شؤون لبنانية

الحريري يحمل حزب الله مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة

حمل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري “حزب الله” المسؤولية بتعطيل تشكيل الحكومة، وقال: “هناك حقيقة يجب أن تقال من دون قفازات، وهي أن تأليف الحكومة اصطدم بحاجز كبير يسميه البعض حاجز نواب سنة الثامن من آذار، ولكني أراه أكبر من ذلك بكثير، وهو ما عبر عنه بصراحة الأمين العام لحزب الله، وهو قرار من قيادة الحزب بتعطيل تأليف الحكومة “.

ونفى أن يكون قد أخذ موضوع توزير النواب الستة ب”استلشاق”، مشددا على أنه رفض هذا الطرح “رفضا نهائيا منذ بداية الطريق”، وقال: “قلت للحزب وللجميع ان هذا الأمر لا يمكن أن يمر”. ولفت إلى أنه “إذا كان الحزب متمسكا بهذا القدر بتمثيل هؤلاء لكان باستطاعته أن يسمي أحدهم ولكنه لم يفعل“.

كذلك نفى الرئيس الحريري كل ما يتردد عن احتكاره للتمثيل السني في الحكومة بدليل أن هناك “وزيرا سنيا يسميه رئيس الجمهورية ووزيرا سنيا آخر اتفق عليه مع الرئيس نجيب ميقاتي الذي أتى إلى الاستشارات على رأس كتلة نيابية”. وقال: “أنا أب السنة في لبنان وأعرف أين مصلحتهم”. وشدد على أن “السنة طائفة أساسية في البلد ولا يمكن أن تكون في أي ظرف من الظروف طائفة ملحقة بأحد أو بحزب أو بمحور“.

وكشف على أنه “بعد إعلان القوات اللبنانية قبولها بالعرض الذي قدمه، كان الكل ينتظر إعلان الحكومة مساء الاثنين أو الثلاثاء، ولكن يبدو أن البعض كان يراهن على أن القوات ستعطل التأليف وعندما وافقت قالوا: “لم يعد هناك من حل إلا أن نأخذ مهمة التعطيل بيدنا“.

وردا على اتهام الأمين العام ل”حزب الله” له بالتحريض الطائفي والمذهبي، رفض الرئيس الحريري رفضا قاطعا مثل هذا الاتهام، وقال: “أنا لا أقبل من أحد أن يتهم سعد الحريري بالتحريض الطائفي والمذهبي، لأن هذه ليست مدرسة رفيق الحريري ولا سعد الحريري ولا تيار المستقبل. وحين نقول ان المستقبل تيار عابر للطوائف نكون نعلن الحقيقة بالممارسة وليس بالتنظير على الآخرين، لأن المدارس والأحزاب الطائفية والمذهبية معروفة في البلد ولا أحد فوق رأسه خيمة“.

وردا على الذين يتحدثون عن منع الفتنة في البلد، تساءل الرئيس الحريري: “من الذي واجه باللحم الحي في بيروت وطرابلس وصيدا وعرسال والبقاع وغيرها؟”. وقال: “نحن الذين دعمنا الجيش وحمينا ظهره في كل مكان في لبنان، ونحن من واجه كل الدعوات لنقل الحريق السوري للبلد، ولم نقل للحظة واحدة أن تتقدم لعبة الدم والخراب والتفرقة على العيش المشترك وعلى الاستقرار بين اللبنانيين. ونحن من فتح أبواب الحوار مع الجميع، وبالتحديد مع حزب الله، وحوارات عين التينة برعاية الرئيس نبيه بري تشهد على ذلك. ونحن من اعتبر التسوية السياسية هي السبيل الوحيد لإنقاذ البلد ووقف التدهور وكسر حلقة تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية“.

وأخيرا، قال الرئيس الحريري: “إن الحكومة حاجة وطنية اقتصادية وأمنية واجتماعية وتأليفها ليس هناك أسهل منه إذا عدنا للأصول. هذه مهمة لدي ولدى فخامة الرئيس، هكذا يقول الدستور وهكذا تقول الاستشارات وهكذا تقول مصلحة البلد. أنا قمت بما علي والحكومة جاهزة وفخامة الرئيس عون ودولة الرئيس بري يعرفان ذلك، فليتفضل الجميع ويتحمل مسؤولياته ليسير البلد“.

