شؤون عربية

دشتي لـ «البناء»: الأمة بحاجة إلى قائد شجاع كالرئيس الأسد

تعوّد أن يحمل همّ العالم العربي من المحيط إلى الخليج، من دون أن يغادر خليجيّته، وبقيت فلسطين تحتلّ ركناً أساسياً في شجونه واهتماماته، رغم تعاقب السنوات وتخاذل الحكومات العربية أمام القضية المركزية، ومن بينها حكومة بلاده. وهو إذ لا يعفي الكويت من مسؤوليتها حيال أمّ القضايا، يتحاشى أن يصل إلى حدّ تحميل هذا البلد الخليجي الصغير عبئاً أكثر مما يحتمل، كما يقول

.

لا يتورّع النائب السابق في مجلس الأمة الكويتي ورئيس المجلس الدولي لدعم المحاكمة العادلة وحقوق الإنسان في جنيف د. عبد الحميد دشتي في حديثه لـ «البناء» عن انتقاد السلوك الرسمي لحكومة الكويت، رغم ما يكنّه من مودّة لأميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، منطلقاً من قناعة بأنّ الكويت نموذج خليجي متميّز وبوسعها أن تضطلع بدور قيادي في النهوض بواقع الخليج على مستوى الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات والعدالة، ومعتبراً أن لا خلاص لدول الخليج إلا بتحوّلها إلى ملكيات دستورية.

وسط الظلام العربي الدامس، يتوسّم دشتي خيراً بقائد شجاع صمد وصبر وها هو يسير ببلاده إلى النصر، هو الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يمثل برأيه حكاية صمود وتحدّ في وجه أعتى المؤامرات الكونية، من دون أن ينسى اليمن الجريح الذي يواجه مأساة العصر، ورغم الجوع والمرض والحصار لم تتمكن قوى العدوان من تطويع إرادته وسلبه سيادته.

image 0 3

وفي ما يلي وقائع الحوار:

كيف تقيّمون الوضع السياسي في الكويت في ظلّ الأزمة الراهنة في الخليج؟

ـ إذا نظرنا إلى الوضع السياسي في الكويت، كدولة خليجية، نشعر بالأسف لأنها شاركت دولاً خليجية أخرى في مشروع الدمار الذي لحق بالأمة، فالمساحيق الجميلة التي كانت على الوجه الحضاري والديمقراطي للكويت ذابت وأصبحت الكويت، كما قطر والسعودية والبحرين والإمارات، ضليعة في كلّ ما لحق بالأمة من دمار وخراب وتهجير وسفك دماء الأبرياء. وإذا عدنا بالتاريخ إلى الوراء نتذكّر أنّ البريطانيين عندما قرّروا إنهاء استعمارهم الظاهر لدول الخليج نصّبوا أسراً معينة خدمتهم أيام القرصنة، بشكل أو بآخر، ارتأوا أن ينصّبوا من تلك الأسر حكاماً على مشيخات الخليج، وقد ارتضت شعوب الخليج ورضخت للأمر الواقع وكان بناء الدولة الحديثة في البحرين وفي الكويت يتمّ بشكل ديمقراطي، حيث وُضعت الدساتير وأنشئت البرلمانات واتجهت كلّ من الكويت والبحرين نحو بناء دولة مؤسسات. أما الإمارات وعُمان والسعودية، تلك المملكة الكارثية، فقد تعاملت مع الأرض والشعب كملك خاص. ورغم تميّز البحرين والكويت في ذلك الوقت من حيث طريقة بناء الدولة، إلا أنّ ما ميّز دولة الكويت هو طبيعة حكامها من آل الصباح فهم مسالمون وليسوا دمويّين كما القتلة في البحرين من آل خليفة وآل سعود في السعودية وأبناء زايد في الإمارات المعروفين بدمويتهم، لكن للأسف هناك في الكويت من يأتمر بأوامر السعودية والمخابرات الأميركية والبريطانية والفرنسية وهو أداة في جمع الأموال وتجييش الجند والإرهابيين. ومنذ انتخبت عضواً في مجلس الأمة وأنا أسأل المعنيين: كيف تسكتون على كلّ هذا؟ ولماذا لم تتصدّ الدولة لذلك ولأن يكون الشعب الكويتي كله شريكاً في ما يحدث من دمار في العراق وفي سورية، وفي القتل والتغيير الديمغرافي الذي يحدث لأهلنا وإخواننا في البحرين، ناهيكم عن القمع والاستيلاء وفقدان السيادة التي كانت تمارسها السعودية على دولة الكويت وكلّ جوارها؟ وبالتالي شاركت الكويت في تجميد العلاقات مع سورية، ومنها كان الانطلاق لتدمير العراق وقمع الشعب البحريني، فسقطت صورة الدولة الجميلة التي يحكمها أناس طيّبون، وقد أثر ذلك على صورة الشعب الكويتي، هذا الشعب الحضاري الذي يعيش في كنف دولة حديثة ويجوب العالم وينقل كلّ ما يراه جميلاً إلى بلده. لكن بعد عام 2011 تفاجأ الجميع بالموقف الكويتي وضلوع الكويت في كلّ هذا التآمر على الأمة.

مجلس التعاون ولد مشوّهاً

في ظلّ الخلافات والتباين بين دول الخليج خصوصاً الأزمة مع قطر هل انتهى مجلس التعاون الخليجي؟

ـ لقد أعلنتُ في آذار/ مارس 2017 من بروكسل موت مجلس التعاون الخليجي، هناك تغيير ما سيحصل في الخليج، وواقع كيانات أو دول مجلس التعاون الخليجي صعب وكلّ يتربص بالآخر، فقبل مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي كان محمد بن سلمان ومحمد بن زايد يعدّان لغزو الكويت وقطر وعُمان، وأمير قطر تميم بن حمد لم يشارك في قمة الرياض الأخيرة. هناك شيء ما انكسر في هذا الكيان الذي ولد مشوّهاً بناء على أوامر بريطانيا كحامية وراعية للخليج بعد أن أنهت الاستعمار الظاهر ووقعت اتفاقيات تحت الطاولة وقالت لحكام الخليج افعلوا ما شئتم للهيمنة على دولكم وعلى شعوبكم أما الثروات فنتشارك بها وتخزن عائداتها لدينا في لندن ونحن نأذن ونحدّد لكم المساحة التي تتعاطون من خلالها مع الأميركيين ولا بأس في بعض الأحيان أن توقعوا بعض الصفقات مع روسيا أو مع الصين.

ابن سلمان أراد ابتزاز الكويت!

