من الصحافة الاسرائيلية
كشفت تقارير إسرائيليية عن نشوب خلافات بين جهاز الموساد، ومجلس الأمن القومي التابع لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، وذلك على خلفية طريقة التعامل مع ملفات تتعلق بالدول العربية والإسلامية التي تسعى إسرائيل إلى فتح قنوات تواصل معها تمهيدًا لتطبيع العلاقات، ونقلت عن مسؤولين في جهاز الموساد، اعتراضهم على تجاوز صلاحياتهم وعدم التنسيق معهم في “فتح قنوات اتصال جديدة” مع دول عربية وإسلامية، وذكرت المصادر أن عناصر في مجلس الأمن القومي التابع لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، يعملون بشكل مستقل بشكل كبير، دون التنسيق مع الموساد إلى حد تجاوز صلاحيته في بعض الأحيان.
وكرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تصريحاته حول فرض “السيادة الإسرائيلية” على جميع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وزعم في الوقت نفسه أنه سيتوصل إلى “سلام حقيقي ومسؤول مع الفلسطينيين”، وشدد على أنه التقى مع عدد غير قليل من الزعماء العرب.
وقال نتنياهو في مقابلة أجرتها معه القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية “إنني أصل إلى العالم من خلال قوة اقتصادية وأمنية ودبلوماسية، ومن هذا الموقع أصل إلى العالم العربي. ولا أريد القول إنني التقيت مع جميع الزعماء العرب، لكنني التقيت مع عدد غير قليل منهم وهم يحترمون قوتنا. وأنا لا آتي وأدفع تنازلات خطيرة، مع اقتلاع مستوطنات، ولذلك من هناك أصل إلى سلام حقيقي ومسؤول مع الفلسطينيين. من العالم إلى العالم العربي، إلى الجيران، ولكن كل شيء معاكس وانطلاقا من القوة وليس من خلال تنازلات وطأطأت الرأس، وهكذا أتصرف، فهذا ليس شعارا”.
حاولت التحليلات المنشورة في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم رصد مواقف الأحزاب الصهيونية التي تخوض الانتخابات العامة للكنيست التي ستجري الثلاثاء. ورأى المحللون أن هناك معسكرين في الانتخابات، الأول بزعامة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، والآخر يرأسه رئيس قائمة “كاحول لافان”، بيني غانتس، ويضم ثلاثة رؤساء سابقين للجيش الإسرائيلي، هم غانتس وموشيه يعالون وغابي أشكنازي إلى جانب رئيس حزب “ييش عتيد، يائير لبيد.
وأشار المحلل الاقتصادي – السياسي في “يديعوت أحرونوت”، سيفر بلوتسكِر، إلى أن الاستطلاعات “التي لا تتوقع نتائج الانتخابات، تدل على اتجاه عميق بارز وواضح في المجتمع الإسرائيلي، وغاب أن أعين الكثيرين، وهو تحرك الطبقة الوسطى نحو اليمين. وهذه الطبقة هي المستمتعة الكبرى من المد الاقتصادي في العقد الأخير، هي العمود الفقري لليمين المعتدل والأقل اعتدالا. وعلى عكس الدول الغربية، التي تراجعت وضعفت فيها الطبقة الوسطى، تعززت واستقرت هذه الطبقة في إسرائيل. والذين ينتمون إلى هذه الطبقة معنيون باستمرار السياسة القائمة في المجالات المتعلقة بحياتهم الشخصية، وبالاستقرار الأمني والسياسي. وبحسب شعورهم، فإن نتنياهو أفضل من يوفر هذه الرغبات“.
وأضاف بلوتسكر أن أفراد هذه الطبقة يشعرون بعدم ارتياح إزاء قضايا الفساد التي يشتبه نتنياهو فيها، “لكن لدى قدومهم إلى صناديق الاقتراع يغلقون أنوفهم ويصوتون ضد التغيير، فالدافع لضمان استمرار الوضع الحالي أقوى بكثير“.
واعتبر بلوتسكر أن “التقسيم لمعسكرين مثلما يظهر في الاستطلاعات، اليمين مقابل الوسط – يسار، هو تعسفي، ويتجاهل شكل تعريف الأحزاب لأنفسها. وفي الانتخابات السابقة، رفض لبيد التحالف مع حزبي العمل وميرتس”. ورأى أن “كاحول لافان هو جزء لا يتجزأ من كتلة اليمين – الوسط. وهذه كتلة هائلة تشمل الليكود وكولانو والأحزاب الحريدية ويسرائيل بيتينو واليمين الجديد. وحجمها 85 عضو كنيست“.
ولفت إلى أن “كتلة الوسط – يمين الحالية استبدلت السعي إلى إنهاء الاحتلال، الذي يعني الموافقة على دولة فلسطينية سيادية، قومية، متواصلة وقابلة للحياة، بتعبير ’الانفصال’، والانفصال يعني حكما فلسطينيا مدنيا محدودا على قسم من مناطق يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وسيطرة إسرائيلية حصرية على معظمها وضم ما بين 8% إلى 80% منها، وفقا لمزيج المسيانية والبراغماتية“.
