شعوذات لبنانية في خدمة التهويل الصهيوني
غالب قنديل
تاهت بعض التعليقات والمواقف في حالة ارتعاب متجددة امام تهويل نتنياهو وعربداته وهو الواجف على حافة الهاوية يكتم عن جمهور ناخبيه حقيقة تراجع القدرة الصهيونية بعد اختبارين صعبين على أرض غزة وفي اجواء سورية بينما يدرك مع جنرالات أركان الحرب طبيعة الكلفة العالية والمؤلمة للمغامرة في لبنان.
فكرة سحب الذرائع لم يسبق لها ان حمت احدا في المنطقة من البطش الصهيوني وهي مختبرة في لبنان وفي الأردن وداخل فلسطين كما جربت في مصر وسورية فالصهيونية بذاتها هي عقيدة عدوانية استعمارية تختلق ذرائعها وتتحصن بأي حجة واهية وقد قامت بالأصل على خرافة واختراع منذ انطلاق هجرات الاستيطان الصهيوني إلى فلسطين العربية أبا عن جد.
من مساخر الدهر أن العدو الذي يحتل أراض لبنانية ويستبيح سيادة لبنان برا وبحرا وجوا في اليوم ألف مرة يطالبنا بتوضيح ما يزعم انه انفاق للمقاومة ويعفي قادته جيشهم المحتل والمعتدي من أي شرح او تفسير لانتهاكات لا حصر لها ضد السيادة اللبنانية والقرارات الدولية.
هل حقا نجحت المقاومة في حفر انفاق إلى داخل الأراضي المحتلة ؟ ليس واردا ان تجيب المقاومة على السؤال سوى في لحظة الرد الرادع على أي حرب قادمة وإن كانت ستحرر مزارع شبعا وتبلغ إصبع الجليل بالزحف أو بالقفز بالدراجات من فوق الأرض أو بخروج العربات العسكرية من تحت الأرض كما تقول السيناريوهات الصهيونية التي وردت مرارا على لسان الخبراء والقادة الصهاينة فتلك هي مفاجآت المقاومة القادمة التي لا يعلم احد عنها شيئا ولن يعلم احد ذلك قبل ان تحين الساعة التي يختارها قائد المقاومة لإطلاق إشارة من إصبعه ردعا للعدو.
بعض التافهين والسذج والمشبوهين انخرطوا في جوقة التهويل الصهيونية كالعادة ورددوا أسئلة نتنياهو وبعضهم فاضت عبقريته بالسؤال عما إذا كانت الأنفاق تمت بعلم مجلس الإنماء والإعمار وهو ليس سؤالا غبيا بل تعبير عن الانفصام الأخرق للعقل الانهزامي الذي ما زال يرى في إسرائيل قوة قاهرة كلية الجبروت رغم هزائمها ورغم كل ما يقوله قادتها السياسيون وجنرالاتها المهزومون امام المقاومة اللبنانية التي يقودها حزب الله.
الطبيعي ان يكون كل جهد دفاعي بما في ذلك التحصينات والأنفاق ممولا من الخزينة العامة واعتماداتها المهدورة في متاهات النهب والتقاسم الطائفي ولا يضير حكومة لبنان ان ترصد للمقاومة موازنة تعطيها حق التصرف بها والتكتم على تفاصيلها لتعزيز معادلات الدفاع عن الوطن وتوفير مخصصات لعائلات الشهداء والجرحى ولتمويل مستلزمات التحصين الدفاعي على الأقل ولكنه المنطق الانهزامي الذي يسلم جدلا بمشروعية المقاومة لأنه عاجز عن إنكارها ويريد إخضاعها لمنظومة الوصاية إلحاقا بسلوك السلطة اللبنانية ونهجها الذي يسهل محاصرة حزب الله ماليا وسياسيا تلبية للأوامر الأميركية.
لم تطلب المقاومة من السلطات الجاحدة أي شيء وتكفلت بنفسها بتوفير القدرات والإمكانات المالية والعسكرية بفضل استنادها الوثيق إلى الحضن السوري الإيراني منذ انطلاقها وإلى الحاضنة الشعبية اللبنانية الكبيرة التي لا تبخل عليها بأي تضحية.
المخبول الذي يريد كشوفات مجلس الإنماء والإعمار عن الأنفاق قصد ما قاله وفاض بحقيقة الانفصام الذهني الذي يسود النخب السياسية والصحافية والثقافية التي لا تزال مشدوهة لا تصدق ان الكيان الصهيوني مهزوم ومردوع وان البلد الصغير الذي تنتمي إليه أثبت انه أقوى من هذا الكيان المدجج بالسلاح الأميركي والمحصن بالدعم السياسي والمالي والعسكري الغربي منذ اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها.
لقد اظهر العديد من اللبنانيين ضعفا وخفة في ردود فعلهم على همروجة نتنياهو التي توجت بطلب تصعيد العقوبات الأميركية ضد لبنان فلم تضف شيئا جديدا وانكشفت عن مهزلة سخيفة زاد من مأساويتها داخل الكيان صمت حزب الله الثقيل المنظم وبعدما عجز سفراء الغرب والساسة اللبنانيون الذي رددوا أسئلة الصهاينة في استدراج قادة الحزب إلى أي جواب على أسئلة نتنياهو وهؤلاء القادة باتوا يعرفون آلية إدارة الحرب النفسية ويمسكون زمامها منذ عقود فليخرس المتطفلون ويمتنعوا عن دس انفهم في ما ليس لهم فيه شغل غير اقتناص فرص الردح ضد حزب الله بلغتهم الشوهاء المنافية لأي قيمة وطنية ولأي اعتبار سيادي فما يتهمنا به نتنياهو هو حق طبيعي في وجه الغطرسة الصهيونية في برنا المحتل واجوائنا ومياهنا المنتهكة امام انظار العالم كله ولا احد يملك جراة الاستنكار ولو كان صحيحا ان أبطالا لبنانيين فكروا في شق انفاق إلى فلسطين المحتلة فهم يستحقون التهنئة وليس من واجب احد في لبنان ان يؤكد ذلك او ينفيه كرمى لنتنياهو او سفراء الدول الغربية في لبنان وانتهى.