكومة الإسرائيلية الجديدة، التي يعكف بنيامين نتنياهو حاليا على تشكيلها.
وأشار المحلل السياسي في صحيفة “معاريف”، بن كسبيت، في مقال نشره موقع “ألمونيتور”، أمس الأربعاء، إلى أن “نتنياهو سعى في الماضي من أجل مصلحة إسرائيلية إستراتيجية هامة، رأت ببقاء وأداء السلطة الفلسطينية حاجة أمنية واضحة”. لكن نتنياهو، وفقا لكسبيت، “أزاح هذه المصلحة من أمامه بسبب حاجة وجودية أقوى بكثير وهي بقاؤه السياسي – الشخصي. وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه من دون شركائه المتطرفين من اليمين، الذين يمسكون مفاتيح خطة إنقاذ نتنياهو، أي تلك الخطة التي ستمكنه من الإفلات من المحاكمة. وبالنسبة لبتسلئيل سموتريتش، عضو الكنيست المركزي في اتحاد أحزاب اليمين، كلما انهارت السلطة الفلسطينية مبكرا أكثر، وكلما كانت الفوضى في أعقابها أسرع، يكون الوضع أفضل“.
وأضاف كسبيت أن “نتنياهو، في هذا الوضع، يرقص وفقا لأنغام ناي صقور اليمين الأخطر، وليس العكس”، كي يتمكن من البقاء في منصبه في حال تقديم لائحة اتهام ضده أو تأجيل تقديمها. ولذلك فإن الوضع الحالي، فيما يتعلق بسيطرة إسرائيل على الأزمة في السلطة الفلسطينية، مختلف جدا عن فترات الأزمات السابقة. “فالخصم من أموال الضرائب للفلسطينيين يتم بموجب القانون، الذي مرره الائتلاف الحكومي اليميني بتأييد واسع من المعارضة”. ورغم تبرير كسبيت لهذا القانون، لكنه أضاف أن “المشكلة في الشرق الأوسط هي أنه ليس كل ما هو مبرر هو ذكي. العدالة نسبية، ومن يخصم من أموال السلطة الفلسطينية قد يجد نفسه في المرحلة المقبلة بين حطامها، ويتوق إلى النظام السابق“.
وكرر كسبيت تقارير سابقة تحدثت عن قلق جهاز الأمن الإسرائيلي من الوضع الحاصل. لكنه أردف أنه “في الأجواء السياسية الراهنة، بعد انتصار مدوٍ آخر لليمين في الانتخابات، فإن كبار ضباط الجيش الإسرائيلي، وشعبة الاستخبارات العسكرية، والشاباك والموساد لا يصدرون صوتا. وهم عاجزون عن إنقاذ الوضع. وهم يعرفون أنه لم يولد بعد، وثمة شك إذا كان سيولد، زعيم فلسطيني قادر على تغيير الرواية الفلسطينية القومية التي ترى بالمخربين أنهم ’شهداء’ حاربوا من أجل حرية شعبهم… وإسرائيل وافقت بصمت على هذا الوضع حتى الآن. ولكن ليس بعد الآن“.
إلا أن كسبيت أشار إلى احتمال وجود “أمل”، يتمثل بطرح خطة “صفقة القرن”، التي يتوقع أن تطرح إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. “عندما تُطرح ’صفقة القرن’ ستكون السلطة الفلسطينية قد وصلت إلى عتبة انهيار اقتصادي حقيقي. مستوى المعيشة ينخفض، البطالة تتسع، وانعدام الهدوء في الشوارع يتصاعد. وأبو مازن جديّ في إصراره على عدم التنازل عن أموال الضرائب كاملة. وفي هذه اللحظة الدرامية، فيما كل شيء ينهار، ستطرح الخطة الأميركية، التي تشمل، حسب التقديرات، ما يشبه خطة مارشال دولية سخية من أجل تحسين أوضاع مناطق السلطة، واستثمارات كبيرة ومساعدات اقتصادية مكثفة. وحسب هذه النظرية، فإن توقيتها مثالي“.