طلاب معهد العلوم الاجتماعية يكسرون القيود ويحاورون جورج قرم
على مشارف انتهاء الفصل الأول من العام الجامعي الحالي، نظّم طلاب معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية في الفرع الأول والفرع الثاني ــ اختصاص الانثروبولوجيا، في قاعة المحاضرات في مبنى الإدارة المركزية للجامعة اللبنانية بحضور رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب ندوة بعنوان ” السياقات الفكرية في كتابات جورج قرم ” لحضور عرض مشاريع بحثية ولقاء حواري مع المفكر والخبير الاقتصادي والمالي معالي الدكتور جورج قرم وذلك ضمن ميدان الأنثروبولوجيا السمعية ــ البصرية تحت إشراف أستاذة المادة منسقة مختبر الأنثروبولوجيا في مركز الأبحاث في معهد العلوم الاجتماعية البروفسورة ندى الطويل وقد حضر اللقاء عضو مجلس الجامعة اللبنانية ورئيس الفرقة البحثية للعلوم الاجتماعية في المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية البروفسور حسين رحال، وعدد من أساتذة معهد العلوم الاجتماعية، وجمع من طلاب وطالبات المعهد بفرعيه الأول والثاني .
البروفسور أيوب
استهل اللقاء بكلمة من البروفسور فؤاد أيوب الذي رحّب فيها بمعالي الدكتور قرم وبطلاب وطالبات المعهد والحضور، مثمّناً غالياً دور قرم الفكري والاقتصادي والمعرفي والأكاديمي والإنساني على مدى عقود من الزمن، لافتاً إلى أهمية قراءة طلاب الجامعة اللبنانية لكتابات قرم، ومنوّهاً بالمخرجات التي قدّمها طلاب وطالبات معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية في هذا الإطار، إن على صعيد هذه الندوة بما تضمنته من قراءة ونقاش لأربع من كتابات قرم ضمن أشكال عروض متنوّعة، أو على صعيد معرض الصور الذي سبق الندوة والذي جسّد بالصور والعبارات من خلال لوحات، إشكاليات وطروحات الدكتور قرم ضمن كتبه الأربعة محور اللقاء.
أكّد رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور أيوب على أهمية إدراج تقنيات ومعارف جديدة ضمن مقررات واختصاصات الجامعة، وذلك في معرض طرح البروفسورة الطويل إدراج تقنيات سمعية بصرية تتيح لطلاب مادة الانثروبولوجيا تنفيذ مشاريع تخرجهم من خلال الصور والأفلام الوثائقية وغيرها من الأشكال الفنية الممكنة، في هذا السياق أشار أيوب إلى انسجام هذا العمل مع سعي الجامعة الحثيث والدائم إلى تحديث مضامين اختصاصاتها بما يتناسب مع النظم الأكاديمية العالمية. كما فاجأ البروفسور أيوب الطلاب بعرض خارج توقعاتهم، تضمن التنازل عن حقوق الملكية الفكرية لمعرضهم، للجامعة اللبنانية، ليصار إلى إصداره ضمن منشورات الجامعة، داعياً إلى تعزيز مثل هذه النشاطات الطلابية البحثية المهمة في غير اختصاص من اختصاصات الجامعة اللبنانية وعلى امتداد مساحة الوطن.
عبّر البروفسور أيوب في ختام كلمته عن أهمية هذا العمل بما يتضمنه من أبعاد متعددة، لا سيما انه يجمع طلاب الفرع الأول والفرع الثاني في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، مؤكّداً على فكرة أبناء الجامعة الوطنية الواحدة، مصرّحاً أنه يعمل ليوحد في المستقبل مضامين المقررات في كل فروع الجامعة بكامل اختصاصاتها، كما أشكال ومضامين الامتحانات والاختبارات، وأن تجري في تاريخ ووقت واحد.
الوزير قرم
أعرب معالي الدكتور جورج قرم عن سعادته بوجوده في الجامعة اللبنانية التي درّس فيها لسنوات في معهد العلوم الاجتماعية، مشيراً أنه كان من العاملين فيها على إقرار دبلوم الدراسات المعمّقة، كما عبّر عن شكره العميق للقيمين على هذا اللقاء الذي لن ينساه، على حد قوله، منوهاً بأهميته كتحضير من الطلاب بإشراف الدكتورة ندى الطويل.
في معرض النقاش مع الدكتور قرم حول كتاباته، أشار إلى إشكاليات عديدة طرحها ضمن كتبه وتمحورت حول الجدلية القائمة بين العوامل الداخلية والعوامل الخارجية لتخلفنا وعجزنا، ذاكراً أنّ الثقافات تتفاعل فيما بينها أو لا تتفاعل، رافضاً فكرة صدام الحضارات. أكثر من جدلية تناولها قرم في معرض حديثه، ليس أولها الجدلية العقيمة برأيه التي تدور بين الحداثة والأصالة، رافضاً فكرة تفسير التاريخ برؤية أحادية. وفي معرض رده على أسئلة الطلاب حول مضامين كتبه أكّد على تفضيله للنظام العلماني معرباً عن عدم تحبيذه للحجج الدينية، لافتاً في هذا الإطار إلى استخدام اليهود بدعة ثقافة دينية يهودية مسيحية، وهو ما يسميه قرم “انقلاب ثقافي” ضمن الثقافة الغربية.
