سيناريوهات الانتخابات الاسرائيلية: حكومة وحدة “لرد الجميل” لترامب
تنصرف الأنظار الآن إلى نتائج الانتخابات العامة للكنيست، التي ستجري يوم الثلاثاء المقبل. ورغم أن نتائج الاستطلاعات ليست دقيقة غالبا، إلا أنها تشير إلى اتجاه الأمور، خاصة فيما يتعلق بالأحزاب الكبيرة، أي الليكود “وكاحول لافان”، وفيما يتعلق بقوة المعسكرات، رغم احتمال أن تكون النتائج الحقيقية مختلفة عن الاستطلاعات، بسبب عدم تجاوز أحزاب لنسبة الحسم مثلا. وفي هذا السياق، ثمة أهمية لرفع نسبة التصويت في المجتمع العربي، ونجاح القائمتين العربيتين بدخول الكنيست، ما من شأنه أن يمنع نجاح حزب يميني، مثل “يسرائيل بيتينو”، من دخول الكنيست، حسب التقديرات .
وتناول محللون في الصحف الإسرائيلية اليوم، الجمعة، سيناريوهات محتملة لطبيعة الحكومة التي ستتشكل في أعقاب الانتخابات. ووفقا لمحللة الشؤون الحزبية في “يديعوت أحرونوت”، سيما كدمون، فإن الأيام القليلة المقبلة قبل الانتخابات، ستشهد صراعا داخل معسكري اليمين، برئاسة بنيامين نتنياهو، والوسط – يسار برئاسة بيني غانتس، الذي يرأس قائمة “كاحول لافان”، وأن الليكود و”كاحول لافان” سيسعيان إلى زيادة قوتهما على حساب الأحزاب الصغيرة في كل من المعسكرين.
في هذا السيناريو، سيسعى الليكود إلى كسب أصوات ناخبين من أحزاب اليمين الأخرى، مثل “اليمين الجديد” واتحاد أحزاب اليمين المتطرف الكهانية خصوصا، فيما سيسعى “كاحول لافان” إلى جذب أصوات ناخبين من حزب العمل وميرتس. وشددت كدمون على أنه “لا توجد في هذه الانتخابات أي أيديولوجيا”. فلا أحد يعرف ما هي أيديولوجية “كاحول لافان”، سوى السعي إلى إسقاط نتنياهو عن سدة الحكم. كذلك فإن الليكود، وخلافا للانتخابات السابقة، لم ينشر برنامجه السياسي.
ورأت كدمون أنه في حال فوز نتنياهو، وتشكيله الحكومة المقبلة، فإنه “في الغداة سنستيقظ على دولة أخرى”، معتبرة أنه في هذه الحالة سيشكل نتنياهو حكومة برئاسة الليكود ومشاركة أحزاب متطرفة، مثل “زيهوت” برئاسة موشيه فايغلين، واتحاد أحزاب اليمين الكهانية، إلى جانب الحريديم، وربما “كولانو” برئاسة موشيه كحلون و”يسرائيل بيتينو” برئاسة أفيغدور ليبرمان، بحال تجاوزا نسبة الحسم. وفي حال تحقق هذا السيناريو، بحسب كدمون، فإن إسرائيل “لن تكون الدولة التي نعرفها“.
وأردفت أن “رئيس حكومة يخضع لاستجواب تمهيدا للائحة اتهام، وستوجه كل جهوده من أجل إنقاذه من المحاكمة، سيكون متوترا وقابلا للابتزاز من جانب أحزاب يمينية، تحمل أيديولوجيا عنصرية ورهاب المثليين، تسعى إلى إقامة دولة إكراه ديني“.
من جانبه، طرح المحلل العسكري في القناة 13 الإسرائيلية، ألون بن دافيد، سيناريو مختلف، ولفت إلى أن ثمة موضوعا هاما بالنسبة لمستقبل البلاد، ومستقبل المرشحين، لم يُطرح على أجندة الانتخابات الحالية، وهو “صفقة القرن” لتسوية الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، التي يحيكها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ويتوقع أن يطرحها قريبا. ولفت إلى أن ترامب يمتنع عن التحدث عن سلام في هذا السياق وإنما عن “صفقة” وحسب.
ورغم عدم نشر التفاصيل الكاملة لهذه “الصفقة”، إلا أن بن دافيد اعتبر أنه “ليس صعبا جدا تخيل طبيعة هذه الخطة. فطوال سنوات مضت، رُسِم في عشرات معاهد الأبحاث ومجموعات النقاش الشكل المحتمل لاتفاق مع الفلسطينيين. والسؤال هو كيف يمكن تمريره سياسيا، والإجابة هي الوحدة القومية”. أي أن تتشكل حكومة وحدة قومية في إسرائيل بعد الانتخابات الوشيكة.
وتابع بن دافيد أن نتنياهو يعرف، على الأقل بخطوط عامة، خطة ترامب. وترامب “كرجل أعمال، وكمن أغدق على نتنياهو أكبر الهدايا التي يمكن أن يطلبها (الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، والاعتراف بـ”سيادة” إسرائيل على الجولان المحتل)، فإنني مقتنع بأن ترامب أوضح له أنه يتوقع الحصول على مقابل. وفي نهاية العام الحالي، بعد أن تكون الحكومة عندنا قد استقرت، ستبدأ سنة الانتخابات (الرئاسية) في الولايات المتحدة، وسيكون ترامب بحاجة إلى إنجاز دولي مدوٍ. وبعد كل ما منحنا إياه، فهو يتوقع أن نساعده بأن يحظى بولاية ثانية“.
واعتبر بن دافيد أن “صفقة القرن” قد تكون حبل نجاة بالنسبة لنتنياهو، الذي “رأى كيف أنه تحت سحابة شبهات، خرج أريئيل شارون بمبادرة الانفصال، وكيف أنه بجرة قلم أصبح يحظى بعناق من وسائل الإعلام والجمهور. وتبني نتنياهو لخطة ترامب يمكن أن يكون له مفعولا مشابها وإبطاء دوران عجلات مطاحن العدالة والنيابة العامة. غير أنه ليس لديه أي احتمال لتمرير خطة كهذه مع شركائه الطبيعيين والمتطرفين في حكومة يمين، وسيتعين عليه تشكيل حكومة واسعة مع ميل نحو أحزاب الوسط“.
واستبعد بن دافيد احتمال أن ينجح غانتس، كرئيس حكومة، بتمرير “صفقة القرن” في الكنيست وفي الرأي العام الإسرائيلي. وأضاف أنه على الرغم من أن نتنياهو وغانتس لا ينسقان مواقفهما حاليا، إلا أنهما سيستفيدان من وجودهما في حكومة واحدة تنفذ هذه الخطة. واعتبر أنه “باستثناء اليمين المتطرف، فإن الجميع سيربح من ذهابهما سوية من أجل تطبيق الصفقة: إسرائيل والاقتصاد الإسرائيلي، الولايات المتحدة وترامب، الفلسطينيون والعالم العربي وكذلك العالم كله”.