تدهور العلاقات التركية الأميركية: حميدي العبدالله
هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تركيا بدمار اقتصادي إذا هاجمت حلفاءه الأكراد في منطقة شرق الفرات، ويمكن الاستنتاج أنّ تغريدة الرئيس الأميركي تمثل الاستراتيجية البديلة للولايات المتحدة عن الصدام العسكري، إذا ما انسحبت القوات الأميركية وهاجم الرئيس التركي منطقة شرق الفرات .
لا شكّ أنّ تغريدة ترامب تركت آثاراً مهمة في تركيا، والأرجح أنّ الرسالة قد وصلت إلى المسؤولين الأتراك، على الرغم من ردّهم الذي زعموا فيه أنهم لن يرضخوا للتهديدات الأميركية.
معروف أنّ الاقتصاد التركي مندمج بالاقتصادات الغربية، الأميركية والأوروبية. ومعروف أيضاً أنّ علاقات تركيا بالدول الأوروبية ليست على ما يرام بسبب عدد غير قليل من الملفات بينها الموقف من الأكراد في سورية وتركيا الأمر الذي يعني أنّ الرئيس الأميركي إذا ما وضع تهديده موضع التنفيذ لجهة تدمير تركيا اقتصادياً فإنه سيكون قادراً على ذلك على نحو لا يشبه أيّ حرب أخرى اقتصادية شنّتها الولايات المتحدة ضدّ خصومها وأعدائها.
عندما كانت الولايات المتحدة تلجأ إلى سلاح العقوبات الاقتصادية ضدّ دول مثل روسيا أو كوبا أو إيران أو سورية، فإنّ جميع هذه الدول كانت اقتصاداتها تتمتع بهامش واسع من الاستقلالية ولم تندمج اندماجاً عضوياً بالاقتصادات الغربية كما هو حال تركيا منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. وبالتالي كانت قادرة على مواجهة العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والحكومات الغربية، وحتى أحياناً قرارات صادرة عن مجلس الأمن تلزم كلّ دول العالم بتنفيذها، وكان للعقوبات تأثير ولكن هذا التأثير ظلّ محدوداً ولم يؤثر على قرارات الحكومات في هذه الدول وصمدت في وجه الضغوط الأميركية، والضغوط الغربية.
لكن تركيا لا تحوز على مثل هذه الوضعية، بسبب اندماج اقتصادها بالاقتصادات الغربية، وبالتالي فإنّ أيّ عقوبات من نوع العقوبات التي استهدفت روسيا وإيران وكوريا الشمالية وكوبا وسورية ضدّ تركيا من شأنها أن تترك عواقب وخيمة وتتسبّب بزلازل كبيرة.
ربما يتبادر للذهن أنّ تركيا يمكنها أن تكرّر سيناريو ماليزيا مهاتير محمد، لكن الأمر يختلف مع تركيا، خلاف ماليزيا مع الغرب كان على السياسات المالية، وكان للغرب مصلحة في أن تتخذ ماليزيا بعض الإجراءات الاقتصادية لوقف الانهيار الذي كان له تداعيات سلبية على اقتصادات دول جنوب شرق آسيا، وبالتالي الاقتصاد الدولي، لكن العقوبات ضدّ تركيا لها خلفيات سياسية إذا ما أقدم عليها الرئيس الأميركي والحكومات الغربية، وبالتالي لن يكون بوسع تركيا الصمود في وجه هذه العقوبات، وقد يقود الانهيار الاقتصادي إذا ما نفذت تهديدات ترامب إلى حدوث اضطرابات سياسية حادة في دولة إقليمية هامة اقتصادها يحتلّ المرتبة الثامنة عشر في الاقتصاد العالمي.