كيف قرأتم زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الكويت مؤخراً؟

ـ يعلم الجميع أنّ الزيارة كان يفترض أن تستمرّ ليومين، وقد أجّلها ابن سلمان بعد أن كان من المفترض أن تتمّ يوم الجمعة إلى يوم الأحد في تصرّف «بَدْوَنة» حقيقي جاهل متخلف في التعاطي مع دولة ذات سيادة. تصرّف ابن سلمان بطريقة مسيئة إلى الكويت وشعبها وأميرها المعروف أنه صاحب فضل هو وأجداده «آل الصباح» في تأسيس الدولة السعودية، لذلك لم يحضر سمو الأمير المباحثات التي كان مقرّراً لها أن تتمّ في اليوم التالي إلا أنّ محمد بن سلمان طلب عقدها في اليوم نفسه. ورغم عدم احترامه لمواعيده ولسمو الأمير ولسيادة الدولة لم يقصّر الكويتيون في استقبال ابن سلمان وأقاموا له مراسم استقبال ملكية، في حين كان هدفه فرض إملاءات على الكويت بأن يعطوه 300 مليار دينار، أيّ تريليون دولار، لاستئناف إنتاج النفط من حقل «الوفرة» الذي هو حقل كويتي في الأساس وليس حقلاً مشتركاً، كما يُقال، بل هو يقع في أراضٍ كويتية احتلتها السعودية، حتى النفط في «خفجي» هو في أراض كويتية، وهذه الأراضي لن نسكت عنها إلى أن نحرّرها أو يحرّرها أبناؤنا من بعدنا وهي تشكل ثلثي الأراضي الكويتية تحت احتلال سعودي وقد استولى عليها آل سعود بتآمر بين بيرسي كوكس، المندوب السامي البريطاني، وبني سعود بعيداً عن موافقة والد سمو أمير الكويت الحالي الشيخ أحمد الجابر الصباح الذي تمّ ذلك في عهده. أما بالنسبة إلى حقل «الدرة» البحري الذي لا علاقة للسعودية به وهو يقع بين الكويت وإيران، فقد اضطرت الكويت أن ترضخ لتهديدات سلطان بن عبد العزيز قبل وفاته وانحرفت بالخط جغرافياً، لكنّ الجمهورية الإسلامية في إيران أعلنت أنها لن تسمح للكويت بأن تتنازل عن سيادتها، في حين خالف السعوديون مفهوم العلاقات الدولية والجرف القاري وتصرّفوا بمنطق الغزوات. محمد بن سلمان يريد تريليون دولار ليستأنف الإنتاج من أرضنا وخيرنا ويتشارك معنا، والهدف هو أن يدفع للأميركيين ولأسياده الصهاينة الذين يحتلون فلسطين ويبتزونه باستمرار، وقد منعه الأميركيون من التصرف بالـ800 مليار دولار الموجودة في أميركا، وقد حذر ترامب بن سلمان بأنه إذا مسّ من هذه الأموال دولاراً واحداً سيحركون عليه قانون «جاستا» ولن يكفيه حينها أضعاف هذا المبلغ. الأميركيون نصحوا ابن سلمان باعتقال الأمراء وقد نفذ بن سلمان الأمر كونه ناقم على هؤلاء الأمراء الذين يقفون في طريقه إلى عرش المملكة وكانت اعتقالات «الريتز» الشهيرة ولم يتم تحرير الأمراء إلا بعد أن دفعوا لابن سلمان ما يريد. أما الحادثة التي كان ضحيتها الصحافي جمال خاشقجي، فقد استطاع الأميركيون من خلالها أن يستنزفوا ما تبقّى من السيولة لدى محمد بن سلمان، وأعتقد أنّ بن سلمان استأذن أسياده بغزو الكويت ولولا قضية خاشقجي لكانت الكويت غُزيت.

العراقيون والإيرانيون أصحاب فضل في بناء الكويت

ما هي مؤشرات زيارة الرئيس العراقي برهم صالح للكويت مؤخراً؟ وهل هي خطوة على طريق تجاوز تداعيات غزو صدام حسين للكويت؟

ـ تداعيات الغزو انتهت، والعراقيون أصحاب الفضل كما الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بناء الكويت، وقد جاء إلى الكويت ليعيش فيها بأمان وافدون من مختلف مشارب الساحل الشرقي للخليج موطني وموطن أجدادي «الدشت»، فالماء الذي كنا نشربه كان يأتي من شط كارون في إيران وشط العرب في العراق، وحتى بداية السبعينات كانت السيارات تذهب كلّ خميس إلى البصرة لتعود محمّلة بالخضار واللحوم والأجبان من العراق. العلاقات بين الكويت والعراق تاريخية وثقافية واجتماعية، هي علاقات مصاهرة وثقافة مشتركة. أما ضرب الأسافين بين الكويت والعراق فقد بدأ بعد قيام منظومة مجلس التعاون الخليجي، هذا الوليد المشوّه، كما أسلفت، الذي أنشئ بأوامر من بريطانيا بعد أن أزاحت العراق رأس الخليج وتاجه، كما استبعد امتداد الخليج وهو اليمن، ولو بقيت هاتان الدولتان لكان اليوم مجلس التعاون الخليجي يملك مقومات البقاء والرجال الأقوياء والثروة، وبذلك تكون منظومة مجلس التعاون قادرة على حفظ أمن الخليج.

الملكية الدستورية هي الخلاص

أطلقتم من جنيف في آذار/ مارس 2017 إعلان جنيف من أجل التحوّل الديمقراطي وحقوق الإنسان في الخليج. هل ترون أنّ دول الخليج جاهزة لهذا الأمر؟