كلام الرئيس الحريري جاء خلال مؤتمر صحافي عقده عند الثالثة عصر امس، في “بيت الوسط”، بحضور الرئيسين فؤاد السنيورة وتمام سلام، نائب رئيس المجلس النيابي السابق فريد مكاري، الوزراء: نهاد المشنوق، جان أوغاسبيان، محمد كبارة، غطاس الخوري، جمال الجراح ومعين المرعبي، كتلة نواب “المستقبل”، نقيب الصحافة عوني الكعكي، أعضاء المكتب السياسي والمجلس المركزي في تيار “المستقبل” وحشد من رجال الصحافة والاعلام وشخصيات.

استهل الرئيس الحريري المؤتمر بالقول: “يقولون “هناك كلام يحنن، وهناك كلام يجنن”، وأنا لست من جماعة الكلام الذي “يجنن”. كل اللبنانيين يعلمون أن خطابي السياسي محكوم دائما بالتفاؤل رغم كل المشاكل والأزمات والخلافات والهوبرات والتهديدات. دائما كنت أحب أن أرى النصف الملآن من الكأس، وكنت أقول ان هذا البلد وهذا الشعب يستحقان أن ينعما بفرصة جديدة بعد كل الفرص التي ضاعت عليه. إذا أردنا أن نعد أيام تعطيل الدولة والمؤسسات الدستورية والاقتصادية والإدارية منذ العام 2005 وحتى الآن، احسبوا معي ما يمكن أن نجد. سنجد أن الشعب اللبناني الذي يذكرونه كل يوم بالدين العام، وضع في هذا الدين العام أيام تعطيل بحجم نصف الدين العام، وأنه كلما أتينا لنفتح باب ضوء للبلد، هناك من يقفل الباب ويكسر الضوء. ربما هناك جهات لا ترغب في أن يأخذ البلد فرصة، ربما هم لا يرغبون أساسا أن تكون هناك في البلد حكومة ومؤسسات دستورية، ويعتبرون أن دساتير الأحزاب والطوائف يجب أن تتقدم على دستور الدولة“.

أضاف: “اليوم، أنا لست آت للدخول بأي عملية غش للبنانيين وأن أقول لهم: أنا متفائل والوضع في أحسن حال. ولا أنا قادر على أن أحدثهم عن تدوير الزوايا وتقديم المصلحة الوطنية على المصالح الخاصة، ولا قادر على أن أقنعهم بنظرية أم الصبي وأب الصبي، ولا بأنه حين يتنازل سعد الحريري عن واجباته في تأليف الحكومة يكون يفعل مصلحة البلد. اليوم هناك حقيقة يجب أن تقال من دون قفازات. والحقيقة هي أن تأليف الحكومة اصطدم بحاجز كبير، البعض يحب أن يسميه حاجز نواب سنة 8 آذار، لكني أراه أكبر من ذلك بكثير، أكبر بكثير من النواب الستة، مع احترامي للجميع. هذا الحاجز عبر عنه بصراحة الأمين العام لحزب الله، الذي سمعتموه جميعا، ولا استطيع أن أرى فيه، بكل بساطة وصراحة، إلا قرارا من قيادة حزب الله بتعطيل تأليف الحكومة“.

وتابع: “في هذا المجال، أود أن أؤكد على مجموعة نقاط. أولا، أنا آسف جدا أن يضع حزب الله نفسه في موقع المسؤولية عن عرقلة الحكومة. ما كنت أتوقع أن نصل إلى هناك لأن الحديث معي كان غير ذلك. ولا كنت أتصور أن تدور المشكلة بهذه الطريقة، بوجه فخامة الرئيس أولا، قبل أن تدور بوجه سعد الحريري وكل اللبنانيين. وكما سمعت وسمعتم جميعا، يقال إننا أخذنا موضوع توزير النواب الستة باستلشاق. والحقيقة أنه لم يكن هناك استلشاق بتاتا، بل أظن أن الاستلشاق كان في مكان آخر. أنا كنت جديا وصريحا ومباشرا. وكان جوابي واضحا منذ اللحظة الأولى، لم أكن أناور ولا أمرر الوقت، وقلت للحزب وللجميع ان هذا الأمر لا يمكن أن يمر، رفضي كان نهائيا منذ بداية الطريق ولم يحصل الرفض في الربع الساعة الأخيرة. وأنا منذ البداية قلت بكل وضوح وصراحة، إذا لم تكونوا مقتنعين وكنتم مصرين، أنا لا أريد مشاكل مع أحد، لأن البلد لا تنقصه مشاكل، وما فيه يكفيه، ابحثوا عن غيري. هذا الأمر قاله سعد الحريري منذ اللحظة الأولى، ليعلم الجميع، فكان الجواب لنعمل على حلحلة العقد الأساسية“.

