صحف عبرية: تهويل عسكري إسرائيلي للضغط على مليونية العودة
ربطت التحليلات الإسرائيلية احتمالات تدهور الوضع بين إسرائيل وقطاع غزة إلى حالة حرب بالتطورات التي قد تنجم عن مليونية الأرض والعودة المقررة ليوم السبت .
كما يتضح أن إسرائيل اعتمدت التحشيد العسكري الكبير نسبيا، ولجأ محللو الشؤون الأمنية إلى التهويل العسكري، لهدف تحقيق تسوية مؤقتة انطلاقا من أن الحكومة الإسرائيلية غير معنية بحرب واسعة النطاق قبل الانتخابات، من جهة، ومن جهة أخرى فإنها لن تقدم لقطاع غزة تسهيلات بعيدة المدى في ظل المعركة الانتخابية.
وفي المقابل، بحسب التحليلات الإسرائيلية، فإن حركة حماس تدرك أن شباك الفرص للضغط على الحكومة الإسرائيلية بشكل جدي لتحقيق إنجازات تسهل حياة سكان قطاع غزة، دون تصعيد الأوضاع إلى حرب شاملة، قد يغلق في العاشر من نيسان/ إبريل المقبل.
كتب المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، اليوم الجمعة، أن الأرقام هي التي تقرر التطورات اللاحقة، وإنه في حال تم تجنيد أكثر من 50 ألف متظاهر قرب السياج الحدودي، فإن حركة حماس ستجد صعوبة في السيطرة.
وأضاف أنه في مثل هذه الظروف فإن هناك احتمالات كبيرة بأن يحاول بعض المتظاهرين اقتحام السياج الحدودي، وعندها سيلجأ الجيش إلى استخدام “طريقة فعالة” لوقفهم، بواسطة نيران القناصة.
ويتابع أنه رغم تعليمات إطلاق النار في الجيش الإسرائيلي بالتصويب نحو الأطراف السفلى، فإن ذلك لن يمنع إمكانية وقوع حمّام دمّ يتبعه تجدد إطلاق الصواريخ.
ولفت إلى أن رئيس المجلس للأمن القومي، مئير بن شبات، الذي يتابع الاتصالات مع الوفد الأمني المصري، كان قد أمضى جل سنواته في الأجهزة الأمنية في جهاز الشاباك، وبضمنها المسؤول عن منطقة الجنوب في الجهاز التي تشمل قطاع غزة أيضا، وأنه بالنتيجة يعتبر خبيرا وعارفا بشؤون القطاع. ويلفت إلى أن حركة حماس ستجد صعوبة في البقاء في السلطة بدون تحقيق إنجازات على شكل تسهيلات جوهرية لسكان القطاع، والتي بدونها فإن الأوضاع قد تتدهور إلى حرب.
وبحسبه، فإنه يوجد لدى الجيش مجموعة واسعة من الخطط، بدءا من استعراض القدرات مقابل قيادة محلية لحركة حماس، وحتى احتلال قطاع غزة بالكامل. ويضيف أن التحفظ من القيام بعملية برية واسعة النطاق لا تتصل فقط بالثمن الذي ستدفعه إسرائيل، حيث أن أحدا من المسؤولين في الأجهزة الأمنية لم يبلور إجابة مقنعة للسؤال حول من يمكن تسليمه مفاتيح قطاع غزة بعد إسقاط سلطة حماس، باعتبار أن كلا من مصر أو السلطة الفلسطينية لن توافقا على ذلك، وبالتالي فإن السيناريو المحتمل هو “الفوضى”، سواء تحت سيطرة إسرائيلية مؤقتة أو بعد الانسحاب من القطاع.
وكتب في هذا السياق، أن جوهر المسألة هو الحياة التي لا تطاق في قطاع غزة. فبدون إعادة بناء اقتصادية ضخمة فإن المسألة لن تجد حلا لها، كما أن الفجوة الهائلة في الدخل بين إسرائيل وقطاع غزة، ونسب البطالة العالية والإحساس بفقدان الأمل، كل ذلك يوفر الوقود لمواجهة أخرى.
ويشير في هذا السياق إلى تصريحات من أشغل مناصب عالية في جهاز الأمن أن “الغزيين يعيشون في جحيم، ومن الصعب تهديدهم. حماس باتت معزولة، وظهرها إلى البحر. وبالنسبة لها فإن كل الخيارات المتوفرة لديها سيئة“.
من جهته كتب محلل الشؤون الأمنية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان، اليوم، أن الأحداث التي سبقت إطلاق الصاروخ باتجاه وسط البلاد توصف في إسرائيل بـ”كوميديا أخطاء”، ولكن الجيش الإسرائيلي ينظر بكامل الجدية إلى إمكانية التدهور نحو حرب لا يرغب بها أحد.
ويضيف أن نيران القناصة والغاز المسيل للدموع هي الرد الوحيد لدى الجيش الإسرائيلي لمنع عشرات آلاف الفلسطينيين من اقتحام السياج الحدودي.