في قراءته للواقع اللبناني، توقف الدكتور جورج قرم عند “ضرورة الاتفاق بين اللبنانيين على أمور أساسية بخصوص النظرة إلى إسرائيل كعدو كياني، وإلاّ لا داعي للكلام”، وتوقّف قرم على إجابات على أسئلة الطلاب التي تناولت كتاباته عند الدور الوهابي والدور الإيراني والسياسة الغربية والأميركية في المنطقة معتبراً أننا أمام جدلية معقدة في هذا الإطار، قائلاً ” اننا لا ندرس كثير من الباحثين الذين يرون أن الولايات المتحدة الأميركية قوة خير، ومن يعرقلها هي روسيا وايران اللذين يمثلان امبراطورية شر، بينما أنا أرى امبراطورية الشر هي الولايات المتحدة الأميركية، وتمثل شرها في حربها على العراق، وليبيا، واليمن وسوريا .. وإلى متى، سؤال يجب أن يطرح“.
البروفسورة الطويل
“هو مشروع بحثي يأتي في سياق تقديم ابحاث نهاية الفصل في إطار الانثروبولوجيا السمعية البصرية والتي هي الغائب الاكبر عن مسار الانثروبولوجيا في الجامعات اللبنانية ومنها جامعتنا” هكذا بدأت ندى الطويل تقديمها لهذا اللقاء، مشيرة “أنها احبت ألا تتم الاضاءة هذه السنة على منطقة او مجموعة بل على مفكر وباحث من لبنان، فكان جورج قرم الذي يحمل ارثاً فكرياً مهماً تتشاركه معه الأنثروبولوجيا، فكلاهما يهتم ويبحث في الهوية والمواطنة والاقليات والعلمانية ويبحثان خصوصاً في السعي الى اخراج العرب من دهاليز المسألة الشرقية والقراءة الملتبسة لها ومواجهة الهويات الجزئية التي غزاها التطرف وانتشار الاصوليات والتوظيف السياسي للدين والنص الديني. ويبحث جورج قرم ايضاً في اهم مفاهيم الانثروبولوجيا وهو مفهوم التنوع وحوار الحضارات مواجهة لمفهوم صراع الحضارات مع التركيز على التنوع بدل الاخر، فالغاية إذاً أكاديمية بامتياز“.
أضافت الطويل “بعد ان تم عرض المشروع على الطلاب واخذ موافقتهم، اخترت شخصياً الكتب الاربع ومنها آخر اصداراته باللغة الفرنسية ووزعتها على الفرق الطلابية كل حسب ما رأيته مناسباً لاهتماماتها، وضعت التصوّر الاساسي للعمل واوكلت المهمة -التحدي لطلابي في الفرعين الاول والثاني” وانطلق العمل الذي أثمر أمامكم اليوم.
أما فكرة ندى الطويل فتتضمن ” سياقات أخرى، اولها جعل الطلاب الركيزة الأساسية في تحضير وتنظيم وتقديم وترويج اي عمل بحثي يقومون به، فنحن نعيش في عصر التفاعل الأفقي بين الطالب والاستاذ، حيث يكون الاستاذ مرشدًا لطلابه في تحصيل ما عليهم من علم ومعرفة وليس ملقناً للعلم والمعرفة”، إضافة إلى تمتعه من وجهة نظر الدكتورة ندى ” بصفة رئيسية ومهمة تعنينا جميعاً وهي التشارك البحثي بين طلاب الفرع الأول والثاني. تشارك له دلالات ومقاصد احببت ان القي الضوء عليها، مثل كسر القيود السياسية والجغرافية والطائفية والمناطقية بين الطلاب في سبيل فتح افاق التفكير والعمل دون اي قيد مع الآخر داخل الوطن الواحد“.
وختمت رئيسة مختبر الأنثروبولوجيا كلمتها “بشكر من القلب للبروفسور ايوب لحضوره الغالي والتفاتته الثمينة ولدعمه لي ولطلابي في اول عمل بحثي مشترك بين الفروع” كما شكرت “الضيف الكريم معالي الدكتور قرم الذي اعطاني وطلابي شرف مناقشة وعرض كتبه بصيغة خارجة عن المألوف هو الباحث و الأكاديمي الكاسر للمألوف والذي يفتخر به الوطن”، وطال الشكر الزملاء الاساتذة والطلاب والاصدقاء لحضورهم، كما هنأت فريق العمل الطلابي على إنجازهم الذي نتج بفضل روح الأخوة والتعاون التي اتسموا بها، مقدرة عملهم في ظروف صعبة معنوياً ومادياً وتقنياً، منوهة بتمسكهم بالنجاح الذي يحصدونه اليوم بتميز.
ختم اللقاء بتسليم معالي الدكتور قرم والبروفسور أيوب والبروفسور رحال كعربون شكر وتقدير نتاج العمل الطلابي محور اللقاء البحثي الذي تضمن ملخصات الكتب الأربعة مع الفيلم الوثائقي الذي أنتج بهذه المناسبة أيضاً، وبدورهم قدم طلاب الطويل هدايا تذكارية لها بهذه المناسبة.
تضمن برنامج اللقاء: النشيد الوطني اللبناني ونشيد الجامعة اللبنانية، كلمة فريق العمل الطلابي، كلمة الأستاذة المشرفة الدكتورة ندى الطويل، حلقة حوارية مع معالي الدكتور جورج قرم حول كتابه“LA NOUVELLE QUESTION D’ORIENT”، حلقة حوارية مع معالي الدكتور جورج قرم حول كتابه “نحو مقاربة دنيوية للنزاعات في الشرق الأوسط”، عرض تقديمي (Power point) وحوار حول كتاب “شرق وغرب: الشرخ الأسطوري”، عرض فيلم وثائقي ــــ بحثي وحوار حول كتاب “المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين”، أسئلة الحضور ونقاش.