ـ بعد نقاشات معمّقة على مدى يومين في قاعات مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ومجلس الكنائس العالمي في جنيف وندوات معمّقة بحضور ممثلين وناشطين حقوقيين ومحامين من دول الخليج ومجموعة من الخبراء والمتخصّصين والمحكّمين الدوليين، أصدرنا في آذار/ مارس 2017 إعلان جنيف للتحوّل الديمقراطي وحقوق الإنسان والذي نصّ على تحوّل دول الخليج إلى ملكيات دستورية ووضعنا خريطة طريق. وبالنسبة إلى الجاهزية للتغيير فإنّ هذا الحلّ هو الوحيد، عاجلاً أم آجلاً، للنهوض بهذه الدول وبالإنسان الخليجي. فالكويت على سبيل المثال هي الأكثر جاهزية ويتطلب الأمر أن يعلن سمو أمير الكويت رغبته في تنقيح الدستور، وهذا حقه، ويأتي إلى المادة الرابعة من الدستور التي تقول: «الكويت إمارة ديمقراطية في ذرية مبارك الصباح»، لتصبح «الكويت مملكة دستورية في ذرية مبارك الصباح»، وإن كان يريد أن يحصرها في ذريته يتفق مع الأسرة الحاكمة على ذلك. هذا الإعلان هدفه إحداث تحوّل سلمي ديمقراطي فنحن لا نريد انقلابات ولا دماء في الخليج لأننا لسنا قادرين على مواجهة الآلة القمعية والسجون، وكانت لنا تجربة مريرة في الحراك السلمي الذي قام به ثمانون في المئة من الشعب البحريني والذي ووجه بآلة قمعية وقتل وارتقاء شهداء وتشريد وسحب جنسيات والإتيان بشعب جديد إلى البحرين.

كيف يمكن أن يحدث التغيير ونحن نرى أنّ شعوب الخليج غير قادرة أو مستعدة لتقديم تضحيات؟

ـ يجب أن يفهم الشعب الخليجي أنّ حكامه ما هم إلا عبيد لأسيادهم القابعين في بريطانيا وأميركا و«إسرائيل».

تتحدثون في تصريحاتكم دائماً عن اتصالات بل توسّلات خليجية لإيران في مناسبات عدة فكيف ذلك ونحن نسمع في كلّ يوم تصريحات حكام الخليج المعادية لإيران، إذا استثنينا سلطنة عُمان طبعاً؟

ـ كل دول الخليج بما فيها السعودية تنصاع لإيران، بشكل أو بآخر من خلال اتصالات شخصيات خاصة ومكالمات وإرسال رسائل، ولكن هناك شيئاً ما في الأنفس، ذلك أنّ السعودية وأبو ظبي، ولا أقول الإمارات ككلّ، لأنّ بقية الإمارات في شبه انصهار مع إيران، وسلطنة عُمان كذلك، أما البحرين فهي تنفذ ما تقرّره الرياض، لكنّ هذه الدول التي تنفذ تعليمات الرياض لا تعلم بالاتصالات السرية والتوسّل السعودي لإيران في مجالات عديدة. كلنا تابعنا المؤامرة السعودية قبل سنوات حين استهدف الحجاج الإيرانيون وكيف فرضت إيران على السعودية تسليم جثامين كلّ الحجاج الذين استشهدوا من دون أن يصدر عن المسؤولين الإيرانيين أيّ تصريحات تهديد، بينما نحن لدينا منذ الثمانينات 16 شهيداً كويتياً في الحجّ لم نتسلّم جثامينهم وقد شاهدنا على شاشات التلفاز كيف ضربت أعناقهم وهم حتى اليوم حرقة في قلوب أهاليهم. دول الخليج تتظاهر بالعداء لإيران ولكنها من الداخل مقتنعة بأنها لم تر منها ولا من الشعب الإيراني أيّ سوء عبر التاريخ لكن هناك تحريضاً بريطانياً وأميركياً وصهيونياً لخلق هذا العداء. هذا أمر مفروض على من لا يملك قراره أما إيران فهي دولة حرة ذات سيادة يدها ممدودة للجوار انطلاقاً من احترامها لمبادئ العلاقات الدولية.

نسمع في أحيان كثيرة تهديدات وشتائم محمد بن سلمان لإيران، ونحن وإذ نؤكد أننا لا نتمنّى الحرب ولا الدمار ولا إراقة الدماء، واثقون بأنه في حال أقدم ابن سلمان على حماقة وأرسل صاروخاً واحداً فإنّ بذلك سيكون دماره ودمار مملكة آل سعود. إيران قادرة على احتلال الخليج خلال ساعات، والعالم كله سلّم بقدراتها ومن يعاديها خاسر.

لن أسيء إلى أمير البلاد رغم أنني ظلمت في عهده

أنت شخصية معارضة وظُلمت وأُبعدت عن وطنك الكويت إلا أنك تتحدث في تصريحاتك بشيء من الحميمية عن أمير الكويت صباح الأحمد الصباح كيف ذلك؟

ـ كانت علاقتي بسمو الأمير ممتازة، خاصة عندما أصبحت نائباً في مجلس الأمة وكنت التقيه على الغداء مرتين في قصره أسبوعياً، وهو في الأصل صديق والدي رحمه الله. تربّينا في بيت والدي على محبة هذه الأسرة آل الصباح ، ورغم عدم رضاي على الكثير من الأمور التي تجري في عهده لا يمكن أن أجرح سمو الأمير. أنا كنائب في البرلمان الكويتي لثلاث دورات ظلمت في عهده وحكم علي بالسجن 62 عاماً بسبب آراء أبديتها، مع أنّ الجميع يدرك أنّ ما أبديته من رأي حول سورية واليمن والبحرين كان محقاً. واليوم ورغم أنني أعيش في أمان وعزّ وخير ورفعة ورفاهية وأمن وأمان، لكنّني أشعر بظلم لأن أبعد عن وطني الذي كان أجدادي من مؤسّسيه. أنا أدرك حجم الضغوط التي تعرّض لها سمو الأمير لإبعادي عن البلاد أو إسكاتي، مع أنني أعرف أنه يدرك أنني على حق ولا أقف مع الباطل، وبالتالي عندما تأتي الإملاءات من الصهاينة والبريطانيين والأميركييين والتنفيذ السعودي بالضغط على سموّه لا أقبل أن أزيد همّاً فوق همّه أو أتعرّض له بأيّ سوء ولو حتى بكلمة. وعسى الله يطيل في عمر سموّه ونشهد تحوّل الكويت في عهده إلى ملكية دستورية ووفق خريطة مرسومة ويتمّ التصالح وتبييض السجون وسن القوانين وفي طليعتها قانون ضدّ العنصرية يحقق العدالة بين المواطنين والوافدين.

الأمة بحاجة لقائد كالأسد

لطالما ذكرت في تصريحاتك أنّ المنطقة العربية بحاجة إلى قائد شجاع كالرئيس السوري بشار الأسد ليقود مسيرة التغيير فيها وأن تكون دمشق هي مركز انطلاق هذه المسيرة

ـ الأمة العربية مستهدفة من مخطط صهيوأميركي تكفيري لسحق مقدراتها وإنسانها. التصدي والصمود كانا هنا في دمشق، والمؤامرة تحطمت هنا بفضل تضحيات الشهداء، من السوريين والحلفاء، الذين عمّدوا هذه الأرض المباركة بدمائهم لنعيش بأمان. نحن نعرف إمكانيات سورية وإمكانيات قوى العدوان على سورية، ورغم كلّ الأموال التي صُرفت وما استجلب إليها من إرهابيين من كلّ أصقاع الأرض، إلا أنها انتصرت بحقها وبسالة جيشها وصمود شعبها وحكمة رئيسها الدكتور بشار الأسد وصبره، ومن حظ السوريين وجود هذا القائد على رأس الدولة، ونحن في أمسّ الحاجة إلى قائد مثله ينفخ الروح في هذه الأمة المستهدفة وأعانه الله أن يكون مُخلِّصاً لهذا البلد والشعب ونقول له نحن في رقبتك أيها القائد.

من خلال متابعتكم للشأن اليمني هل هناك معطيات تؤشر إلى إمكان الوصول إلى حلّ سياسي للأزمة؟

ـ اليمنيون شعب جبار وعظيم وقد صمد وهو ينتصر بعد أن أفشل كلّ مطامع ومخططات العدوان للسنة الرابعة. وحين كنت في البرلمان الكويتي قلت إنّ «عاصفة الحزم» المزعومة لن تكون نزهة فردّوا عليّ أنّ عبد العزيز مؤسّس السعودية رفع شعار «الحزم أبو العزم أبو الظفرات» وأجبتهم: هذه المقولة ستسقط وتتحطم وتغوص في الوحل إلى قمة رؤوسكم، وكأنني أرى جيزان وعسير ونجران قد سقطت وأرى الصواريخ في الرياض، فاشتكوني بتهمة أنني أُحبط الروح المعنوية للجيش السعودي.

