من الصحافة الاميركية
ذكرت الصحف الاميركية الصادرة اليوم ان جيش الولايات المتحدة سحب أول مجموعة معدات أرضية عسكرية من سوريا في الأيام القليلة الماضية، ونقلت عن مسؤول في الإدارة الأميركية قوله إن بعض الشحنات تحركت بالفعل، دون أن يوضح -بسبب مخاوف أمنية- طبيعة الشحنات أو الطريقة التي نقلت بها، جوا أم برا، وأضافت أن المسؤول الأميركي رفض ذكر المواقع التي كانت فيها تلك المعدات في سوريا قبل نقلها، وإن كان مرجحا أن تكون في الشمال السوري .
كما نقلت وول ستريت جورنال عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) قولهم إن خطط واشنطن للانسحاب من سوريا لم تتغير، وإن الوزارة لم تتلق أوامر بغير ذلك، وأضافت ذات المصادر أنه يجري التعامل فعليا مع خطط الانسحاب، وأن العشرات من جنود المشاة توجهوا إلى سوريا للمساعدة في سحب القوات من مناطق تمركزها، وأن سفنا عسكرية تقودها السفينة الحربية البرمائية “كيرزارج” توجهت إلى المنطقة لتقديم الدعم لحظة مغادرة القوات.
وكشفت صحيفة واشنطن بوست أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ما زال على اتصال بالمستشار المعزول من الديوان الملكي سعود القحطاني، المتهم في قضية اغتيال الكاتب الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول مطلع اكتوبر 2018 وأن الأخير ما يزال يحمل الكثير من الملفات.
وقال الكاتب ديفيد أغناتيوس إن “بن سلمان على اتصال منتظم مع القحطاني، المتّهم بالمشاركة في اغتيال الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، منذ 100 يوم“، ونقل أغناتيوس عن مصدر سعودي رفيع (لم يسمه) قوله: إن “القحطاني التقى مؤخراً في منزله بالرياض كبار مساعديه في مركز الدراسات والشؤون الإعلامية، وأبلغهم أنه يُستخدم ككبش فداء، ومن يوضع عليه اللوم في مقتل خاشقجي”، بينما قال مصدر أمريكي التقى بن سلمان مؤخراً: إن “القحطاني يحمل الكثير من الملفات”، مضيفاً: “إن فكرة أنه يمكن أن يكون لديك فراق كامل معه أمر غير واقعي”، بحسب واشنطن بوست.
وصف كاتب أميركي الطريقة التي اغتيل بها الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول بأنها “وحشية وبشعة ومحيرة للعقل”، داعيا الجمهوريين لكبح جماح الرئيس دونالد ترامب قبل أن يقضي على ما تبقى من مصداقية لأميركا.
وتساءل الكاتب إيروين ستولماكر مستغربا: لم لا تبدو إدارة ترامب راغبة في التضحية بولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتدبيره جريمة تقطيع أوصال صحفي؟
وفي مقال بصحيفة “ذا ترينتونيان” التي تصدر في ولاية نيوجيرسي، يقول الكاتب إن تصريحات ترامب بأنه يريد أن تظل الولايات المتحدة “شريكا ثابتا أمام الشدائد” للسعودية، يمكن أخذها بظاهرها.
صحيح أن العلاقات الجيدة مع السعودية -برأي المقال- تصب في صالح الشركات الأميركية التي تبيع الأسلحة والعتاد العسكري للرياض، لأن إسرائيل تعتبر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط أمرا سلبيا للغاية.
غير أن ستولماكر -وهو رئيس مجموعة شركات استشارية تحمل اسم عائلته–يرتاب في وجود سبب آخر يحول دون أن يتحدث ترامب عن محمد بن سلمان بسوء، ويجعله غير راغب في الاستماع إلى التسجيلات الصوتية عن مقتل خاشقجي.
وهو السبب ذاته الذي يمنعه من التحدث عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسوء، أو يقر بتدخل روسيا في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016. ذلك السبب هو المال، وهو الشيء الوحيد الذي يوليه دونالد ترامب جلّ اهتمامه، بحسب عبارات ستولماكر.
ويمضي الكاتب إلى القول إن الرئيس ترامب تربطه صلات عميقة منذ سنوات عديدة مع البلاط الملكي السعودي الذي كان إلى جانبه عندما “ترنح عند حافة الإفلاس“.
ويعدد ستولماكر المكاسب المالية التي جناها ترامب من علاقاته مع السعوديين طوال ثلاثين عاما تقريبا، ومن بينها بيعه يختا فاخرا في عام 1991 لملياردير سعودي بقيمة عشرين ميلون دولار، وهو سعر يقل بمقدار الثلث عن المبلغ الذي دفعه لشرائه، وذلك لأنه كان على شفا الإفلاس وبحاجة إلى المال، بحسب تقرير كانت قد نشرته صحيفة واشنطن بوست.
لكن ستولماكر يعقب على ذلك بالقول إن “الأخبار الكاذبة” هي دأب ترامب على النفي والإنكار، مؤكدا أن للرئيس علاقات “حميمة” منذ عقود مع العائلة السعودية الحاكمة والعديد من الأثرياء والقلة الحاكمة في روسيا.
وطبقا لكاتب المقال، فإن تلك العلاقات ربما كان لها تأثير في سياسة إدارة ترامب تجاه السعودية وروسيا منذ انتخابه رئيسا للولايات المتحدة، لكنه مع ذلك يقر بأن من العسير القطع بذلك طالما أن الرئيس ترامب لم يفصح عن إقراراته الضريبية لإخضاعها للتدقيق العلني.
ويتساءل ستولماكر مرة أخرى: هل ثمة حلقة مفقودة بين إنكار إدارة ترامب لتدخل روسيا في الانتخابات الأميركية وتعاميه عن جريمة قتل خاشقجي؟ فإذا كان ذلك كذلك، فعندئذ يكون هذا خيانة وانتهاكا محتملا لبند في الدستور الأميركي، يحظر على من يتولى منصبا عاما قبول أموال من حكومات أجنبية.