من الصحف الاميركية
نقلت الصحف الاميركية الصادرة اليوم عن مسؤولين أميركيين وسياسيين بأن حادثة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي “المروعة” وضعت قدرة السعودية على حشد الآخرين ضد إيران في خطر، وهو ما يشكل تحديا لسياسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الشرق الأوسط، وكان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس حذر القادة العرب في المؤتمر السنوي بشأن الأمن من تداعيات مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، قائلا إنه “يجب أن يُقلقنا جميعا” لأنه يؤثر على أمن المنطقة.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن ماتيس وإن لم يوجه اللوم المباشر للقيادة السعودية على مقتل خاشقجي، إلا أن تعليقاته لفتت الانتباه إلى كيف أدى القتل الوحشي وتعامل الرياض معه إلى توتر العلاقات الوثيقة بين القيادة السعودية وترامب الذي وضعها في قلب سياسة الشرق الأوسط التي تسعى لاحتواء ايران.
وقالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز إن المملكة العربية السعودية تستخدم ثرواتها النفطية عصا وجزرة لجعل حلفائها طوع بنانها.
ونقلت عن الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمعهد “رويال يونايتد سيرفيسيز” مايكل ستيفنس أن دولا عدة -مثل لبنان والأردن ومصر والبحرين- ستنضم إلى معسكر السعودية حتى لو فقدت نفوذها.
وبحسب الصحيفة التي كانت تعلق على تداعيات مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول، فإن دول الشرق الأوسط منذ الساعات الأولى لاختفاء خاشقجي اضطرت إلى موازنة مواقفها بحيث تحافظ على حظوتها لدى السعودية، في وقت تشير فيه تسريبات المسؤولين الأتراك إلى تعرض خاشقجي لجريمة قتل وتقطيع أوصال “بشعة“.
نشرت مجلة ناشيونال إنترست الأميركية مقالا تحليليا مطولا للكاتب تايلر هيدلي يحذر فيه من أن الشرق الأوسط على أعتاب حرب محتملة على الموارد المائية، وذلك لتنضاف إلى قائمة الصراعات التي اندلعت في المنطقة منذ بداية القرن الحالي.
وينسب الكاتب إلى هانز فان جينكل مساعد الأمين العام للأمم المتحدة تصريحه بأن “الصراعات على المياه -سواء كانت على شكل حروب دولية أو أهلية- تهدد بأن تصبح جزءا أساسيا من المشهد في القرن الواحد والعشرين”، وما لم يتم القضاء على العوامل المسببة لاندلاع الصراع، فستجد الولايات المتحدة وحلفاؤها أنفسهم في خضم حرب جديدة في الشرق الأوسط.
ويضيف الكاتب أن العديد من الدول الواقعة في حوض نهر الأردن مثل سوريا وفلسطين وإسرائيل ولبنان والأردن تعوّل على مياهه، غير أن لديها تاريخا مشتركا تشوبه الصراعات.
ويشير إلى أن الموارد المائية كانت وفيرة في حوض نهر الأردن حتى منتصف القرن العشرين، مضيفا أن ارتفاع عدد السكان في المنطقة وعدم الاستقرار الإقليمي وانخفاض إمدادات المياه من شأنه زعزعة هذا الاستقرار.
ويضيف الكاتب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون سبق أن صرح بأن حرب 1967 بدأت في اليوم الذي قررت فيه إسرائيل التحرك ضد مساعي تحويل مجرى نهر الأردن عن إسرائيل. وأما حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) فشنت هجمات عدة على ناقل المياه الإسرائيلي الرئيسي، وهو مشروع يهدف إلى جلب المياه من بحيرة طبريا إلى إسرائيل.
ويشير الكاتب إلى أن منطقة الشرق الأوسط شهدت منذ ستينيات القرن الماضي 92 حادثة تتمحور حول الصراعات على المياه، ويرتبط معظمها باستخدام المياه أداة عسكرية أو اعتمادها هدفا عسكريا.
لكن عدد الصراعات على المياه كان أقل من الصراعات التي اندلعت بسبب موارد طبيعية أخرى مثل النفط، وذلك خلافا لتصريح الدبلوماسي المصري الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس بطرس غالي في 1985، والذي توقع فيه أن تندلع الحرب القادمة في الشرق الأوسط بسبب المياه وليس لدواع سياسية.
ويضيف الكاتب أن تغير المناخ سيخل بتوازن القوى في منطقة حوض نهر الأردن، حيث تتنبأ بعض “النماذج المناخية” المتقدمة بأن شح المياه في الشرق الأوسط سيبلغ مستويات كارثية. وتكشف دراسة أجريت في 2010 أن المنطقة ستشهد انخفاضا سنويا يقدر بنسبة 25% على مستوى تساقط الأمطار.
ويشير إلى أنه من المتوقع أن يتضاءل نصيب الفرد من المياه لأكثر من النصف، في حين ستعاني الدول التي أضعفها عدم الاستقرار السياسي مثل سوريا من ندرة المياه بشكل أكبر من غيرها. وسبق لتقرير التنمية البشرية 2007-2008 أن توقع حدوث انخفاض بنسبة 50% من الموارد المائية المتاحة في سوريا بحلول 2025.
ومن بين الأمثلة الواضحة لتدني مستويات المياه في حوض نهر الأردن، انخفاض مستوى البحر الميت بمقدار متر واحد سنويا، وذلك بسبب استغلال إسرائيل والأردن المفرط لمياه الأنهار والروافد التي تغذيه.
ويعتقد بعض العلماء أن الحروب ستنشب بسبب المياه، وستلجأ الدول إلى اعتماد عدد من الحلول لتفادي هذه الأزمة، من بينها إنشاء محطات تحلية المياه، التي تنطوي على معضلات جديدة على مستوى النظام البيئي المحلي.
ويضيف الكاتب أنه يتعين على الولايات المتحدة إيجاد حلول لتفادي اندلاع حرب على المياه في الشرق الأوسط، والعمل وفق ثلاثة مسارات مختلفة لتلافي آثار انحسار المياه على نحو مقلق في حوض نهر الأردن.
ففي المقام الأول، يجدر بالولايات المتحدة مساندة إنشاء اتفاقيات جديدة تعنى بتقاسم المياه، وذلك بالتعويل على مساهمتها في حل مشاكل حوض نهر الأردن على مر التاريخ، على غرار صراع 1953 حول نهر اليرموك واتفاقية جونسون.
ثانيا، يتعين على واشنطن تحديد القطاعات الممكن تحسينها في الأردن وتقليل اعتمادها على المياه.
ثالثا، ينبغي للولايات المتحدة مساعدة حلفائها في تعزيز أمن البنية التحتية للمياه، نظرا لقيمتها العالية وأهميتها بالنسبة للبلاد، فضلا عن أن إعادة بنائها تتطلب وقتا طويلا.
ويقول إن من شأن اندلاع حرب في منطقة حوض نهر الأردن أن يؤثر على الدول المشاركة فيها وعلى الولايات المتحدة التي من المرجح أن تدعم حلفاءها عسكريا، ويختتم بأن من شأن الاستعدادات العسكرية والدبلوماسية الآن أن تقلل من فرص نشوب مثل هذا النزاع.