البروفسور محمد محسن “نحاول أن نفتح أمام طلاب الدكتوراه آفاق العلم”
بالتعاون بين المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في الجامعة اللبنانية، ومركز الأبحاث والدراسات التربوية، وبإدارة عميد المعهد البروفسور محمد محسن، عُقد في قاعة المؤتمرات في المعهد لقاءً علمياً بعنوان:”التعددية المنهجية في أبحاث العلوم الاجتماعية والتربوية … ماهيتها، أسبابها وكيفيتها”، قدّمها الباحث في العلوم الإنسانية والتربوية، والمتخصّص في المناهج التعليمية البروفسور محمود مِهر محمدي الذي استلم من مدير عام مركز الأبحاث والدراسات التربوية الأستاذ عبد الله قصير بحضور العميد البروفسور محمد محسن درعاً تكريمياً بهذه المناسبة.
حضر هذا اللقاء الأكاديمي سعادة المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الأستاذ محمد مهدي شريعتمدار، بالإضافة إلى نخبة من الأساتذة والباحثين في مجال العلوم الاجتماعية، والإنسانية والتربوية، وعدد من طلاّب الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصّة ضمن اختصاصات متعددة.
بدأ العميد كلمته مرحباً بالضيوف والطلاب، مقدّماً البروفسور مهر محمدي بالقول “بيننا اليوم أستاذ مميز في علمه وأخلاقه من جامعة “تربية مدرس” في إيران. لديه خمسة عشر مؤلفاً وما يزيد عن 160 مقالة علمية ويشرف على عشرات الرسائل والأطروحات”. بعدها تطرّق البروفسور محسن إلى العلاقة بين موضوع اللقاء ومتطلبات البحث العلمي في مجالات العلوم الإنسانية والتربوية والاجتماعية، مشيراً إلى العناية الخاصة التي تحيط بهذا الموضوع، نظراً “لتشابك العلوم في بعضها البعض، وتداخلها نظرياً ومنهجياً لمقاربة الموضوعات الشائكة والمعقدة والتي تتطلب أكثر من تفسير، كي نتمكّن أولاً، بحسب رأي العميد محسن، من فهم الحالة، وثانياً للتوصّل إلى التوصيات والحلول المناسبة في مجالات القضايا المجتمعية التي تهتم بتنمية المجتمع وتوفر الرفاهية للإنسان.
كما لفت البروفسور محمد محسن إلى” المسار الآحادي والمسار البيني والمسار التعددي monodisciplinary and interdisciplinary and multidisciplinary) هو في صلب العملية الفكرية، والفلسفية، والنقدية والمنهجية في عمل المعهد العالي للدكتوراه، منوّهاً بإحدى وظائف المعهد العالي، المتمحورة حول المساهمة في التطوير النظري والمنهجي، والمرتكزة على الشرح والتفسير والتحليل والنقاش في ظل التطورات الهائلة في مجالات العلوم الانسانية في مختلف الاختصاصات.
في هذا الإطار، لم يغفل العميد محسن صعوبة هذا الأمر، معتبراً “بأنها ليست مهَمة سهلة، ولكن علينا أن نبدأ من مكان ما وهذا هو المكان الطبيعي، كما قال، قاصداً بذلك المعهد العالي للدكتوراه.
وختم البروفسور محسن كلمته قائلاً “نحاول أن نفتح أمام طلاب الدكتوراه آفاق العلم من خلال تزويدهم بالمعارف والنظريات والمقاربات والنظريات والمقاربات المتداخلة والمشاركة والآداب البحثية ليتمكنوا ويصبحوا أكثر قدرة على رؤية الأمور بطريقة نقدية معمقة“.
قدّم البروفسور مِهر محمدي الشكر على هذه الاستضافة، مضيفاً بأنّه لا يشعر بالغربة في لبنان، لإحساسه بأنّه بين أهله وفي بلده الثاني. وبدأ محاضرته منطلقاً من تفسير التعددية المنهجية، ومبرّراً منهجية هذه الدعوة، كما محدّداً للأسس التي تحكم استخداماتها. وتوقّف مِهر محمدي عند السائد في المسارات البحثية التي تختار بين نوعين من الأبحاث “إما” أبحاث ودراسات “كمية” أو “نوعية” تؤدي إلى “اختيارات متوائمة معها “، معتبراً أنّ التعصّب الأيديولوجي يحضر عندما يتعلّق الأمر باستخدام طريقة ما، لافتاً إلى عدم توفّر كل الخيارات على طاولة البحث.
في هذا الإطار، أكّد المحاضر الضيف أنّ ممارسة دور الباحث لا يقتصر على نموذج واحد، أو مجموعة من الأساليب التي لا تستتبع الاتجاه السائد في المنهجية المعروفة باسم الطريقة المختلطة، معتبراً أنّ الباحث الذي يتبنى مسار التعددية يمتلك سجلاً مهنياً يدل على منهجه المنفتح على مسألة المنهجية. ولذلك بحسب رأيه، يُنصح الباحثون المبتدئون بالاستثمار في صنع منصة منهجية غنية وقوية لتكون قادرة على ممارسة الاختيار والحرية في تعهداتها البحثية في المستقبل. وتوقّف المحاضر عند الأسباب المبرّرة للمطالبة باستخدام هذه المنهجية، لافتاً إلى أنّ أهداف البحث وأسئلة البحث ليست محايدة، وبالتالي تستوجب مجموعة متنوعة من الأسئلة، ما يستوجب أيضاً مجموعة متنوعة من أساليب البحث على أسس ومعايير ملائمة.
كما رأى البروفسور محمود إنّ ثراء المنهجية وتحديد أطر مفاهيمية جديدة في الزمن المناسب، وفق الموقف المناسب وفي الوقت مناسب، يمكن أن يساعد في بلوغ أبعد الحدود المبتغاة للأبحاث، وبالتالي هي بمثابة دعوة للإبداع في مجال المنهجية، لافتاً إلى دراسة “دي توكفيل” المعروفة جيداً “الديمقراطية في أمريكا”، تعد مثالاً للباحث الذي يضع معايير منهجية ويساهم في إثراء الحقل البحثي.
كما لفت مِهر محمدي إلى أهمية طرح هذا الموضوع مع طلاب الدكتوراه، وفي المعهد العالي للدكتوراه، لأهمية استخدامه في مجال المناهج، لا سيما عند عبور الحدود الكمية في الأبحاث والدخول إلى مجال الأبحاث النوعية، ما يستوجب برأيه الدفاع عن التعددية المنهجية بناء على نظرية موحّدة للمعرفة، مثل “التعدّدية المعرفية”، أو بعض الأسس المنطقية الأخرى مثل الحجة التي طرحها ريتشارد برينج في الثنائي الزائف؛ ورأى البروفسور محمود مِهر محمدي، أنّه بدون هذه النظرية المعرفية الموحدة، لا يوجد حل لمشكلة عدم القابلية الأساسية لتعدد النماذج.
في ختام العرض ناقش الحضور من الباحثين والأساتذة وطلاب الدكتوراه النقاط التي أُثيرت من قِبل البروفسور محمود مِهر محمدي.