الموظفون يدفعون ضرائب أكثر من المصارف!: إيلي الفرزلي
أمام الحكومة مهمة صعبة للتوافق على الإجراءات التي يجب اتباعها للوصول إلى خفض عجز الموازنة. في مشروع الموازنة المقدم من وزير المال اقتراح برفع ضريبة الدخل على الأفراد وشركات الأشخاص التي تتخطى أرباحها 225 مليوناً. الاقتراح لا يشمل شركات الأموال. تلك معفية من أي زيادة ضريبية، تماماً كإعفائها من موجب الضريبة التصاعدية. يأتي ذلك ليُضاف إلى استمرار السلطة في تجاهل تطبيق الضريبة الموحّدة
يقترح وزير المال علي حسن خليل، في مشروع الموازنة الذي تبدأ الحكومة مناقشته اليوم، تعديل احتساب ضريبة الدخل على الرواتب والأجور وعلى أرباح المهن التجارية والصناعية وغير الصناعية، عبر زيادة شطر يفرض عليه ضريبة بنسبة 25 في المئة (ما فوق 225 مليون ليرة). لا يقترح خليل تطبيق الأمر نفسه على أرباح الشركات. تلك الشركات ستبقى خاضعة لضريبة ثابتة قدرها 17 في المئة مهما ارتفعت أرباحها. عملياً، يدفع الموظفون وأصحاب المهن الحرة (شركات الأفراد) نسبة من الضرائب أعلى من تلك التي تدفعها كبرى الشركات المالية، وعلى رأسها المصارف. أين العدالة في ذلك؟
سريعاً، يأتي الرد بأن ضريبة الـ17 في المئة تُضاف إليها ضريبة 10 في المئة على توزيع أرباح الشركات، ما يجعل الضريبة الإجمالية تصل إلى نحو 25 في المئة.
هنا، يتم عمداً الدمج بين شقين من الأرباح، أي أرباح الشركة وأرباح المساهمين، من دون الأخذ في الاعتبار أن المساهمين ليسوا كأصحاب شركات الأفراد الذين يتحملون شخصياً خسائر شركاتهم أو أرباحها. ففي شركات الأموال إذا أفلست الشركة، على سبيل المثال، ليس المساهم ملزماً تعويض خسائرها من ماله.
إبعاد هذه الضريبة عن الشركات المالية، ولا سيما المصارف منها، يعني عملياً أن الحكومة التي توحي للبنانيين أن بلدهم على حافة الانهيار المالي، تريد أن تحمّل جزءاً من اللبنانيين مسؤولية الإنقاذ المفترض، فيما الجزء الآخر يستمر في مراكمة الثروات، من مصدر شبه وحيد هو الخزينة اللبنانية.
وهذا يعني أيضاً أن المطالبات المستمرة منذ أيام وزير المال الياس سابا باعتماد الضريبة الموحدة، التي يوجد إجماع على أنها الأكثر عدالة، هي ضريبة لا مكان لها، لأن ثمة في السلطة من يريد أن يحمي المكلفين الكبار من الضرائب، مقابل استسهال اقتطاع الضرائب من الموظفين والشركات الصغيرة.
بالنسبة للوزير السابق شربل نحاس لا يعني الإصلاح بالضرورة زيادة ضريبة الأرباح على الشركات. هو يعتبر أن الخيار الأفضل ربما يكون خفض هذه النسبة، تحفيزاً للاقتصاد، على أن ترفع ضريبة التوزيع، بشكل تصاعدي. هنا يميز نحاس بين الشركات في المطلق وبين المصارف التي «تمارس نشاطاً اقتصادياً مختلفاً عن كل الشركات، وصولاً إلى حد خلق النقد»، ما يحتّم وضع نظام ضريبي خاص لها، بدلاً من شملها مع الشركات الأخرى.
النقاش قد يطول بشأن النسبة التي تؤمّن أعلى مستوى من العدالة الضريبية، إلا أن هذه العدالة ستبقى منقوصة، بالنسبة لنحّاس، إذا لم تقرن بالضريبة الموحدة على كل مصادر الدخل، وأولها الفوائد على الودائع.