وأردف: “الأمر لا يحتاج إلى كل الصراخ الذي سمعناه، ولا التهديد والتذكير بالماضي، وهنا أقول انه ليس في كل مرة نقلب صفحة جديدة ونواجه مشكلا سياسيا سنعود إلى الماضي. إذا بقينا مستمرين هكذا فإن البلد لا يقوم. وجميعكم سمعتم: “شو أنتو ما بتعرفوناش”. وأنا أقول بصراحة، الأمر لا يحتاج، لا سنة ولا ألف سنة. أمين عام حزب الله ليس مضطرا لأن ينتظر حتى تقوم القيامة، وأساسا الكل شارك في الاستشارات الملزمة، وإذا كانوا متمسكين بهذا القدر بالنواب الستة لكان باستطاعتهم أن يسموا أحدهم، فهم أصلا لم يسموني لرئاسة الحكومة. ليس هناك من لبناني، من فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى دولة الرئيس نبيه بري إلى كل القيادات والشخصيات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية إلى المواطنين العاديين والإعلاميين والإعلاميات كان يتوقع أن يجعل من النواب الستة حصان طروادة لعرقلة تأليف الحكومة“.

وقال الرئيس الحريري: “بعد إعلان القوات اللبنانية قبولها بالعرض الذي قدمته، الكل كان ينتظر إعلان الحكومة مساء الاثنين أو الثلاثاء، والرئيس بري وأنا كنا جاهزين للذهاب إلى قصر بعبدا. ولكي أكون صريحا أكثر، أنا قلت للرئيس بري يوم السبت، أي قبل يومين، أنني سأذهب إلى بعبدا، إما لإعلان الحكومة بمن حضر، أو لإعلان حكومة بمشاركة الجميع. يبدو أن البعض كان يراهن على أن القوات اللبنانية ستعطل التأليف، لكنها سارت فقالوا لم يعد هناك حل إلا أن نأخذ المهمة بيدنا. لا أريد أن أخفي عليكم أني لم أكن راضيا عن الكثير من المعايير والشروط التي رافقت عملي على تأليف الحكومة. وفي هذا المجال تصادمت مع الكثير من الزملاء في كل الأحزاب والتيارات: مع التيار الوطني الحر والحزب التقدمي والقوات اللبنانية، وكنت أعتبر على طريقتي أن كل محاولة لخلق أعراف جديدة لتأليف الحكومات أمر غير مقبول ولن أسير به“.

أضاف: “الكلام كان في وقتها عن حصص الأحزاب ضمن نطاق طوائفها، وهو أمر يحتاج أيضا إلى إعادة نظر، خصوصا وأن هناك أحزابا لا تغلق نفسها على طوائفها، لكن أقول ان لا أحد يستطيع أن يحتكر طائفة ويتحدث عن احتكار عند طوائف أخرى. الكل يعلم أنني كشخص أخذت في صدري الكثير من الأمور التي لا تريدها طائفتي ولا يريدها تيار المستقبل، والكل يعلم ما تحملت من ضغوط وخسائر وأني سرت بعدة حالات عكس التيار واختلفت مع الكثير من أهل البيت السياسي. وكنت أقول دائما ان لبنان يستحق التضحية وان التنازل لمصلحة البلد مكسب وليس خسارة، وكل شيء يرخص أمام مصلحة لبنان وشعبه. بعد كل ذلك، أنا لا أقبل من أحد أن يتهم سعد الحريري بالتحريض الطائفي والمذهبي. هذه ليست مدرسة رفيق الحريري ولا سعد الحريري ولا تيار المستقبل. حين نقول ان المستقبل تيار عابر للطوائف نكون نعلن الحقيقة بالممارسة وليس بالتنظير على الآخرين. المدارس والأحزاب الطائفية والمذهبية معروفة في هذا البلد، ولا أحد فوق رأسه خيمة“.

