هل ينفذ أردوغان تهديداته في شرق الفرات؟ حميدي العبدالله

أطلق الرئيس التركي سلسلةً من التصريحات هدد فيها بتنفيذ عملية عسكرية شرق الفرات ضد وحدات الحماية الكردية. وقد أثارت هذه التهديدات ردود فعلٍ عديدة، من جهتها وحدات الحماية الكردية أكدت عزمها على مواجهة أي عملية عسكرية ينفذها الجيش التركي ضد مناطق سيطرتها، وبدأت استعدادها لذلك، ومن جهة أخرى أعلن حزب العمال الكردستاني في تركيا أنه سيقوم بالرد على القوات التركية داخل الأراضي التركية إذا ما وضعت تهديدات الرئيس التركي، الذي كان أعلن قبل أكثر من يومين أن العملية العسكرية التركية ستبدأ في غضون 48 ساعة، موضع التنفيذ .

أما موقف الولايات المتحدة المحتل الفعلي لمناطق شرق الفرات، وحامي وحدات الحماية الكردية، فإن موقفها كان غامضاً، فمن جهة حذر البنتاغون تركيا من تنفيذ أي عملية عسكرية شرق الفرات، ومن جهة أخرى أكد قياديون في «قسد» أن الولايات المتحدة لم تقطع لهم وعوداً واضحة بالتصدي لأي عملية عسكرية تنفذها تركيا.

لكن السؤال المطروح، هل ينفذ الرئيس التركي تهديداته؟

لا شك أن هناك عوامل تضغط على الرئيس التركي تدفعه لإطلاق تهديداته، واحتمال تنفيذ عملية عسكرية في الشريط الحدودي الواقع بين تل أبيض وعين العرب.

الولايات المتحدة لم تلتزم بما وعدت به الرئيس التركي في منطقة منبج، والدوريات العسكرية لا تعني سيطرة تركيا مباشرةً أو عبر الميليشيات المرتبطة بها على منبج، بل إن الميليشيات المتعاونة مع وحدات الحماية الكردية هي التي تسيطر على منبج والبلدات المحيطة بها، وهذا ما يثير غضب أردوغان.

أيضاً الرئيس التركي فشل في الوفاء بالتزاماته إزاء روسيا في اتفاق سوتشي المتعلق بالمنطقة المنزوعة السلاح، ومن المرجح أن مصلحة الرئيس التركي الهروب من هذا المأزق بافتعال صدام سياسي مع الولايات المتحدة من خلال التهديد بتنفيذ عملية عسكرية شرق الفرات، لعل ذلك يدفع موسكو لمنحه المزيد من الوقت بانتظار معرفة ما ستتمخض عنه مشاداته الكلامية مع الولايات المتحدة على خلفية الوضع القائم الآن في شرق الفرات وفي منطقة منبج.

أيضاً الرئيس التركي كان أطلق منذ فترة طويلة تهديدات ضد وحدات الحماية الكردية شرق الفرات، وأن هذه التهديدات ظلت مجرد صراخ، ومع اقتراب موعد الانتخابات المحلية وانسحاب حزب الحركة القومية من التحالف مع حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان، قد يقود كل ذلك إلى تراجع سيطرة الحزب على المجالس المحلية، وبالتالي يريد الرئيس التركي تعزيز مكانة حزبه، وتنفيذ عملية عسكرية شرق الفرات ضد وحدات الحماية الكردية قد تساعده على شد العصب القومي، ومحاصرة حزب الحركة القومية أو العمل على إضعافه، وقد يقود ذلك إلى تحسين فرص حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية.

لكل هذه الأسباب والدوافع فإنه من غير المستبعد أن ينفذ إردوغان تهديداته ويقوم بغزو بعض المناطق الواقعة شرق الفرات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى