هنا سورية أيها الجهلة
غالب قنديل
تروج بعض الأبواق المنفوطة صورة عن مداولات دعوة سورية للقمة العربية تنطوي على الصدى المبرمج لمحاولة طمس هزيمة العدوان وتحويل خيبة الخاسرين إلى مكسب سياسي موهوم .
يخفي المبرمجون حقيقة ان سورية لم تبادر لطلب العودة إلى الجامعة العربية التي أقحمها الثنائي السعودي القطري في عملية الغدر بسورية واستعملها بالأمر الأميركي في تنظيم فصول العدوان على سورية ولمحاصرتها بالعقوبات والتدابير العدائية بل كانت الجامعة التي تشكل معاهدة الدفاع العربي المشترك إحدى وثائقها المقتولة لحساب الكيان الصهيوني أشرس وأشد سعارا من جميع حكومات العدوان وقادتها في عواصم الغرب الأطلسي وفي تل أبيب وفي عاصمة التآمر العثماني اسطنبول.
الحقيقة التي يتكتمون عليها اليوم هي ان الحكومات العربية التابعة للهيمنة الاستعمارية التي تآمرت على سورية أغلقت سفاراتها بالأمرالأميركي الصهيوني مع انخراطها في العدوان على قلعة العروبة هي تتحرك اليوم بالأمر الأميركي لاستكشاف سبل إعادة فتح سفاراتها بعدما هزم العدوان وفشل ولما شرعت سورية مع حلفائها الشرفاء تكتب فصول انتصارها الختامية.
التقدير الأميركي بعد الفشل والهزيمة يقضي بضرورة هرولة المتورطين إلى دمشق لموازنة الحضور السياسي الفاعل والمكثف لحلفاء سورية في الميدان وفي العلاقات السياسة والاقتصادية المتطورة مع سورية وقد تعمدت بالدماء تلك التحالفات في ملاحم الصمود والمقاومة التي ما تزال مستمرة.
تم إرساء جسور شراكة استراتيجية متكاملة اقتصادية وعسكرية مفتوحة على فرص نمو وتطور لبناء كتلة شرقية تحررية مناهضة للهيمنة الأميركية الصهيونية وبدون شك فإن القيادة السورية التحررية عالمة بخفايا كثيرة عن كواليس الدبلوماسية العالمية والإقليمية وبما يتداول فيها مما يفسر ذلك الشبق الغربي والخليجي لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع سورية ومن دروس التجربة المريرة التي عاشتها سورية في السنوات الماضية هو السؤال المتكرر عما يريده الأميركي بعد أي بادرة تصدر عن حكومات العدوان الخائبة والمهزومة حتى لوتغيرت أسماء المسؤولين والموفدين تكيفا.
التكيف مع الهزيمة امام سورية أملى في السابق وسيملي مستقبلا تغييرات وتعديلات سياسية في هياكل الحكم الخليجية والفواتير السياسية للهزيمة سيدفعها كثيرون ممن مارسوا النباح العدواني ضد القائد بشار الأسد وممن حاولوا تسجيل السبق في المطالبة بحرب اميركية صهيونية تجهز على جميع وجوه الحياة في دمشق وسعوا إلى تطويق سورية لخنقها وتركيعها بعدما استعصى تدميرها وكسر إرادتها وهم يعلمون أي إرادة صلبة وروح استقلالية مقاومة وحرة يمتلكها القائد بشار الأسد من شواهد التجارب طيلة ثمانية عشر عاما فكيف وهو اليوم في موقع الزعامة القومية الباسقة المنتصرة.
العبر التي حملتها التجارب السابقة حاضرة في العقل القيادي السوري وحساباته فهؤلاء انفسهم كانوا موفدي الأميركي والصهيوني لمراودة سورية ولغوايتها بنعم الخضوع للمشيئة الأميركية الصهيونية وهم من دبجوا البيانات المسمومة ومولوا عصابات الإرهاب وأقاموا غرف العمليات المخابراتية حيث استطاعوا وهم انفسهم الذين مولوا ونفذوا خطط الشيطنة الإعلامية والدجل المنظم عن أقذع كذبة في هذا العصر وساهموا في تغطية احط انواع الجرائم الجماعية المنظمة تحت مسمى الثورة السورية واطلقوا وحوش التكفير والقتل الدموي بقيادة بيترايوس رئيس المخابرات الأميركية المركزية وبالشراكة مع الموساد ورجب طيب أردوغان.
سورية دافعت دائما عن مصالح شعبها وعن امتها وهي في مجابهة العدوان كانت تفتدي كل عربي بين المحيط والخليج بتضحيات شعبها وجيشها البطل وكذلك بتضحيات شركائها من أبطال حزب الله والمستشارين الإيرانيين والحلفاء الروس.
ساذج واخرق كل من يتخيل في العالم ان لديه ما يساوم به مع سورية على هذه الشراكات او ما يغريها به لتفك تحالفاتها ويصح التعقيب بالقول ان ما لم تحصلوا عليه قبل العدوان وما استمتم لصنعه خلال العدوان لن يكون لكم بعده فسورية لم تطلب العودة إلى جامعتكم رغم حرصها المستمر على الحد الأدني من التواصل بين الدول العربية رغم الاختلاف السياسي لأنها معنية بالتواصل الشعبي والمجتمعي اقتصاديا وثقافيا مع كل العرب ولأنها تعرف ان بعض الحكومات اتخذت تدابير الحظر ضد الإعلام العربي السوري حتى لا يكتشف الناس الحقائق وهي تدرك أيضا ان اوساطا عربية واسعة على الصعيد الشعبي تدرك مغزى انتصار سورية ومحورها المقاوم في المنطقة وحلفها الشرقي المناهض للهيمنة وتتعاطف مع دمشق والقائد الأسد رمز العروبة والصمود في هذا الشرق.
تستعد سورية لتحويل علاقتها بحلفائها في التصدي للعدوان إلى شراكة استراتيجية كاملة وهذا هو مغزى الشراكات الدفاعية والاقتصادية طويلة الأمد مع روسيا وإيران والصين والهند التي ترسيها الجمهورية العربية السورية التي تتمسك بهدفها الوطني العزيز بتحرير الجولان وبقضية فلسطين وبدعم قوى المقاومة اللبنانية الفلسطينية وتضعها في رأس اولوياتها رغم كل ما جرى فما صانته التضحيات ليس معروضا لأي مساومة مع أي كان في العلم كله.
من المهازل المتوقعة ان يتركز مؤخرا الهجوم الأميركي الصهيوني والوهم الخليجي على إمكانية إضعاف العلاقة الإيرانية السورية وهي حلف وثيق وراسخ وممتد منذ أربعين عاما لم تهزه المؤامرات المتواصلة وقد اختبرت تلك العلاقة الوثيقة ظروفا عاصفة وصعبة وضغوطا كثيفة وافتراقا تكتيكيا عابرا أحيانا ولم تتزحزح سورية ولا إيران عن ميثاق التحالف الذي انطلق بمبادرات سورية شجاعة ومكلفة جدا فور انتصار الثورة في مثل هذه الأيام قبل أربعة عقود انطلاقا من اعتبار التناقض مع محور الهيمنة الإستعماري الصهيوني ومع العدو الصهيوني بالتحديد اولوية تبنى عليها قاعدة التحرر والاستقلال السياسي لدول المنطقة فبم يغري الخاضعون الزاحفون إلى صهيون قائدا مقاوما بطلا ومنتصرا ودولة أبية صلبة وطموحة لفك التحالف مع إيران او حزب الله المضحي والمتمسك بنهجه التحرري وسائر القوى الوطنية اللبنانية التي تعيش وهج الانتصارات السورية بوصفها انتصارا لها على منطق القوى اللبنانية التابعة التي تورطت في الخيارات الأميركية والعربية والصهيونية البائسة وهي تكابر باجترار أحقادها لكي لا تعترف.