بين تصويت الكونغرس وتفاهمات السويد اليمنية: ناصر قنديل
– بمثل ما يصعب الفصل بين حروب المنطقة التي خاضتها واشنطن وحجم المكانة السعودية فيها، يصعب تخيّل تراجع المكانة السعودية وعدم تأثر مسارات هذه الحروب، كما يصعب تخيّل عدم تأثر المكانة المعاكسة لقوى محور المقاومة، خصوصاً إيران التي برر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالمواجهة معها، تمسكه بمكانة قوية للسعودية، وبالتوازي يصعب تخيل تقدّم مسار تسوية منصفة في اليمن تحفظ لأنصار الله دوراً مستقبلياً وازناً وحضوراً فاعلاً راهناً في صياغة الدولة الجديدة، وتنهي الرهان على الحرب التي خاضتها السعودية والإمارات ودعمتها واشنطن، دون أن يؤثر ذلك على مكانة إيران الإقليمية، ودون أن ينعكس على المسارات الموازية لحرب اليمن في المواجهة بين المحورين المتقابلين بتحالف واشنطن والرياض من جهة، وتحالف موسكو وطهران من جهة مقابلة .
– لم يعُد صعباً توصيف ما يجري بصفته تكريساً لمسار مزدوج، ينتهي من جهة بمكانة جديدة للسعودية في واشنطن تختلف عن تلك التي رسمها الرئيس ترامب، وشكل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حصان الرهان فيها، سواء في المواجهة مع إيران أو في حماية «إسرائيل»، أو في المشروع الجامع بين المهمتين المسمّى بصفقة القرن، وينتهي من جهة مقابلة بتسوية يمنية تخرج عبرها السعودية أضعف، وتُعاد صياغة الدولة اليمنية وفقاً لمعايير التوازن الذي فرشه صمود اليمنيين بوجه الحرب التي شنها تحالف السعودية والإمارات بدعم أميركي، ولعل تصويت الكونغرس على وقف دعم الحرب السعودية الإماراتية على اليمن، إشارة مزدوجة لمكانة السعودية ومستقبل حرب اليمن.
– يتدخّل الكونغرس والمخابرات لتصويب المسار الأميركي، عندما تعيش الرئاسة حال الإنكار، وحيث يصعب التصويب في نقاط التعقيد بوجه روسيا من جهة، وفي نقاط التعقيد المتصلة بأمن «إسرائيل» من جهة مقابلة، فيقع الاختيار على الخاصرتين الرخوتين، السعودية الفاشلة في تحقيق التزاماتها، واليمن حيث صورة أميركا السوداء بفعل الجرائم الوحشية، لكن الهدف لا يمكن أن يكون معزولاً عن الصلة بتداعيات بائنة في المسارين، فلا وقف حرب اليمن ولا تعديل تصنيف مكانة السعودية الائتمانية سياسياً واستراتيجياً، بلا تبعات على التوازنات الإجمالية في مواجهات المنطقة، التي يتوقف عليها ترسيم حدود القوة الأميركية، وحجم تأثيرها في صناعة السياسة على مستوى المنطقة، التي تتشارك فيها الحضور مع إيران، وعلى مستوى العالم الذي تتشارك فيه الحضور مع روسيا والصين أيضاً.
– الاتجاهات للمواجهة المتصاعدة داخل واشنطن للرئيس ترامب التي شكلت الانتخابات النصفية فرصة لتظهيرها كتعبير عن رأي عام شبابي ونخبوي يدقّ أبواب الانتخابات الرئاسية المقبلة، توازيها اتجاهات دولية في قلبها أميركا لتحجيم مكانة السعودية، واتجاهات تتساءل عن مستقبل ما تريده «إسرائيل» وما تستطيعه، في ظل تصاعد المقاومة الفلسطينية وتنامي الحضور الشعبي المتزايد الداعم للمقاومة والانتفاضة، إشارات تقول إن زمن التغيير الذي فرضته انتصارات سورية، وصمود اليمن، وثبات فلسطين، وصعود إيران، وتقدّم روسيا بقوة، وتنامي مقدرات الصين، هو زمن لا يمكن الالتفاف عليه بالتذاكي أو إنكاره بالعناد، بل يمكن التأقلم معه والتساكن مع نتائجه، والبحث عن تسويات الممكن معه، وحيث يستعصي ذلك يمكن ربط النزاع.