المقاومة تخوض تحدي التغيير الأبرز
غالب قنديل
المقاومة الوطنية ضد الفساد هي مفتاح التغيير كما كانت المقاومة الوطنية ضد الاحتلال مفتاح التحرير هذا هو المشهد الذي يقدم معادلة جديدة من معادلات قائد المقاومة السيد حسن نصرالله والدعوة مفتوحة لجميع القوى والتيارات اللبنانية لتكون شريكة في هذه المقاومة ولاشك ان كلمات السيد الحازمة التي تفيض حزما وجرأة وتصميما على الإنجاز بمثل ما اظهره الحزب في سجله المقاوم كقوة تحرير تقدم صورة لمرحلة قادمة يفترض ان تطوف برعب الشريحة اللصوصية من النظام اللبناني وهي شريحة السماسرة والوسطاء والوكلاء المشاركين بعملية نهب هائلة لأموال القروض مع بعض الشركات والمصارف الأجنبية والمحلية.
التدقيق المالي في حسابات الدولة اظهر خللا خطيرا وشبهات كثيرة من خلال طبيعة المخالفات التي سرد العديد منها المدير العام لوزارة المال في مؤتمره الصحافي وثمة العديد من الملفات التي ينبغي تدقيقها لتقديم إجابة للشعب عن مصير مليارات الديون التي يسددها ويدفع فوائدها اللبنانيون بينما لم تحقق لهم شيئا من الوعود الضائعة لعهد الإعمار الريعي على صعيد الخدمات والبنية الأساسية فالحاصل الفعلي تحت الصفر في كل شيء فلا رعاية اجتماعية ولا خدمات طبية ولا مشاريع إسكان ولا برامج توفر فرص عمل للشباب المدفوعين إلى الهجرة ولا مياه او كهرباء تلبي الحاجات الطبيعية اليومية لناس يعيشون في القرن الواحد والعشرين.
ملفات الفساد متعدد الوجوه والمجالات في لبنان تطال شريحة لصوصية وطفيلية في الرأسمالية المصرفية والعقارية الحاكمة منذ عام 1992 وهذه الشريحة تحاول ان تحتمي بأي طريقة كانت بالعصبيات الطائفية والمذهبية وكانت رسالة السيد حازمة في رفض أي ابتزاز في مقاومة الفساد وعدم تهيب خوض المعارك بذات الحزم والشجاعة اللذين قاد بهما الحزب المقاومة في مجابهة العدو الصهيوني بصبر وبنفس طويل وبروح لا تعرف اليأس أو التراجع.
تساءل كثيرون عن المردود اللبناني لتعاظم قوة حزب الله الذي انتصر في الحروب التي خاضها خلال السنوات الماضية ضد العدو الصهيوني وضد غزوة التكفير بقيادتها الأميركية وقائد المقاومة ألقى بكامل الهيبة والقدرة اللتين اكتسبتهما المقاومة في ميزان الصراع اللبناني ضد وحش الفساد واخطبوط النهب والسرقة المهيمن على البلد منذ العام 1992 وما اورده الحزب حتى الان من ملفاته التي يجمعها ويوثقها ليس إلا القليل مما حصل ويحصل وهو يستعد ليكون عينا مفتوحة على الشاردة والواردة حتى تنقية هياكل السلطة اللبنانية من السماسرة واللصوص وهو كما اعتمد المفاجآت في نضاله من اجل التحرير على جميع المعنيين ان يتوقعوا مفاجآته في هذا المسار الذي اعتبره قائد المقاومة اولوية لا تقل اهمية ولا قدسية عن مقاومة العدو الصهيوني الذي قاتله المقاومون وراكموا القوة الكافية لردعه ولحماية لبنان بالشراكة مع الجيش والشعب.
حملة حزب الله تضع سائر القوى السياسية اللبنانية امام اختبار المصداقية والالتزام بكل ما تظهره من نوايا وما تطرحه من شعارات وعلى الأطراف السياسية التي تعلن رفضها للنظام الريعي اللصوصي ولفساده ان تكون في مقدمة من يشاركون حزب الله خوض هذه الحرب التي لا تعذر تخلفهم عنها شكواهم السابقة من قلة الإمكانات وادعاؤهم ان حزب الله مارس احتكارا لمقاومة العدو اعتبروها احيانا وليدة تحكمه بالميدان واحيانا اخرى صوروها كتفويض إقليمي حصري والحقيقة ان جميع الوطنيين كانوا دائما على دعوة مفتوحة للمشاركة ولم يبخل حزب الله أو حركة أمل بكل ما يسهل مشاركة سائر القوى الوطنية في محاربة العدو وهذا ما نورده عن خبرة ومعرفة بتفاصيل كثيرة ليس هنا مجال عرضها.
تبنت بعض القوى الوطنية اليسارية في السابق منطقا يقول أنها تتفق مع حزب الله في مقاومة العدو الصهيوني اما في نهجه الداخلي فقد أبدت تحفظات كثيرة وغمزت طويلا من قنوات تحالفاته السياسية مع اطراف في السلطة وها هو الحزب يسقط تلك الذريعة فمقاومته الجديدة لا تستثني احدا من المتورطين أيا كان موقعه بدءا من بيئته الداخلية كما جزم سماحة السيد الذي طالب باستناد أي اتهام إلى الوقائع والقرائن والبينات والاحتكام إلى القضاء الذي سيكون أداؤه نفسه تحت الرقابة والمعاينة والمتابعة.
من بداية هذه المرحلة الجديدة التي أعلن عنها أمين عام حزب الله يفترض بجميع القيادات الوطنية التقدمية المنادية بالتغيير ان تبادر لمد أيدي التعاون والتحالف والعمل المشترك وان تسهم في تحصين مبادرة حزب الله بجبهة شعبية سياسية داعمة لمقاومة الفساد وعابرة للطوائف والمناطق وتحاصر الجناح اللصوصي في النظام بان تجرده من أي حصانة طائفية ومذهبية ومناطقية يسعى لاكتسابها وميزة هذه المعركة انها تستهدف بالوقائع والأرقام التي لا تقبل النقاش كل من استباح اموال اللبنانيين وعرقهم وتضحيات أعمارهم.
لقد بلغ النظام الريعي اللصوصي التابع مراحل خطيرة من التوحش بات معها خطرا على الوجود الإنساني وعلى جميع الثروات الوطنية الجاري تدميرها من الجبال والأنهار والشواطئ والتي سيكلف إحياؤها اموالا طائلة وقروضا ضخمة يتربص السماسرة بعمولاتها من جديد ليغرقوا الوطن في حلقة مفرغة من الاستنزاف والتبعية بينما تنبري المقاومة لتعلن العزم على كسرها ومحاسبة من يسعون لخنق الشعب بها لتدمير إنجازات التحرير والحماية التي كلفت تضحيات غالية جدا فمن باب الخراب الذي اورثه نهج اللصوصية والتقاسم يتم العمل لوضع اليد الأجنبية على البلد ولإخضاعه لشروط الوصاية الأجنبية المراد فيها كأولوية معاقبة المقاومة على ما فعلته.