الضريبة الموحدة التصاعدية هي الحل أيضاً بالنسبة للخبير الاقتصادي أمين صالح. ورغم اعتباره أن اللبنة الأولى في العدالة الضرييبة هي جعلها تصاعدية، يبدي حذره من رفع الضرائب من دون القيام بإجراءات تحد من التهرب الضريبي. يقول إن معدل الضريبة ليس مهماً بقدر أهمية تحصيلها، «ورفع نسبتها لا يعني بالضرورة تحصيل إيرادات إضافية». يضيف أن «رفع الضريبة على الشركات من 15 إلى 17 في المئة، لم يساهم في زيادة إيرادت هذه الضربية، التي تراجعت 739 مليار ليرة في العام 2018». صحيح أن هذا التراجع يعود في أغلبه إلى التباطؤ الاقتصادي، إلا أن صالح يميل إلى اعتبار أن «إحدى سلبيات رفع الضريبة هي زيادة التهرب الضريبي، الذي يتم يرعاية رسمية وبتواطؤ مع السلطات المعنية». وعليه، يعتبر أن الضريبة الموحّدة تحد من إمكانية التهرب، وتؤدي إلى كشف كل مصادر الدخل أمام الإدارات الضريبية. يردّ صالح على من يرفضون هذه الضريبة بحجة حماية السرية المصرفية بالقول إن رفعها لن يكون مطلقاً بل أمام الإدارة الضريبية حصراً، وهو أمر ينفذه لبنان على المكلفين الأجانب (قانون التبادل الضريبي)، ومن الأولى تطبيقه على المكلفين اللبنانيين.
تجدر الإشارة إلى أن الضريبة الموحدة تعني احتساب الضريبة التصاعدية على الأرباح مهما اختلفت مصادرها (راتب، بدل إيجار، مساهمة في شركة، فائدة أموال مودعة في المصرف…). أما تجزئة هذه المصادر والتكليف بضريبة على كل منها على حدة، كما يحصل اليوم، فيؤدي عملياً إلى ثلاث نتائج:
– دفع نسب متدنية من الضريبة عن كل مصدر، فيما جمعها يمكن أن يقود الى ضرائب مرتفعة على الشطور العليا.
– زيادة التهرب من الضرائب، إما جراء التواطؤ أو جراء التسلح بالسرية المصرفية لإخفاء الأرباح الحقيقية أو من خلال عدم إظهار التوزيعات الحقيقية للأرباح…
– تحرير الفوائد المصرفية من دفع ضريبة الأرباح، رغم أنها أرباح محققة، وفرض ضريبة متدنية عليها (حتى لو رفعت إلى 10 في المئة)، بما يساهم في استمرار ميل المستثمرين إلى إيداع أموالهم في المصارف بدلاً من استثمارها في الاقتصاد الحقيقي.
يختصر استاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية جاد شعبان الأمر بالإشارة إلى أن المعيار الأول لفرض الضرائب هو العدالة، وبالتالي لا يمكن للسلطة أن تتعامل مع فئات معينة بطريقة تفضيلية على الآخرين، كما يحصل اليوم. وعليه، يعتبر أن من يود الوصول إلى حل علمي وعادل لا يمكنه أن يتجاهل معيارين أساسيين هما: الضريبة التصاعدية والضريبة الموحدة. أي أمر آخر هو، بحسب شعبان، مساهمة من الحكومة في ضرب العدالة الاجتماعية وتعزيز تكدّس الثروات.
شطور الضريبة
تفرض الضريبة على أساس الأجزاء أو شطور الرواتب، وبذلك تكون تصاعدية، ويجب التأكيد أن المبالغ والأجور المبينة أدناه هي الواردات الصافية المتحصلة بعد اقتطاع جميع التنزيلات القانونية منها:
2 % عن قسم الواردات الصافية الذي لا يتجاوز 6 ملايين ليرة سنوياً
4 % عن قسم الواردات الذي لا يزيد على 6 ملايين ولا يتجاوز 15 مليون ليرة
7 % عن قسم الواردات الذي يزيد على 15مليوناً ولا يتجاوز 30 مليون ليرة
11 % عن قسم الواردات الذي يزيد على 30 مليوناً ولا يتجاوز 60 مليون ليرة
15 % عن قسم الواردات الذي يزيد على 60 مليوناً ولا يتجاوز 120 مليون ليرة
20 % عن قسم الواردات التي يزيد على 120 مليون ليرة
ويقترح التعديل الوارد في الموازنة إضافة الشطر الذي يزيد على 220 مليون ليرة وتكليفه بضريبة 25 %.
* أما بشأن الضريبة على الشركات الصناعية والتجارية وغير التجارية (لمهن الحرة، وشركات الأفراد، مع استثناء شركات الاموال)، فتحتسب على الربح الصافي الباقي بعد التنزيل العائلي (المبلغ المعفى من الضريبة بحسب عدد أفراد الأسرة)، على الشكل التالي:
4 % عن القسم الخاضع للضريبة التي لا يتجاوز 9 ملايين ليرة.
7 % عن القسم الذي لا يزيد على 9 ملايين ليرة ولا يتجاوز 24 مليون ليرة.
12 % عن القسم الذي يزيد على 24 مليون ليرة ولا يتجاوز 54 مليون ليرة.
16 % عن القسم الذي يزيد على 54 مليون ليرة ولا يتجاوز 104 ملايين ليرة.
21 % عن القسم الذي يزيد على 104 ملايين ليرة.
يضيف التعديل المقترح شطراً إضافياً، هو القسم الذي يزيد على 225 مليون ليرة وتحتسب عليه ضريبة بنسبة 25 %.
(الاخبار)