بري من عمان: لا نستطيع الشعور بالمسؤولية اتجاه فلسطين ونعزل سوريا
ألقى رئيس مجلس النواب النواب نبيه بري، كلمة أمام البرلمانيين العرب في جلسة المساء، لمؤتمر الاتحاد البرلماني العربي، المنعقد في عمان، أكد فيها “ضرورة توحيد الصف العربي”، وقال: “إننا كبرلمانيين، لا نستطيع الشعور بالمسؤولية اتجاه الفلسطينين، فيما نعزل سوريا، ونبني حواجز بين بعضنا وبعضنا”، مضيفا: “وعلى مستوى الوطن اللبناني، نطالب بقرار حازم وحاسم، ضد صفقات تبديل الأرض والوطن البديل، وتوطين اللاجئين والنازحين من الأشقاء الفلسطينيين والسوريين في لبنان، وكذلك في الأردن وغيرهما “.
واستهل بري كلمته بتوجيه “الشكر الخالص لجلالة الملك عبدالله الثاني ملك الأردن، على رعايته السامية لاجتماعنا. وأعبر عن سروري الغامر، لرئاسة الاتحاد ممثلة بالدكتور علي عبد العال، وكذلك للمهندس عاطف الطراونة رئيس مجلس النواب الأردني والشعبة البرلمانية الأردنية والأمانه العامة للاتحاد، على الدعوات وحس التنظيم والاستقبال والوفادة والضيافة، في هذا البلد العزيز، الذي يقع على النهر المقدس، نهر الأردن، لعلنا نعود فنعمد فيه أحلامنا، ونغسل فيه آمالنا ومواسمنا، وعلى توجيه الدعوات لجميع الدول الأعضاء في اتحادنا، وهو الأمر الذي يعبر عن تحرير البرلمانات والمجالس الشوروية، من القرارات السياسية للحكومات، التي تعقد العلاقات، ونشير في هذا المجال إلى الانتباه الشديد لبرلماناتنا، إلى اللحظة السياسية الراهنة بالتأكيد على الأدوار الملتزمة بالعمل العربي المشترك“.
وقال: “دولة الرئيس…الزملاء والزميلات الأعزاء: نلتقي اليوم في ظروف ضاغطة على مختلف أقطارنا، بالاجتماعات والمؤتمرات وباستمرار الاعتداءات الإسرائيلية على دمشق، وبالحروب الجارية للقضاء على الإرهاب، ومحاولة الاستثمار عليها وعلى الوقت، لتحويل انتباهنا عن مشاريع الصفقات والمخططات، الهادفة لإنهاء القضية المركزية فلسطين، وإخضاعنا لأمر واقع جغرافي وسياسي ومصلحي، لا تلبي متطلبات السلام العادل والشامل، على حساب الأماني الوطنية للشعب الفلسطيني الشقيق، وعلى وحدة كيانات المنطقة، وفي الطليعة سوريا والعراق، والاستمرار بوضعهما على منظار التصويب في إطار السعي الجاري لاستبدال العدو، وجعل عدو آخر بصراحة من خلال لقاء وارسو، وهو الجمهورية الإسلامية في إيران“.
أضاف: “لذا أعبر عن تقديري البالغ، لتأكيد مؤتمرنا في عنوان انعقاده على (القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين) وأود في مطلع كلمتي، أن أوجه عنايتكم إلى جملة عناوين، تستدعي تحركنا لدعم أشقائنا في الأرض المقدسة ومنع استفرادهم“.
وتابع: “فقد شهدنا أولا، محاولات القفز على الوقائع التاريخية والسياسية، المتصلة بالقضية الفلسطينية، وشهد حزيران (يونيو) الفائت ذكرى مرور حوالي نصف قرن، لاستكمال احتلال كامل فلسطين، وضمنا كامل القدس، إضافة إلى الجولان العربي السوري والأراضي اللبنانية في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وأجزاء من قرية الغجر والنقاط السيادية البرية المتحفظ عليها لبنانيا، والمنطقة الاقتصادية الخالصة من الحدود البحرية“.
وأردف: “لا بد أن تلاحظوا معي، أن مدينة القدس والأماكن المقدسه فيها، وخصوصا المسجد الأقصى، قد تعرضت لمئات الاعتداءات من قطعان المستوطنين، وصولا إلى بناء كنيس أسفل أساسات قبة الصخرة المباركة، بعد اثني عشر عاما من الحفر والتنقيب، والمحاولة الإسرائيلية لتركيب بوابات ألكترونية، وأجهزة تصوير لمراقبة الحركة داخل المسجد المبارك، والحركة إليه ومنه، فيما تحاول سلطات الاحتلال أسرلة التعليم ومصادرة وتهويد العقارات، في أحياء سلوان والشيخ جراح، وتواصل الاعتداء حتى على حرمة الموتى في المقابر الإسلامية، ومرور دزينة من السنوات على الحصار الظالم لقطاع غزة“.
واستطرد: “لعل واحدة من أخطر القرارات السياسية التنفيذية في تاريخ القضية الفلسطينية، التي دانها اتحادنا، تلك التي اتخذها الرئيس الأميركي ترامب، نقل سفارة بلاده إلى القدس، والاعتراف بها كعاصمة للكيان الصهيوني، وشطب المبالغ السنوية الأميركية المخصصة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، الأمر الذي سيترك انعكاسات سلبية على الصعيد التربوي في لبنان والأردن، ووقف المساعدات المالية السنوية للسلطة الفلسطينية، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن“.
وأكمل: “لا بد من ملاحظة هدم القرى العربية في النقب، إضافة إلى زيادة عمليات القتل والإعدام لفلسطينيين بينهم أطفال، احتجاز حرية المئات، واستمرار ذلك بالترافق مع عمليات هدم المنازل، وإخلاء السكان قسرا، وإقامة المواقع الحربية، أو المستوطنات“.
ولفت إلى أنه “لا بد في السياق، من ملاحظة التصدي الشعبي والفصائلي وجمعات الغضب على حدود قطاع غزة، مع بقية فلسطين المحتلة، والتي تركز على حق العودة وعمليات التصدي للاحتلال، على مساحة الضفة والمنطقة الخضراء“.
وقال: “إلا أن ذلك، لا يشفع، ولا بشكل من الأشكال، وبصورة غير مقبولة، للاخوة الفلسطينيين في السلطة ومعارضتها، عدم إيجاد أرضية مناسبة، لبناء وصنع التفاهمات فيما بين الفصيلين الرئيسيين، وتوحيد لغة الخطاب السياسي إزاء الاحتلال الصهيوني، وفي ذلك فإني أوجه التحية والشكر إلى جمهورية مصرالعربية ولبنان والأردن وموسكو، على ما بذل ويبذل من جهود لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، التي كانت، ولا تزال، وستبقى، أمضى الأسلحة ضد الاحتلال، هذا إضافة إلى إعادة الاعتبار عربيا وإسلاميا ودوليا، إلى القضية الفلسطينية، باعتبارها القضية المركزية لأمتنا وشعوبنا. يا سادة لا يجتمع سيفان في غمد واحد، فهل تكونون سيفا موحدا، أم قلوبكم شتى“.
وأكد أن “هذا غيض من فيض، مما تتعرض له فلسطين وشعبها، تحت مرأى عيوننا وأسماعنا، من دون أن نشهد مسيرة تضامنية واحدة في الوطن العربي، وإن كنا كاتحاد، قد أصدرنا في أعقاب المؤتمر الطارئ لاتحادنا في القاهرة، في تموز/يوليو، بيانا تضمن إدانات وقرارات وتوصيات، بقيت للأسف حبرا على ورق كالعادة، مقابل الدم الفلسطيني المراق”، وقال: “إلا أنني كنت قد قاطعت ذلك المؤتمر، لأنه لا يمكن لنا كبرلمانيين، أن نزعم الشعور بالمسؤولية اتجاه فلسطين، فيما نعزل سوريا ونبني حواجز بين بعضنا وبعضنا“.
أضاف: “ومن فلسطين إلى مجمل الوطن العربي، فإني أسجل تقدم القوات النظامية العربية في العمليات، لسحق الإرهاب على حدود لبنان، وعلى مساحة سوريا والعراق ومصر وليبيا، وأسجل بتقدير، ما تحقق من تقدم في العلاقات الأردنية العراقية، وفتح معبر نصيب نحو سوريا ولبنان، بما يربط الخليج بالشرق، وإعادة صياغة العلاقات السورية، مع دول عربية، وكلي أمل أن يشهد الوطن العربي، عملية نهوض من كبوته، تبدأ بتوسيع التفاهم في الحديدة، نحو كل اليمن، وكان هذا رأينا، في أن حل المسألة اليمنية وغيرها، لا يمكن إلا يكون حلا سياسيا، وإلا فإن البديل، هو تقسيم المقسم والفيدراليات والكونفيدراليات“.
وتابع: “إنني على المستوى الوطني اللبناني، وباسم مجلس النواب، أطلب إلى مؤتمر الاتحاد التاسع والعشرين، اتخاذ قرار حازم حاسم ضد صفقات تبديل الأرض والوطن البديل، وتوطين اللاجئين والنازحين من الأشقاء الفلسطينيين والسوريين في لبنان، وكذلك في الأردن وغيرهما، وأطلب تسهيل بلادكم ومساهمتها في إزالة العوائق من أمام عودة الأشقاء السوريين، وقد احتموا من نيران الحرب في لبنان والأردن، إلى أرض وطنهم، وقد تحررت أجزاء غالية فيه، من احتلال الإرهاب والعصابات المسلحة“.
وأردف: “لبنانيا، أوجه عناية جميع الأشقاء إلى المناورات العسكرية الإسرائيلية مقابل جنوب لبنان، وفي الجولان المحتل، وشمال غور الأردن، التي شارك فيها رأس حربة القوات البرية الإسرائيلية، وهي مناورات تستهدف الجبهة الشمالية، في وقت تتواصل فيه الاعتداءات على سوريا، ويزرع سلاح الجو الإسرائيلي الرعب في قطاع غزة، وتستخدم فيه إسرائيل ما يوصف بحق المطاردة في الضفة الغربية. أكرر ما قلته في الاتحاد البرلماني الدولي، وكما قال أخي مرزوق الغانم بالأمس: المقاومة أولا، والمقاومة أولا، والمقاومة أحد عشر كوكبا“.
وقال: “دولة الرئيس: برلمانيا، لا بد أن أسجل وجود تقصير في المبادرات البرلمانية، اتجاه جملة قضايا وعناوين، أبرزها العلاقات الفلسطينية – الفلسطينية، ومحاولة إصلاح ذات البين، في الخلافات المستحكمة بين فصائل العمل الفلسطيني، والمبادرات اتجاه المسائل السورية واليمنية، والمسائل المغاربية، وتطوير العلاقات العربية – الأفريقية، والعربية الأميركية اللاتينية والعربية مع الجوار الأوروبي، وهي جملة قضايا اتخذت نحوها القرارات 11،12،15، في المؤتمر الأسبق السابع والعشرين للاتحاد“.
أضاف: “وفي السياق البرلماني، لا بد وإن كنت ألمس بعض الإيجابيات، من تفعيل دور اللجان الدائمة للاتحاد، خصوصا في ما يتعلق بشؤون المرأة والطفولة، ووضع خطط العمل لتفعيلها. إلا أن ذلك، يستدعي وضع الآليات المناسبة، التي تجعلنا نضع قراراتنا موضع التنفيذ، وقد قررنا بالأمس، كرؤساء مجموعة، إجراءات، آمل أن لا يصار إلى الدوران حولها“.
وتابع: “إنني هنا، لا أطرح صيغا سياسية للعمل العربي المشترك، بل صيغ مصلحية لهذا العمل، نظرا لأن الأعمال تقرب التفاهمات، وتؤسس لأسواق العمل التي نحتاجها، نحن في الدول التي تتميز بتصدير الأيدي العاملة، لذا أدعو مؤتمر الاتحاد، إعادة العمل وتفعيل لجنة السوق العربية المشتركة، لأننا نحن العرب، قد سبقنا العالم إلى الفكرة، منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وتخلفنا عن التنفيذ، فيما تتوسع الأسواق وعمليات التبادل التجاري الواسعة“.
وختم “يا سادة: مع بالغ الحزن والأسى، المشروع العربي القومي تهاوى، لعل سوقا اقتصادية تضع اللبنة الأولى فيه مجدداً،ا لااذا كان كما صدق الله اللاي العظيم: لا يغير الله ما بقوم حتى…والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.