من الصحف الاميركية
اعتبرت الصحف الاميركية الصادرة اليوم ان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منتصف ولايته متأكدا من قدرته على اتخاذ القرارات وإصدار الأحكام في الشؤون العامة والدولية ولكنه معزول من الجميع إلا نفسه، وقالت ان الرئيس عندما يشعر بالإحباط من مساعديه في اللقاء يرتد خلفا على كرسيه ويحضن يديه ويصرخ عادة “حمقى” وعادة ما يستخدم كلمات غير مجانين .
وقالت إن ترامب خاض وخلال العامين الماضيين حربا على حكومته مقتنعا بأن الناس حوله حمقى. ويشعر بالغضب عندما يقاومون مطالبه ولا يهتم بالتفاصيل وينفجر غاضبا عندما يقولون له إنه لا يملك القوة لعمل ما يشاء، وهو ما يدفعه للشك أنهم يقومون بالتآمر عليه سرا لتقويضه.
ويبدو الرئيس الذي أعلن “أستطيع إصلاح (النظام) وحدي” يقف اليوم وحيدا وسط نظام محطم، فقد شهدت الأيام الماضية سلسلة من الأحداث: الإغلاق الحكومي والفضائح المتزايدة وهبوط حاد في الأسواق المالية وسحب مفاجئ للقوات واستقالة وزير دفاعه المهمش، كلها تعطي صورة عن رئاسة في خطر الخروج عن السيطرة.
قالت صحيفة واشنطن بوست إن السياسة الخارجية الأميركية لطالما سعت لخدمة مصالحها الاقتصادية والأمنية فقط، متجاهلة مصير شعوب متناحرة ودول تنخر أجسادها الحروب. وقد حان الآن دور الأكراد والعديد من الحلفاء الآخرين للخداع والخيانة الأميركيين.
وقد أشارت أستاذة العلوم التاريخية ومديرة مكتب واشنطن بوست في بيروت ليز سلي إلى أن السوريين بالمناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة سيكونون عرضة لهجمات النظام السوري من جهة، وخطر عودة تنظيم الدولة من جهة أخرى.
وذكر المقال المنشور بواشنطن بوست أن قرار الرئيس دونالد ترامب بسحب القوات من سوريا فاجأ العديد من الأشخاص، نظرا لأن تداعياته تتجاوز حدود سوريا.
فمن جهتها، تهدد تركيا بشن حملة شمال البلاد، بينما يبدو أن الحكومة السورية تنظم صفوفها لتستعيد السيطرة على المنطقة بالقوة. وبين هذا وذاك، يسعى تنظيم الدولة إلى إعداد قواته وسط البلاد، مما تسبب في ذعر العرب والأكراد على حد سواء.
وقالت سلي إن آلاف المواطنين الأكراد الغاضبين حثوا الحكومة الأميركية على العدول عن قرارها حاملين صور أطفالهم الذين لقوا حتفهم خلال قتال تنظيم الدولة، أثناء سيرهم نحو القاعدة العسكرية الأميركية بمدينة (عين العرب) كوباني السورية. ويخشى الأكراد المرتاعون من أن يلاقي أهلهم وأبناؤهم المصير ذاته عقب رحيل القوات الأميركية.
وأوردت أن قرار ترامب يمثل انتكاسة أخرى للتطلعات الكردية بإقامة دولة خاصة بهم في سوريا، كما يمثل فصلا آخر من الخداع والتهميش لهم من طرف واشنطن التي سبق أن غدرت بهم عندما تخلت عن دعم الانتفاضة الكردية في العراق سنة 1975، كما امتنعت إدارة ترامب السنة الماضية عن تقديم الدعم لاستفتاء استقلال إقليم كردستان العراق.
ونسبت إلى الصحفي الكردي السوري هوشينك حسن قوله إن هذا التغيير المفاجئ بالسياسة الأميركية لا يثير قلق الأكراد السوريين فقط، بل جميع حلفاء واشنطن بالمنطقة، مضيفا أن المعضلة الحقيقية تكمن في انعدام الثقة، مما سيدفع الحكومات لإعادة تقييم تحالفاتها مع القوى العظمى التي قد تتخلى عنها أي لحظة.
وأضاف حسن أن أكبر المستفيدين من هذا الوضع هم روسيا وتركيا وإيران، مشيرا إلى أن هذه الدول تمثل القوى الجديدة في الشرق الأوسط. وتساءل “لماذا نعارض القوى الجديدة أو نعاديها؟“.
وأوضحت سلي أن الأكراد- الذين يعيشون بالبلدات والقرى على طول الحدود الشمالية السورية- عبروا عن خوفهم من التهديد المستمر للتوغل التركي، مشيرة إلى أن هذا التهديد لعب دوراً كبيرا في قرار ترامب سحب قواته، حيث يُقال إنه اتخذه إثر مكالمة هاتفية أجراها الجمعة مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان المعروف بمعارضته للدعم الأميركي للكيان الكردي الجديد المتمركز على حدود بلاده.
قالت صحيفة نيويورك تايمز إن القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا قد أدى إلى تشويش مفاجئ للسياسات في الشرق الأوسط، حيث أفسح الطريق أمام إيران لتوسيع نفوذها في المنطقة، وترك إسرائيل وحدها في محاولة لوقفها، وزاد احتمال أن الآلاف من سجناء داعش ربما يتم تحريرهم.
وأوضحت الصحيفة أنه خارج المنطقة، حظى قرار ترامب الإشادة من موسكو، لكن في واشنطن كان سببا في استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس.
ومن المتوقع أن تجنى كل تركيا وإيران وحكومة بشار الأسد مكاسب قوية من الانسحاب الأمريكي، في المقابل، لأن حلفاء أمريكا مثل القوات الكردية التي حاربت مع الولايات المتحدة في سوريا تشعر بالخيانة وأنها مهددة بتحرير آلاف من سجناء داعش في حال تخلى الولايات المتحدة عنهم وفق الصحيفة.
أما عن إسرائيل التي كانت تأمل أن الوجود الأمريكي في سوريا سيمنع إيران من إتمام معبرها إلى البحر، أصبح عليها أن تتعامل مع الواقع الجديد كما ذكرت الصحيفة.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن القرار الأمريكي سيجبر بعض الدول إلى إعادة تقييم علاقتها ، ويمكن أن يسفر عن سلسلة من التوازنات الجديدة، فإسرائيل ستحاول إمالة روسيا ضد إيران، وتركيا ستستغل روسيا والولايات المتحدة ضد بعضهما البعض، أما سوريا فستوازن الأكراد بتركيا وآخرين.