وفي مقابل هذه الكتلة، اعتبر بلوتسكر أن كتلة “الوسط – يسار تضم حزبي العمل وميرتس، وأن قوة كلاهما ما بين 15 إلى 17 عضو كنيست.
واعتبر رئيس تحرير “هآرتس”، ألوف بن، أنه “في مركز المعركة الانتخابية الحالية يوجد التعامل مع مؤسسات الدولة، السلك الحكومي، الجيش الإسرائيلي، جهاز القضاء وتطبيق القانون. وأحزاب اليمين موحدة بانعدام ثقتها بهذه الهيئات وبالعادات القائمة في إسرائيل والسعي إلى هدمها واستبدالها. هذه هي رسالة بنيامين نتنياهو ونفتالي بينيت وآييليت شاكيد (رئيسا حزب “اليمين الجديد”) وبتسلئيل سموتريتش (اتحاد أحزاب اليمين الكهانية) وموشيه فايغلين“.
وأضاف بن أنه على الرغم من أن اليمين موجود في الحكم منذ 42 عاما، لكن هذا لم يمنعهم من الادعاء أن خصومهم، في الوسط – يسار، يسيطرون على المحكمة العليا والأكاديميا ووسائل الإعلام. “حكومة اليمين الحالية أجرت تغييرات كثيرة في الأجواء العامة، بمأسسة التمييز ضد العرب، إخافة المؤسسات الثقافية وتعيين قضاة محافظين في المحكمة العليا. وهذه البراعم، التي تقبلها الجمهور بسهولة نسبية، أثارت الشهية لمواصلة الانقلاب بخطوات متشددة، مثل إنقاذ نتنياهو من محاكمة جنائية، تحويل جهاز القضاء إلى ذراع للتحالف الحكومي، وتقزيم ’حراس العتبة’ في السلك الحكومي إلى جوقة تشجيع للسلطة“.
وفي المقابل، تابع بن، “يمثل خصوم نتنياهو، برئاسة بيني غانتس، الأداء الرسمي القديم الذي يريد اليمين تدميره. ويرأس قائمة كاحول لافات ثلاثة رؤساء أركان، فتى غلاف مجلة (لبيد) ومذيعة أخبار من الطراز القديم (ميكي حايموفيتش). وهم لا يريدون تغيير أي شيء، لا في الجيش ولا في جهاز القضاء ولا في سلك الخدمة العامة ولا في التقسيم الاجتماعي، وهم يتوجهون إلى الناخبين الذين يريدون إنقاذ ما تبقى من إسرائيل القديمة، أو إبطاء وتيرة التغيير على الأقل، من خلال التحالف الذي يخطط له غانتس مع الحريديين وفايغلين“.
ولفت بن إلى أن الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني احتل مكانا جانبيا في الدعاية الانتخابية، معتبرا أنه على الرغم من الإجماع في إسرائيل على “عدم وجود شريك فلسطيني”، ورغم محاولة غانتس الابتعاد عن هذه القضية كي لا يوصف بأنه “يساري”، فإنه “بالإمكان رؤية توجهين متخاصمين لمعالجة الصراع. اليمين يسعى إلى ضم مناطق C، الذي يشكل معظم أراضي الضفة، وتتواجد فيه المستوطنات ومعسكرات الجيش ومناطق التدرب على إطلاق النار والمحميات الطبيعية. وكان نتنياهو قد تحفظ حتى الفترة الأخيرة من ضم رسمي وفضّل خطوات صغيرة تعزز ربط المستوطنات بإسرائيل. وفضّل الحفاظ على مناطق مفتوحة في الضفة لتسوية مستقبلية مع الفلسطينيين. لكن بضغط الحملة الانتخابية، ورغبته بسرقة أصوات من شركائه في اليمين المتطرف وتعلقه المتزايد بهم قبيل اتخاذ قرار بتقديم لوائح اتهام ضده، غير نتنياهو الاتجاه ويتحدث الآن عن تأييده للضم وأمله بأن يحظى باعتراف أميركي“.
وتابع بن أن “نتنياهو برر سياسة الاحتواء التي يمارسها تجاه غزة بتعميق الانقسام بين الضفة والقطاع، من أجل منع دولة فلسطينية تحيط بإسرائيل من جهتين. ويقترح نتنياهو تحطيم الأمل الفلسطيني بدولة ذات تواصل جغرافي في الضفة، وتقوية حماس كحاكمة للقطاع“.
ووفقا لبن، فإن “غانتس يقترح استمرار الستاتيكو في الضفة، وتطوير الكتل الاستيطانية والامتناع عن الضم، وهذا نسخ للسياسة التي اتبعها نتنياهو في العقد الأخير وغانتس طبقها كرئيس أركان الجيش. وبالنسبة لغزة، يقترح كاحول لافان وغانتس سياسة هجومية أكثر تجاه حماس وقيادتها ومقاتليها. أي أنهم يقترحون الحفاظ على خيار التسوية الإقليمية في الضفة، وإضعاف حماس في غزة بضربات عسكرية. على عكس نتنياهو تماما، حتى لو كان من الصعب تسمية هذه السياسة بأنها ’يسارية’، وحتى إذا كانت مقترحات غانتس بعيدة جدا عن الحد الأدنى الفلسطيني“.