ويضيف أن الحديث عن نشر نحو 200 قناص، وأنه في حال أطلق كل قناص رصاصة واحدة فقط، فمن المحتمل أن يكون هناك أكثر من 100 مصاب فلسطيني. ومع إطلاق رصاص أكثر فإن عدد المصابين سيتضاعف، وعندها ستجد إسرائيل والفلسطينيون، بما في ذلك الضفة الغربية، أنفسهم في وضع جديد.
ولفت بدوره إلى حجم التحشيد العسكري في محيط قطاع غزة، حيث خططت قيادة الجنوب في الجيش الإسرائيلي أن تنشر، الجمعة، 8 كتائب في مهمات دفاعية، علما أن الجيش كان قد نشر لواء المدرعات 7، ولواء مظليين ولواء “غولاني”، ومن الممكن أن ينضم إليهم كتائب أخرى نظامية إذا اقتضت الضرورة. وبالنتيجة فإن القوات تضم مدرعات وهندسة وقوات برية ومدفعية، إضافة إلى قدرات تكنولوجية واستخبارية خاصة، والتي تشكل مجتمعة الحجر الأساس للقوات البرية التي تم تدريبها للقتال في مناطق مأهولة.
وأضاف أن الحديث عن قوات لا يفترض أن تبقى مدة طويلة في قطاع غزة، وإنما للقتال المتحرك، وإطلاق النار لفترات زمنية بهدف تدمير القوة المقابلة. وفي حال اختار الجيش البقاء مدة طويلة في قطاع غزة، فسوف يتوجب عليه أن يقوم بعملية تجنيد واسعة للاحتياط لاستكمال السيطرة بعد الضربة الأولى.
ويواصل فيشمان التهويل في القوة العسكرية، حيث يشير إلى أنه ليس من قبيل الصدفة أن تسمح المؤسسة العسكرية، قبل شهر، بنشر تصريحات لقائدة اللواء 7، رومان غوفمان، الذي أبدى ثقة كبيرة بقدرات القوات البرية، وتذمر من أن ضباط الجيش يترددون في استخدامها.
ونقل عن غوفمان قوله في محادثات خاصة “أن الجيش لا يحب استخدام هذه القوات، لأنها لا تقوم بعمليات جراحية. وعندما تدخل الدبابات إلى مناطق مأهولة ومكتظة في الأزقة، فإن الصور ستكون قاسية“.
إلى ذلك، يشير إلى أن الجيش قصف نحو 90 هدفا في قطاع غزة، بما في ذلك مواقع تسببت بأضرار اقتصادية هائلة لحركة حماس، تقدر بملايين الشواقل، ردت عليها بإطلاق نحو 7 صاروخا باتجاه غلاف غزة، سقطت غالبيتها في مناطق مفتوحة.
وكتب فيشمان أنه عندما تسلم غادي آيزنكوت منصب رئيس أركان الجيش، قبل 4 سنوات، طلب من قيادات الجيش التركيز والتدرب على عدة خطط أساسية. ويعمل الجيش، اليوم، على تفعيل خطة واحدة منها تركز على ضرب تعاظم قوة حماس بذريعة الرد على “استفزازات”، وهي عبارة عن “خطة فعالة للحرب بين حربين“.
أما عن الخطة الهجومية التي استعد لها الجيش، فهي تغطي حالتين: الأولى لا تلزم باحتلال قطاع غزة؛ والثانية تشمل الاحتلال والمكوث في القطاع. وكل عملية عسكرية تبدأ بقصف جوي بهدف دفع المدنيين إلى ترك “المواقع الخطيرة“.
ويخلص فيشمان، بعد التهويل العسكري، إلى أن الطريقة الوحيدة لمنع تدهور الأوضاع إلى جولة قتالية شاملة في الأيام القريبة دون أن يبدو أحد من الطرفين كمهزوم، هو “تسوية تفاهمات”، والتي تعمل مصر عليها منذ أكثر من سنة، ولكن إسرائيل وحماس والسلطة الفلسطينية أفشلوا هذه الجهود، بحسبه.
ويشير إلى أنه بالنسبة لحركة حماس، فإن أعضاء الوفد الأمني المصري أدركوا أن “شباك الفرص لرئيس الحركة، يحيى السنوار، للضغط على الحكومة الإسرائيلية سوف يغلق في العاشر من نيسان/ إبريل، بعد الانتخابات”. وفي المقابل، فإن نتنياهو لا يستطيع، عشية الانتخابات، تقديم تسهيلات بعيدة المدى لتجنب أضرار في قوته الانتخابية، ولذلك فإنه يطلب من الجيش “إضعاف حماس وردعها، ولكن قادرة على البقاء في السلطة”، ولذلك، بحسبه، فإن “الهدف المركزي للجيش هو إنزال ضربة تبقي حماس في السلطة وتضمن الهدوء لسنوات”.