عون في مؤتمر الليونز: التحدي الأصعب للبنان هو أزمة النازحين
افتتح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مؤتمر البحر الابيض المتوسط لاندية “الليونز”، في فندق “هيلتون حبتور” في سن الفيل في حضور الرئيسة الدولية لأندية “الليونز” في العالم السيدة غودرون ينغفادوتير، النائب الأول للرئيس الدولي يونغ يول شوي، حاكم المنطقة 351 المهندس ايلي زينون ونحو 500 مشارك من 34 بلدا .
وحضر نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي، وزير البيئة فادي جريصاتي، وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، النائب السابق سليم عون، سفير اوكرانيا ايزهور اوستاش، القائم بأعمال السفارة المصرية سامر حما، المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا وشخصيات رسمية وسياسية وديبلوماسية واعلامية.
بداية عزفت الأوركسترا الهارمونية الوطنية التابعة لموسيقى قوى الأمن الداخلي بقيادة المقدم زياد مراد اناشيد لبنان، ايسلاند، الهند، كوريا الجنوبية، وسلوفانيا.
قدم الحفل الدكتور نصرالله البرجي الذي أشار الى ان “المؤتمر ينعقد في بيروت عاصمة لبنان، هذه المدينة التي تربط الحضارات ببعضها البعض ولبنان الذي يقع ليونزيا في المنطقة 351 هو أول دولة في قارة آسيا دخلت اليها الليونزية في العام 1952“.
وألقى رئيس الهيئة المنظمة للمؤتمر الحاكم السابق للمنطقة 351 سمير ابو سمرا كلمة ترحيبية اعرب فيها عن فخره بوجوده “مع هذا الحضور المميز الذي ينبض دمهم بالخدمة، وهم يعملون في مركز المراقبة المتوسطي لنشر التعاون والتضامن من أجل مستقبل افضل للأجيال القادمة“.
وشكر لرئيس الجمهورية رعايته المؤتمر مؤكدا “أن لدينا رئيسا مميزا هو الجنرال ميشال عون وان البلد في ايد أمينة وأننا نحبه ونعتز به“.
ثم كانت مداخلة لرئيسة مجلس حكام فرنسا سيلفي دينيويث دعت فيها الى “احترام حقوق الناس وحقوق الأرض لان الأرض هي لاولادنا وللأجيال الصاعدة”، مشددة على اهمية ابتداع سلوكيات جديدة.
وكانت كلمة لزينون قال فيها: “نعتز كما دوما برعاية “بي الكل” الرئيس الفخري لجمعيتنا الرئيس ميشال عون، وهو الذي يعرف التاريخ ويحافظ على الإرث المؤتمن عليه، رعايتكم عزيزة يا سيدي الرئيس وتعطي الليونز حقها في أرض الميعاد اللبنانية، وحضوركم في الوجدان يعكس حضورنا في وجدان كل إنسان عرفنا ولمس قربنا ومحبتنا وخدمتنا“.
أضاف: “قضيتنا واحدة، مسيرتنا واحدة، هدفنا واحد: سلامة الاوطان والحرية المستدامة لكل إنسان“.
وأمل زينون في هذا المؤتمر “المزيد من التعاون وتوحيد الرؤية وتصويب العمل الليونزي في المنطقة على جميع الصعد البيئية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية، لما له الخير والمنفعة لجمعيتنا التي تدخل المئوية الثانية بخطى ثابتة، ونحن الذين أخذنا الانسان هدفا لنا، فعلة الوجود عندنا تبدأ هنا ولا تنتهي“.
وختم: “خدمتنا هي هويتنا، محبتنا هي شعارنا، استمراريتنا هي واجبنا، ليونزيتنا هي عزتنا“.
ثم استمع الحضور الى اغنية o sole mio أداها التينور إيليا فرنسيس رافقته عزفا موسيقى قوى الأمن.
وبعدما قدم المدير الدولي السابق سليم موسان الرئيسة الدولية، ألقت ينغفادوتير كلمة استهلتها بشكر رئيس الجمهورية لحضوره المؤتمر، ما يعكس اهمية التعاون بين الليونز والسلطات، وعلى تقدير الليونز في لبنان وفي مختلف انحاء العالم، وشددت على “ان صورتنا قوية وخدمتنا قوية في المجتمعات“.
وشكرت الدولة المضيفة لحفاوة الاستقبال، متطرقة الى أهمية اللقاء الذي حصل في الأردن الذي سمح بالالتقاء بأهل الأردن وفلسطين، كما شكرت الليونزيين على إنجازاتهم ونشاطاتهم، مشددة على أهمية الشراكة والتعاون.
وقالت: “نحن هنا لتنمية مهاراتنا وللمزيد من التعلم، لننقل الخبرة الى بلادنا، نحن دائما ننمو ونكبر، وهذه فرصة للتعلم والاستلهام والتواصل وتقوية علاقاتنا وصداقاتنا“.
وألقى الرئيس عون كلمة قال في مستهلها: “أيها الحضور الكريم، “نحن نخدم” WE SERVE، عندما تلتقي مجموعة من الناس وتتخذ “الخدمة” شعارا لها، وعندما يحدد مؤسس المشروع إطار مشروعه بتسخير النخبة مواهبها وقدراتها لتطوير مجتمعها، وبالعمل من أجل الآخرين، فلا شك أنه يؤمل من هذه المجموعة الكثير، وخصوصا إذا كان لقاؤها وانطلاقتها في مرحلة قاتمة من تاريخ البشرية يوم كان العالم يعيش مآسي الحرب العالمية الأولى.
على هذه الأسس، بدأت جمعية أندية الليونز الدولية نشاطها في العام 1917 لتصبح على مر السنين أكبر جمعية خدمة في العالم ولتشهد على إرادة الخير والسلام والعطاء حتى في أحلك الظروف وأصعبها.
وها هي اليوم، وبعد مئة عام على انتشارها، نجدها تخدم على امتداد قارات العالم قاطبة، وخصوصا في ميدان البيئة والصحة وتحسين الظروف الاجتماعية، ولها مقعد دائم في المجلس الاقتصادي الاجتماعي لدى منظمة الأمم المتحدة. واللافت حصولها على الجائزة العالمية للشفافية والصدقية للمرة السابعة على التوالي.
فأهلاً بكم في لبنان في إطار المؤتمر الاقليمي الثاني والعشرين لأندية الليونز في دول حوض البحر الأبيض المتوسط .
وأضاف: “بالتوقف عند عناوين لقائكم اليوم، من مشاغل التلوث البيئي وازدياد حجم المشاكل الناجمة عن التصنيع والاستهلاك، الى معالجة المخلفات والضرر اللاحق بالطبيعة، الى التنمية المستدامة ومشاكل النزوح وانعكاساته الاجتماعية، نجدها كلها تحاكي تحديات تواجهنا ونسعى الى إيجاد الحلول لها. فالبيئة النظيفة حق لكل إنسان، وأي ضرر يلحق بالطبيعة يطاوله مباشرة، لأن الطبيعة عالم حي ومتوازن يقوم على 3 ركائز مترابطة ومتكاملة: إنسانية وحيوانية ونباتية، وأي خلل في أي من هذه الركائز سينعكس حتما على بقاء ذلك العالم واستمراره، وقد سبق ان تعهدت حماية البيئة في خطاب القسم، وذلك لا يتحقق إلا بإجراء مصالحة بين الانسان والطبيعة وإقرار معاهدة سلم بينه وبين الشجرة وبينه وبين الحيوان. من هنا، كان إصراري على تنفيذ قانون الصيد الذي ينظم عملية صيد الطيور فلا تبقى عشوائية بل يحدد لها موسما واضحا، بالإضافة الى تحديد الأنواع المسموح صيدها. وأسعى الى ان يصبح لبنان ممرا آمنا للطيور المهاجرة. وعملت ايضا لإقرار قانون حماية الحيوانات والرفق بها، وأدعم باستمرار حملات التحريج لمكافحة التصحر“.
وتابع: “أما التنمية المستدامة، فهي اليوم في صلب اهتماماتنا، لأنها الأساس في حل مشاكل الحاضر وتلبية حاجاته مع الاستعداد العملي لمتطلبات المستقبل لجعله أفضل.
هذا بعض من التحديات التي تواجهنا ونحن مصممون على مجابهتها، ويبقى التحدي الأصعب الذي فرضته علينا حروب المنطقة وهو أزمة النازحين السوريين، فهذه المأساة التي تعاملنا معها منذ البدء من باب التضامن الإنساني تحولت الى مشكلة تتخطى قدرتنا وإمكاناتنا على تحمل الاعباء الناجمة عنها من جميع النواحي، اقتصاديا، أمنيا، اجتماعيا، بنى تحتية، مياه، كهرباء، استشفاء ومدارس.
تصوروا فقط الضرر اللاحق بالبيئة لعدم توافر بنى تحتية لاستيعاب مليون ونصف مليون نازح على أرضٍ صار معدل السكان فيها 600 في الكيلومتر المربع الواحد.
ويقلقنا أن المجتمع الدولي لا يزال مصرا على ربط عودة النازحين بالحل السياسي في سوريا ما يعني أنه يؤجل العودة لأجل غير معلوم، هذا مع علمه اليقين بأن لبنان لم يعد قادرا على احتمال هذه الأعباء، ومع علمه أيضا بالأوضاع المزرية التي يعيشها النازحون في المخيمات التي لا تقيهم بردا ولا حرا.
نأمل منكم، وأنتم الجمعية التي تقدم الخدمة في معظم دول العالم، أن تنقلوا معاناتنا، وأيضا معاناة النازحين، واضغطوا حيث يمكنكم لضث العالم على مساعدتهم في العودة إلى بلادهم وأرضهم بأقرب وقت“.
وتوجه الى المؤتمرين: “إن اختياركم بيروت مركزا لمؤتمركم الإقليمي فيما المنطقة تعيش حالة اللاستقرار يحمل دلالات مهمة للبنان ولعاصمته بيروت، مدينة الحوار والتلاقي والانفتاح ومدينة السلام.
هكذا نرى وطننا، أرض لقاء وحوار وسط عالم يغلي بالتطرف ويرفض الآخر، فلبنان بمجتمعه التعددي هو نقيض الأحادية، وهو النموذج للتحدي الاساسي الذي يواجهه القرن الحادي والعشرون، وهو تحدي “العيش معا” ومجابهة التطرف وديكتاتورية الارهاب ورفض الآخر.
ولهذا سبق ان تقدمت بمبادرة في الامم المتحدة لترشيح لبنان ليكون مقرا رسميا ودائما لحوار الحضارات والاديان والاتنيات. وأطلقت مشروع “أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار” بهدف تثقيف الأجيال الناشئة من كل أنحاء العالم، وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط، لتقريبهم من بعضهم البعض وتعريفهم بالحضارات الأخرى لتسهيل اندماجهم الصحيح في مسيرة تقدم الحضارة الانسانية وتحصينهم في مواجهة التطرف.
وهذا المشروع سلك اليوم الطريق العملية لتنفيذه ونسعى الى ان يطرح على التصويت في الجلسة المقبلة للجمعية العمومية للأمم المتحدة. وهنا أيضا، نأمل دعمكم وأنتم الجمعية التي تؤمن بالسلام وبالتلاقي والحوار وتسعى الى الخدمة في كل الدول من دون تمييز“.
وختم: “أرحب بكم مجددا في الربوع اللبنانية، وأحيي الوفود المشاركة والعاملة في مجال الخدمة المجردة، وكل تمنياتنا لكم بالتوفيق في أعمال مؤتمركم“.
وقدم زينون للرئيس عون هدية تذكارية عربون شكر وتقدير له.