من الصحف الاميركية
علقت الصحف الاميركية الصادرة اليوم على خبر استقالة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، قائلة، إن ماتيس، الذى كان ينظر إلى خبرته واستقراره كأحد عوامل التوازن أمام رئيس لا يمكن التنبؤ به، استقال احتجاجاً على قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا ورفضه للتحالفات الدولية .
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن ماتيس أخبر أصدقاءه ومساعديه مراراً خلال الأشهر الأخيرة بأنه يرى أن مسئوليته لحماية القوات الأمريكية وعددها 1.3 مليون جندي تستحق التنازلات الضرورية التي يقوم بها كوزير للدفاع لرئيس متقلب، لكن، أمس الخميس، وفى توبيخ غير عادى للرئيس، أكد أن قرار ترامب بسحب نحو ألفين من القوات الأمريكية من سوريا خطوة ذهبت إلى حد بعيد للغاية.
وقال مسئولون إن ماتيس ذهب إلى البيت الأبيض يحمل خطاباً مكتوباً باستقالته، لكنه قام بلا جدوى بمحاولة أخيرة لإقناع الرئيس بالعدول عن قراره بشأن سوريا، والذى أعلنه رغم اعتراض كبار مستشاريه، وبعدما تم رفض مشورة ماتيس عاد الأخير إلى البنتاجون وطلب من مساعديه طباعة 50 نسخة من خطاب استقالته وتوزيعها في مبنى وزارة الدفاع الأمريكية.
وكتب ماتيس في الخطاب، أن آراءه فيما يتعلق بمعاملة الحلفاء باحترام، وأيضا التعامل مع الأطراف الخبيثة والمنافسين الاستراتيجيين، ظلت مقيدة بقوة، موجها كلامه للرئيس، “لأن لك الحق في أن يكون لديك وزير دفاع لديه آراء متحالفة بشكل أفضل مع آرائك حول هذه الموضوعات وغيرها، أعتقد أنه من حقي أن أتنحى أن منصبي“.
وتقول نيويورك تايمز إن استقالة ماتيس جاءت في الوقت الذى تتجه الأمور نحو إغلاق حكومي في الولايات المتحدة، مع تراجع في الأسواق خوفا من استمرار الاضطراب الحكومي.
وعبرت صحيفة واشنطن بوست عن حالة الصدمة والحزن التي أصابت السياسيين في العاصمة الأمريكية، بعد الإعلان عن استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس بعنوان “يوم حزين لأمريكا”، وأشارت إلى مخاوف من أن يصبح الرئيس دونالد ترامب دون رقابة بعد هذا القرار، وقالت الصحيفة إنه منذ أن تولى ماتيس منصبه، كان السياسيون في واشنطن والعالم يرونه كحصن أمام رئيس أدمن الفوضى، ويحركه قانون أخلاقي مختلف.
نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للصحافية أماندا إريكسون، تتحدث فيه عن استراتيجية الإدارة الأمريكية في سوريا، وقالت “إن أردت ما يذكرك بالتخبط الذي يسود السياسة الأمريكية في سوريا فاقرأ ما يلي: صرح مبعوث ترامب الخاص للتحالف العالمي لمكافحة تنظيم الدولة، بريت ماكغيرك، للمراسلين الأسبوع الماضي بأن القوات الأمريكية ستبقى في سوريا في المستقبل المنظور، وقال عن مقاتلي تنظيم داعش إن (لا أحد يقول إنهم سيختفون.. لا أحد بهذه السذاجة، ولذلك نريد أن نبقى موجودين ونتأكد من أنه يمكن بقاء الاستقرار في تلك المناطق)“.
وتشير الكاتبة إلى أن مسؤولين كبارا في إدارة ترامب صرحوا للمراسلين يوم الأربعاء بأن الرئيس أمر بانسحاب كامل وسريع للقوات العسكرية، التي يقدر عددها بحوالي 2000 شخص، من سوريا، وغرد الرئيس ترامب قائلا: “لقد هزمنا تنظيم داعش في سوريا، وهو السبب الوحيد لوجودي هناك خلال رئاسة ترامب“.
وتلفت إريكسون إلى أنه “تمت اعادة ترتيب المعادلة في سوريا فجأة، فحلفاء أمريكا، بمن فيهم المليشيات الكردية التي ساعدت على قتال تنظيم الدولة، يشعرون بالخذلان، أما أعداء أمريكا في المنطقة، بمن فيهم ايران والروس، فيشعرون بأنهم منحوا سلطة أقوى في طول البلد وعرضها“.