اليوم انتصر هذا الشعب اليمني الصابر الصامد بالرغم من فتك الأمراض والجوع، وهذه هزيمة لتحالف الإمارات والسعودية وأسيادهم الصهاينة والأميركيين والبريطانيين وما عجزوا عن تحقيقه في الحرب لن يحققوه بالمفاوضات. وكلّ ما هنالك أنّ السعوديين والإماراتيين وبعد أن جاؤوا بالمرتزقة من كلّ أصقاع العالم يريدون اليوم أن ينزلوا عن الشجرة بمساعدة أسيادهم البريطانيين والأميركيين، ولكن بمكابرة. هم يسيطرون على الأجواء بالطيران لكن ليس لديهم رجال قادرون على أن يواجهوا الرجال. المقاتلون اليمنيون صعّبوا عليهم هذه المهمة. عندما بدأت الحرب نجحت كلّ من السعودية الإمارات في ضرب الأسافين بين بعض اليمنيين، بدءاً من الرئيس المعتقل في الرياض عبد ربه منصور هادي وحاشيته والمسؤولين من حوله في ما يسمّونها «حكومة شرعية» وهي مسلوبة الإرادة.

الصمود اليمني فرض نفسه وجعل المبعوث الأممي غريفيث يحسم المفاوضات بقرارات أممية، بعد أن شهد صمود وأحقية الوفد الوطني وضياع وفد ما تسمّى «الشرعية» الآتي من الرياض، وقد شهدنا في بداية المفاوضات سخفاً ومحاولات لتضييع الوقت، لكنّ ما عجزت دول العدوان على اليمن عن أخذه بالحرب لن تحصل عليه بالمفاوضات. أعضاء الوفد الوطني اليمني مصدر فخر ويملكون قرارهم وسيادتهم وليسوا تابعين. اليمن سيدخل حقبة جديدة من تاريخه بعد هذه الحرب والسعودية لن تكون قادرة على فرض رئيس للجمهورية اليمنية والتدخل في شؤون العشائر، وسيكون هذا صعباً جداً على آل سعود وهزيمة كبيرة لهم وهم لديهم عقيدة بأنّ ذلهم في عزّ اليمن.

بعد زيارته الأخيرة لمسقط هناك من يتحدث عن زيارات مرتقبة لرئيس الوزراء «الإسرائيلي» لعواصم خليجية أخرى، هل تتوقعون أن نرى بنيامين نتنياهو قريباً في الكويت؟ وما رأيكم بمواقف رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم التي يضعها البعض في خانة الفولكلور انطلاقاً من أنّ قلوب القادة الخليجيين على فلسطين وسيوفهم عليها؟

ـ أعتقد أننا سنرى رئيس وزراء العدو في كلّ الخليج رغم أننا لا نتمنى ذلك. أما بالنسبة إلى مواقف رئيس البرلمان الكويتي مرزوق الغانم فهي كذبة كبرى لكنها مرّت للأسف على بعض المخلصين الذين يتمنّون أن يكون في الخليج مواقف كهذه. الغانم خادم لمحمد بن سلمان العبد الأرخص، بدوره، والخادم للمشروع الصهيوني، وبالتالي فإنّ الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا إذا استمرّتا في الضغط على دول الخليج لكي تطبّع مع «إسرائيل» فكلّ دول الخليج ستطبّع. كنت أتمنى أن لا تكون سلطنة عُمان أول دولة تطبّع، وبالتالي فإنّ الكويت وبقية الدول أمرها سهل، ولكن على الصعيد الشعبي فإنّ 90 في المئة من الشعب الخليجي يرفض ذلك، ولكن طالما هذا الشعب يُقمع وتصادر إرداته وتسلب حقوقه وتنهب ثرواته فهو سيرضخ في النهاية للأمر الواقع. هذا معيب وأنا لا أتمنى أن أحيا إلى يوم أشاهد فيه مسؤولاً «إسرائيلياً» يدنّس أرض الكويت التي كان أهلي من مؤسّسيها.

إنعام خرّوبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى