بقلم غالب قنديل

بصراحة حول “آخر العقد “

غالب قنديل

يقف مسار تشكيل الحكومة عند ما يوصف بالعقدة الأخيرة الناتجة عن تعنت الرئيس سعد الحريري في رفضه لتمثيل النواب السنة الذين تجمعوا بعد الانتخابات في لقاء تشاوري والذين لهم حيثياتهم الشعبية والسياسية التي يعرفها الجميع ومن الواضح ان الرئيس ميشال عون أكد أنه متضامن مع رفض الحريري ومع توصيفه لهذا التكتل بأنه مجموعة أفراد.

أولا أخطأ تحالف الثامن من آذار كما قلنا سابقا عندما اخفى هويته السياسية وقوته النيابية بعد الانتخابات وفرق بذلك شمله الذي توزع إلى تفاصيل طائفية ومذهبية ومناطقية بدلا من التكتل حول العناوين الوطنية الواحدة والموحدة وعلى رأسها المقاومة وسورية وإن كانت بعض الاجتهادات تنسب لهذا السلوك حسن التدبير في المعمعان الطائفي فالحقيقة ان ذلك يعري بعض الحالات السياسية التمثيلية المنتمية إلى التحالف العريض من حصانتها السياسية ويسقط وثاق التضامن ويضعفه بين الحلفاء فنتيجة هذا الخيار صار تجمع حزب الله وحركة امل ثنائيا شيعيا وصار هؤلاء النواب هم السنة من خارج المستقبل وحار بعض النواب الفرادى في اللجوء هنا ام هناك بل إن حزبا لبنانيا عريقا كالحزب القومي توزع بين الكتل الحليفة ذات الشمال والجنوب ونائبا ذا حيثية شعبية واضحة كأسامة سعد صار منفردا عندما خالف زملاءه ورفض إعرابه مذهبيا بوصفه نائبا سنيا مفضلا هويته السياسية الوطنية والقومية.

ثانيا في الحساب السياسي اخطأ اعضاء التكتل التشاوري عندما التحقوا بحملة افتعلها تيار المستقبل ضد رئيس الجمهورية بذريعة الدفاع عن موقع رئاسة الحكومة وهم يحسبون انهم يتقربون من الشارع الطائفي بينما كان الرئيس عون يرفع شعار عدالة تمثيل الكتل في حكومة الوحدة الوطنية وهو فعليا يرد لهم التحية في تبنيه لموقف الحريري من مشاركتهم بالحكومة الجديدة التي ساهموا في تسميته لتشكيلها وأدار لهم ظهره في الشكل والمضمون.

هذا الامر لا يبرر ابتعاد موقف الرئيس ميشال عون عن معايير طرحها بنفسه وتشدد في الدفاع عنها خلال المشاورات وهو المعروف بصلابة مواقفه المبدئية بينما قوة رئيس حكومة الوحدة الوطنية تأتي من سعة تمثيلها والشراكة داخلها وليس بمخالفة مبدأ احترام التعدد السياسي داخل الطوائف الذي سبق لفخامة الرئيس ان اعتبره ميزة قانون الانتخابات الذي يحمي حقوق الأقليات السياسية داخل الطوائف كما أكد مرارا وهؤلاء الذين تجمعوا بعد الانتخابات هم أقلية سياسية داخل الطائفة السنية بهذا المعنى الذي قصده فخامة الرئيس.

ثالثا إن فخامة الرئيس يعرف اكثر من سائر الأطراف السياسية مبدئية المقاومة ومضمون التزامها بقيم الوفاء والتضامن مع شركاء الخيار وهو يعلم أيضا مصلحة لبنان في مجابهة الضغوط الأميركية والتهديدات الصهيونية في ان تكون مواقع المسؤولية الحاضنة للمقاومة عابرة لجميع الطوائف والمذاهب وهو المدرك تاريخيا لحجم السعي الذي تبذله الجهات المعادية لتعرية المقاومة من مسانديها داخل المجتمع اللبناني وبالذات من خارج الطائفة الشيعية وقد ناله نصيب كبير من تلك المحاولات كزعيم للتيار الوطني الحر منذ تفاهم مارمخايل التاريخي.

إن تصميم حركة امل وحزب الله على دعم حق اللقاء التشاوري بالتمثيل يوفر قاعدة صلبة وسدا منيعا في وجه الساعين إلى الفتنة المذهبية وليس العكس بل إنه جسر متين قاعدته وحدة الموقف من قضية وطنية هي تبني المقاومة وحمايتها والعلاقة بسورية وهذان الأمران كانا في جوهر ما ادلى به الرئيس ميشال عون منذ انتخابه ومحور ما اتخذه من مبادرات والفتنة ستكون في تخطي قاعدة عامة وضعها فخامة الرئيس بينما يسعى الرئيس الحريري لتخطيها باستثناء من يشاركونه في تمثيل طائفته حسب نتائج الانتخابات وهو يحتاج إلى مساعدة على هضم هذا التحدي والتكيف مع الوقائع التي يعرفها فخامة الرئيس عن قرب.

رابعا إن احتمال الاختلاف في التقدير رافق جميع مراحل العلاقة بين المقاومة وحلف الثامن من آذار وبين التيار الوطني الحر وقد واكب الرئيس ميشال عون الكثير من محطات التمايز السياسي ما بعد التفاهم واحتواها ودائما انتصرت إرادة التفاهم واستمرت علاقة التحالف وتعززت بحوارات جدية جرت بين الحلفاء والشركاء بكل صراحة ووضوح.

نأمل ان يكون التعامل مع المسألة المطروحة بالحوار والنقاش وبالسعي لبلورة تصور مشترك يحفظ حق التمثيل السياسي لشريحة اجتماعية وسياسية لبنانية حليفة ومناصرة للمقاومة وسبق لها ان تعاطفت مع العناوين الكبرى التي تجعلها حليفا موثوقا للرئيس ميشال عون وللتيار الوطني الحر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى