الوصاية الأميركية واسرائيل
غالب قنديل
بعد كلام ديفيد ساترفيلد الموثق في المحاضر الرسمية للقائه بالوفد اللبناني الذي ضم النائبين ياسين جابر وابراهيم كنعان والسيد علي حمدان وممثلين عن السفارة اللبنانية في واشنطن تبدو الصورة واضحة حول التصميم الأميركي على إخضاع لبنان لمتطلبات الأطماع الصهيونية في المنطقة عبر فرض شراكة قسرية للعدو في الحقوق البحرية ومطالبة السلطات اللبنانية بالرضوخ للأمر الواقع من خلال الصيغ والشراكات التي خطط لها الأميركيون لمصلحة إسرائيل في حوض المتوسط عبر انبوب غاز مشترك ساهمت فيه حكومات عربية تربطها اتفاقات بالعدو.
تصدى الوفد اللبناني للدبلوماسي الأميركي كما تبين المحاضر المنشورة ورفض شروط ساترفيلد التي تعقب خط هوف للترسيم البري والبحري الذي رفضه لبنان بموقف واضح بينما انتقل ساترفيلد وفق المحاضر إلى تهديد لبنان في حال رفض الشراكة مع إسرائيل وهو اتخذ موقفا صارما في الربط بين عودة النازحين السوريين وما يسميه الأميركيون بالحل السياسي مهاجما المبادرة الروسية التي عولت عليها مواقف لبنانية رئاسية اصطدمت بجدار أميركي اوروبي اممي صنعه الأميركيون بكل صفاقة.
الولايات المتحدة بشخص احد كبار مسؤوليها ديفيد ساترفيلد تريد إخضاع لبنان في مجال حقوقه البحرية وفي ملف النازحين وهي إضافة لهذا المستوى السياسي الخطير من التدخل والوصاية تحمل دفتر شروط اقتصادي ومالي وتنوب عن صندوق النقد الدولي والمجموعات المانحة في سيدر بالتشديد على الشروط التي أقرنت بالقروض في مؤتمر سيدر.
المرجعية الأميركية المركزية التي تعبر عنها مداخلات ساترفيلد الاستفزازية التي جابه بها الوفد اللبناني الذي حافظ على هدوئه ودبلوماسيته تختصر بكلمة واحدة هي ان لبنان واقع في شراك الوصاية الأميركية وهو يعيش تحت ضغط الابتزاز الأميركي المالي والسياسي لمساومته على سيادته ومحورالاهتمام الأميركي هي مساعدة إسرائيل في فرض هيمنتها وتحقيق اطماعها وعدم احترام الحد الأدنى من اعتبارات السيادة اللبنانية والمصالح اللبنانية التي عرضها الوفد الزائر خلال اللقاء ودافع عنها.
وصل ساترفيلد في ختام اللقاء إلى بيت القصيد الأميركي الصهيوني وهو حزب الله رافضا منطق المسؤولين اللبنانيين الذي تبلغه رئيسه الافتراضي مايك بومبيو عندما زار بيروت حول مشروعية المقاومة واعتبارها مكونا رئيسيا من نسيج المجتمع اللبناني وتعبيراته السياسية وحينها كانت مواقف الرئيسين ميشال عون ونبيه بري اكثر من واضحة بينما تحصن أصدقاء واشنطن من الساسة اللبنانيين يومها بوقائع عجزهم عن التخلص من حزب الله او تجاهل عناصر قوته الشعبية والسياسية وترحيبهم بالعقوبات المصرفية وربما تطوع بعضهم بمعلومات وتفاصيل تطال هذا الملف كما حصل سابقا. في الحصيلة تصطدم مصالح لبنان بمشيئة الاستعمار الأميركي وينبغي باللبنانيين ان يفكروا مليا في خياراتهم فإما الرضوخ لوصاية اميركية تتوخى جعل لبنان مستعمرة صهيونية وكسر إرادة الاستقلال والمقاومة وإما تبني خطة شاملة لرفض الهيمنة وهذا ما يتطلب توجهات جذرية اقتصادية مالية وسياسية وتخطيطا لا ارتجال فيه يتصل بعلاقات لبنان وشراكاته الدولية والإقليمية وشيئا فشيئا يصبح استبعاد الخيارات المكلفة غير ذي جدوى وعلينا ان نختار واقعيا بين كلفتين : كلفة الرضوخ والاستسلام وكلفة الدفاع عن المصالح الحيوية السيادية وعن الكرامة الوطنية .
الخطة التي يجب اعتمادها تنطلق من احتضان المقاومة كخيار وطني اقتصاديا وسياسيا وشعبيا وتعزيز مقومات الصمود الشعبي في التصدي للضغوط والعقوبات الأميركية الصهيونية والمسارعة إلى بناء شراكات دولية وإقليمية تدعم خيار الصمود والاستقلال وكل ما هو دون ذلك سراب وهباء سيدفع ثمنه البلد فعندما تتحول تعويضات العسكريين بندا في محادثات مسؤول أميركي مع وفد لبناني زائر وعندما يطرح ساترفيلد أسئلة عن جباية الكهرباء في الضاحية رغم ما عرضه الزوار اللبنانيون عن وقائع إقرار خطة الكهرباء ندرك ان السلطات اللبنانية اوقعت البلد في شراك الخداع الأميركي المفضوح وهي تحت ابتزاز الوصاية والهيمنة.
لا حل وسطا في مثل هذه القضايا ولا هوامش للتحايل والاحتواء امام الصلافة الأميركية الوقحة والمطلوب في لبنان هو انتفاضة كرامة تنهي عهد اللعب على الحبال والتذاكي الذي يحبذه بعض السياسيين تهربا من تبعات الدفاع عن كرامة بلادهم وسيادتها.