وتابع: “أنا أب السنة في لبنان وأنا أعرف أين هي مصلحة أهل السنة في لبنان، وكيف أحمي السنة وكيف أدافع عن قضاياهم. السنة طائفة أساسية في البلد، ولا يمكن أن تكون في أي ظرف طائفة ملحقة بأحد أو بحزب أو بمحور، ونحن لا نقبل أن يكون هناك طغيان من السنة على المصلحة الوطنية، لكن لا يمكن أن نقبل بطغيان أي طائفة على السنة وعلى مصلحة البلد.كما أنه ليس صحيحا أنني أريد أن أحتكر التمثيل السني في الحكومة، والدليل أن هناك سنيا يسميه رئيس الجمهورية، وهناك سني اتفقت عليه مع الرئيس نجيب ميقاتي، الوحيد الذي أتى إلى الاستشارات على رأس كتلة، وهذا يعني أني حين أردت أن أدخل في عملية التأليف كنت أعرف أن هناك تمثيلا خارج تيار المستقبل، ولذلك تصرفت بعدم احتكار. وحتى حين كان تيار المستقبل في الانتخابات الماضية لديه كل السنة، أعطى رئيس الجمهورية وزيرا سنيا أيضا. من يريد أن يعمل لمصلحة الوطن يجب أن ينفتح على الجميع“.

وأردف: “أنا من مدرسة رفيق الحريري الذي قال يوما من الأيام ان “المسيحي المعتدل أقرب إلي من أي مسلم متطرف”. هذه هي مدرستنا، هكذا تربينا وهكذا سنكمل عملنا. هذا هو مكتبنا السياسي، وهذا هو تلفزيون المستقبل وصحيفة المستقبل وإذاعة الشرق وفريقنا الاستشاري الذي يعمل معي. يعني هذا هو لبنان، هكذا يكون البلد وهكذا تكون الأحزاب في لبنان، منفتحة على الجميع وقادرة على أن تعترف بالجميع ولا تغلق نفسها على طوائفها ومناطقها. تريدون أن تتحدثوا عمن منع الفتنة في البلد؟ من الذي واجه باللحم الحي كل المشاكل في بيروت وطرابلس وصيدا وعرسال والبقاع وغيرها؟ نحن. من الذي دعم الجيش وحمى ظهره في كل مكان في لبنان؟ نحن. من الذي واجه كل الدعوات لنقل الحريق السوري للبلد، ولم يقبل للحظة واحدة، أن تتقدم لعبة الدم والخراب والتفرقة على العيش المشترك وعلى الاستقرار بين اللبنانيين؟ نحن. من الذي فتح أبواب الحوار مع الجميع، وبالتحديد مع حزب الله؟ نحن، وحوارات عين التينة برعاية الرئيس نبيه بري تشهد على ذلك. ومن الذي اعتبر التسوية السياسية هي السبيل الوحيد لإنقاذ البلد ووقف التدهور ومن كسر حلقة تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، ومن أيد بكل جرأة وأمانة وشرف الرئيس ميشال عون؟ نحن“.

وقال: “ليس سعد الحريري الذي يمكن أن يقبل بتعطيل البلد وتعليق الدستور وشل المؤسسات، وأكبر دليل ما حصل بالأمس في مجلس النواب. غيري كان عطل البلد، غيري كان أقفل المجلس، حين يكون هناك مشكل سياسي في البلد. وليس سعد الحريري الذي يمكن أن يقبل بخربطة اتفاق الطائف وخلق أعراف جديدة لإدارة الحكم في البلد والتعدي على الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. الدستور يكلف الرئيس المكلف بتأليف الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، وليس معهما شخص ثالث ونقطة على السطر. تريدون أن نتحدث عن الوفاء؟ الوفاء يكون للبلد وللناس ومصالحهم وحقوقهم. الوفاء ليس احتكارا لأحد، نحن أوفياء ونحن مدرسة وفاء في لبنان للبنان وللدستور وللطائف، أوفياء للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولا أحد يزايد علينا“.

أضاف: “ليس هناك أحد أكبر من بلده، صح مئة بالمئة، لا أنا أكبر من البلد ولا أحد من كل الزعماء والقيادات ورجال الدين أكبر من لبنان أيضا. مشاكلنا أكبر من كل الكلام الذي تسمعونه. هموم الناس ومطالبهم أكبر من كل الكلام، ولا يمكن لأحد أن يتبرأ من مسؤولية إضعاف الدولة. نسمع الكثير من المحاضرات عن النزاهة ومحاربة الهدر والفساد. كأن كل ما حصل ويحصل ليس هو قمة الهدر والفساد. الحكومة حاجة وطنية اقتصادية وأمنية واجتماعية وتأليفها ليس هناك أسهل منه إذا عدنا للأصول. هذه مهمة لدي ولدى فخامة الرئيس، هكذا يقول الدستور وهكذا تقول الاستشارات وهكذا تقول مصلحة البلد. أنا قمت بما علي والحكومة جاهزة وفخامة الرئيس عون ودولة الرئيس بري يعرفان ذلك، فليتفضل الجميع ويتحمل مسؤولياته ليسير البلد”.

    

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى