مفاتيح الاقتصاد أمل ملحم
تعتبرُ زيارة وفد القطاع الخاص السوري إلى دولة الإمارات استمراراً طبيعياً للعلاقات التاريخية المتجذرة بينَ البلدين، وشكلت دائماً نموذجاً يحتذى به، خاصةً على الصعيد الاقتصادي والتبادل التجاري العربي البيني وكافة القطاعات الأخرى.
ولدت فكرة الزيارة انطلاقاً من وعي الطرفين لأهمية القطاع الخاص في مد الجسور بين الدول، حيث إن الاقتصاد طالما كان عبر التاريخ سبباً رئيساً للنزاعات والحروب وفتيلاً لتفجيرها، إلا أنه كان أيضاً رافعةً لإنهائها وبلسمةً للجراح التي تخلفها، نتيجةً للمشاكل الاقتصادية العميقة التي تخلفها النزاعات على الشعوب، ودوره الحيوي في نهضتها وازدهارها.
وقد أدرك وفد رجال الأعمال السوريين مدى أهمية التجربة الاقتصادية الإماراتية المتطورة والتي نجحت بتحقيق طفراتٍ كبرى ونمو مطرد في مختلف المجالات خلال العقود الماضية وبفترات قياسية، خصوصاً في ظل اعتماد الإمارات بشكل كبير على القطاع الخاص، من خلال توسيع دوره ومنح المشاريع الاستثمارية العديد من الامتيازات والتسهيلات لتحقيق تشاركية مع القطاع العام، وتحقيق التكامل معه، مما انعكس بشكل مباشر على المجتمع الإماراتي، وساهم في تنمية روح المبادرة لدى الأفراد ورفع الإحساس بالمسؤولية والمواطنة لديهم، ومن نافل القول أن التجمعات البشرية لا يمكنها السيرُ نحو طريق الازدهار إلا على عجلات الاقتصاد المتعافي.
ولا يخفى على رجال الأعمال الإماراتيين المعروف عنهم بعد نظرهم واصطيادهم الذكي للفرص الاستثمارية الناجحة حول العالم، ثراءَ سورية بالعقول الابداعية الخلاقة في شتى المهن والمجالات وشغف الشباب السوري للإبداع، كما يعلمون بدقةٍ وضع السوق في سوريا والذي يحتاج للكثير من التطوير باعتباره سوقاً ناشئاً ومليئاً بفرص الاستثمار والخيارات المتاحة لتطويره، خاصة في مرحلة ما بعد الحرب، ويمكن للاستثمارات الخاصة الإماراتية والعقول السورية الشابة تحقيق تكامل وتعاون مشترك وحصد مردود إيجابي كبير للبلدين، وتوفير مئات فرص العمل للشباب.
وفد القطاع الخاص السوري الذي كان قد استهل زيارته بالاطلاع على التجربة الاستثمارية الرائدة في مدينة «مصدر» والتي تعتبر أول مدينة في العالم تخلو من الكربون، كما تعمل بالكامل على الطاقة الشمسية، وهذا أوضح بما لا يدعو للشك اهتمام القطاع الخاص السوري العميق بقطاع الطاقة واستغلال فرص تحسين واقعه.
التفاؤل الذي ارتسمَ على ملامح الضيوف والمضيفين لن يكونَ سمةً عابرة لحدثٍ مرحلي، بل عنواناً لمرحلة مقبلة يرادُ لها أن تكونَ مزدهرةً وإيجابية بين القطاع الخاص في البلدين، وما حصل هو تدشينٌ لها وفتحُ صفحةٍ جديدة من التعاون المشترك، ويجب أن يستمر هذا النوع من الزيارات المتبادلة في المستقبل المنظور لتعزيز الثقة، واستمرار العمل لبناء مشاريع حقيقية ومتابعتها باهتمام بالغ لتعود بالفائدة.