وترصد الكاتبة بعض التحولات والانعطافات منذ أن تسلم ترامب الرئاسة، وتجملها فيما يأتي:
تشرين الثاني/ نوفمبر 2016: هاجم ترامب خلال حملته الانتخابية الرئيس حينها باراك أوباما، بخصوص السياسة تجاه سوريا، ووصفه بالضعيف، واقترح ألا تتورط أمريكا في الصراع هناك.
وكان ترامب قد غرد في حزيران/ يونيو 2013، قائلا: “يجب علينا البقاء.. خارج سوريا، فـ(الثوار) هم بدرجة سوء النظام الحالي ذاتها، فما الذي سنحصل عليه مقابل أرواحنا ومليارات الدولارات؟ .. لا شيء“.
وبعد وصوله للرئاسة قامت ادارته بتطوير خطط للانسحاب، ثم حدث شيء لجر الإدارة بشكل أعمق.
نيسان/ أبريل 2017: بعد روايات أكيدة بأن حكومة بشار الأسد استخدمت الأسلحة الكيماوية ضد شعبها، وقتل العديد من موطنيها بمن فيهم أطفال، فإن ترامب صادق على ضربات جوية محدودة، وقال إن تصرف الأسد “يستحق التوبيخ“.
وقال ترامب للصحافيين في ذلك الوقت: “أمرت الليلة بتوجيه ضربة عسكرية محددة ضد القاعدة الجوية في سوريا، التي استخدمت لإطلاق الهجوم الكيماوي، إنه من مصلحة الأمن القومي الأمريكي الضروري لمنع وردع انتشار واستخدام الأسلحة الكيماوية القاتلة“.
نيسان/ أبريل 2018: وكما هو الحال عادة مع البيت الأبيض في ظل ترامب، فإن الأخير يبدو وكأنه يقوم بتغيير سنوات من السياسات التي تم التفكير فيها بشكل دقيق من خلال تصريحات ارتجالية.
فقال في خطاب في أوهايو، لحشد من الناس: “لقد قمنا بسحق تنظيم الدولة.. وسنخرج من سوريا قريبا.. فلندع الآخرين يعتنون بالأمر الآن“.
وقال ترامب بعد ذلك بأيام في مؤتمر صحافي: “لقد حان الوقت” للخروج من سوريا، “أريد أن أخرج، أريد أن أعيد جنودنا إلى وطنهم، أريد أن أبدأ في إعادة بناء بلدنا”، كما أن ترامب قال في ذلك المؤتمر إن تنظيم الدولة هزم، وأنه من الأفضل إنفاق الأموال التي تنفق في ذلك الصراع في الوطن.
ولكن المسؤولين بدأوا مباشرة بعد ذلك بسحب تلك التصريحات بالتدريج، واضطر الرئيس للرضوخ للقادة العسكريين الذين قالوا إنهم بحاجة لوقت أطول ليقوموا بإنهاء مهمتهم.
أيلول/ سبتمبر 2018: قال مسؤولون عسكريون كبار لـ”واشنطن بوست” إن الرئيس وافق على استراتيجية جديدة “تمدد الجهد العسكري إلى أجل غير مسمى.. وتطلق دفعة دبلوماسية كبيرة لتحقيق الأهداف الأمريكية“.
وبحسب كبار المستشارين، فإن إدارة ترامب وسعت من مهمتها في سوريا، لتتضمن إخراج القوات الإيرانية والقوات الوكيلة، بالإضافة إلى إقامة “حكومة مستقرة لا تهدد أحدا، ومقبولة للسوريين كلهم وللمجتمع الدولي“.
وجاء هذا التغيير في السياسة بعد أن استنتج المسؤولون بأن روسيا لن تساعد في طرد إيران.
وتنقل الصحيفة عن ممثل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، للتفاعل في سوريا، جيمس حيفري، قوله لـ”واشنطن بوست”: “السياسة الجديدة هي أننا لم نعد لننسحب في نهاية العام.. وهذا يعني أننا لسنا على عجلة من أمرنا”، وأكد جفري في تلك المقابلة بأن ترامب مؤيد للمهمة الأوسع.
كانون الأول/ ديسمبر 2018: بعد ساعات من الإعلان المفاجئ عن انسحاب القوات الأمريكية، قال البنتاغون بأنه تم البدء باتخاذ خطوات لإعادة القوات “والتحول للمرحلة التالية من الحملة” ضد تنظيم الدولة، إلا أن الشرارات السياسية بدأت في واشنطن، وحتى أن بعض مؤيدي ترامب الذين يمكن الاعتماد عليهم، مثل السيناتور لندسي غراهام، أصيبوا بالفزع، وقال إنه شعر “بالصدمة” من القرار الذي شجبه، ووصفه بأنه “كارثة قيد الصنع“.
وتختم إريكسون مقالها بالإشارة إلى قول غراهام: ٍ”أكبر الرابحين من هذا القرار هما تنظيم الدولة وإيران”.