فرصة على «وحدات الحماية» أن لا تضيّعها: حميدي العبدالله
أعطى الرئيس بشار الأسد في خطابه أمام رؤساء المجالس المحلية فرصة لوحدات الحماية الكردية للحفاظ أولاً على انتمائها الوطني، وثانياً على سيادة الأرض السورية من عبث الأطماع الأردوغانية، وثالثاً، لعدم الوقوع بالخطأ في الحسابات على الرهانات الأميركية، وبديهي أنّ هذه فرصة لا تعوّض .
لقد برهنت تجربة غزو تركيا لمنطقة عفرين حقائق كثيرة على وحدات الحماية الكردية أن تضعها نصب عينها. في منطقة عفرين التي غزاها أردوغان غالبية سكانها تفوق 95 من أصول كردية. وبديهي أنّ هؤلاء المواطنين السوريين عارضوا بقوة الغزو الأردوغاني لهذا الجزء العزيز من بلادهم سورية، وقاتلوا بكلّ قوّتهم وقدّموا الدماء العزيزة، ولكن كلّ ذلك لم يمكنهم من الصمود في وجه الغزو، والمسؤولية تقع، جزئياً على الأقلّ، على وحدات الحماية التي لم تقبل انتشاراً كاملاً للجيش السوري في التوقيت المناسب وعلى نحو ينزع ذرائع أردوغان، ويمكنه أيّ الجيش السوري في التوقيت المناسب من حشد القوة الكافية لردع أيّ غزو لهذه المنطقة.
من الطبيعي أنّ الوضع في شرق الفرات يختلف كثيراً عن الوضع في عفرين، فالأكراد لا يمثلون أكثر من 15 إلى 20 من سكان المنطقة، ودخلوا بنزاع كبير مع المكونات السورية الأخرى، وإذا قرّر أردوغان غزو هذه المنطقة، ولم تتح الفرصة للجيش السوري الانتشار فيها في الوقت المناسب، فإنّ احتمال توغل أردوغان فيها والسيطرة عليها وفي وقت قصير هو احتمال مرجح نظراً للفوارق بينها وبين منطقة عفرين.
ثانياً، لقد دمّرت عفرين على أيدي الغزاة الأتراك، ونهبت ثروات سكانها، وجرى تخريب ثرواتها ولا سيما الزيتون، وبذلت محاولات لإحداث تغيير في تركيبها الديمغرافي، ويدفع سكانها أثماناً باهظة، بعضهم أُرغم على الهجرة والنزوح وترك أملاكه ومنزله، والبعض المقيم يتعرّض لاضطهاد لا مثيل له.
وإذا قدّر لأردوغان أن يغزو منطقة شرق الفرات، أو بعض هذه المنطقة، فإنّ مصيرها سيكون مشابهاً لمصير عفرين، ولن يفيد وحدات الحماية الكردية الكلام المعسول الذي يدلي به المسؤولون الأميركيون عن معارضتهم لأيّ غزو أو اعتداء على هذه المنطقة وعلى سكانها، ورفضهم تعاون وحدات الحماية مع سورية وروسيا.
لقد رمى الرئيس بشار الأسد، بكلامه الصريح والواضح الكرة بمرمى وحدات الحماية الكردية، وهي الآن أمام خيارين لا ثالث لهما: إما تصديق وعود الأميركيين، وهي لا تتعدّى الوعود الكلامية، لأنّ واشنطن لن تدخل الحرب مع تركيا لحماية وحدات الحماية الكردية، وبالتالي تعريض منطقة شرق الفرات لمصير يشبه مصير عفرين، وإما أن تتفاهم مع الدولة السورية وتسمح بانتشار الجيش السوري في مناطق سيطرتها في الوقت المناسب كي يتحمّل إلى جانبها وجانب سكان المنطقة الدفاع عن سيادة هذه الأرض السورية العزيزة.
(البناء)