منتدى المنامة : بعد الفشل … المزيد من الشيء نفسه
غالب قنديل
لم يقدم المهرجان الخطابي الذي شهدته المنامة برعاية وزير الحرب الأميركي جيمس ماتيس وبمشاركة الحلف العربي الرجعي الذي يضم الحكومات الفاشلة والتابعة شيئا جديدا يوحي بأن جهود الغرب الاستعماري والرجعية العربية والكيان الصهيوني قادرة على انتشال خطط الهيمنة العاثرة والحروب الفاشلة من مأزقها الخطير.
منظومة الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية أطلقت مندبة كبرى لتبرير الفشل فهي باتت كالحيوانات المرضى في الطاعون كما صورها الشاعر العربي الراحل احمد شوقي في قصيدته الرائعة.
لا تجد هذه المنظومة ذريعة لفشلها سوى ان ترفع وتيرة الخطاب المعادي لإيران ولسائر قوى المقاومة وخصوصا حزب الله بينما يجتاحها رهاب النهوض السوري الوشيك الذي أيقظه بيان صهيوني لافت عن اتهام دمشق بإصدار التوجيهات لفدائيين فلسطينيين قصفوا بصواريخهم مستعمرات صهيونية في غلاف غزة ردا على القصف المعادي ويبدو ان للأمر علاقة ما بصناعة الصواريخ السورية التي كانت مصدرا لقدرات الردع في غزة خلال السنوات الماضية.
منظومة الهيمنة تخشى إفلات المعادلات وانقلاب التوازنات بعد فشل حروبها الدموية ومع عجزها عن إخضاع سورية والعراق ولبنان واليمن رغم تماديها في حصاد أرواح الملايين واستهلاك جيوشها الاحتياطية من القاعدة وداعش وهدر المليارات لتكديسها داخل خزائن تجار النفط والسلاح الغربيين وفي البنوك الأميركية.
يجدر الانتباه كيف باتت النخب الغربية الحاكمة بدءا بالرئيس الأميركي في تكوينها الثقافي والسياسي أقرب إلى سلوكيات تجار الكشة اللبنانيين الذي دشنوا موجات الهجرة إلى أميركا الجنوبية وأفريقيا أواخر القرن التاسع عشرمع فارق ان تاجر الكشة اللبناني كان يعرض الساعات وعلاقات المفاتيح وبعض أدوات الزينة بينما الرئيس الأميركي والفرنسي والمستشارة الألمانية ورئيسة الحكومة البريطانية يحملون معهم كتالوغات القنابل والطائرات والدبابات وسائر أدوات القتل الجماعي والفردي بأرقى التقنيات المتقدمة ولوائح تحت الطلب بخدمات أقمار التجسس التي تباع على الفاتورة لخدمة الحروب والمذابح.
حضور ديفيد بيترايوس نجم المجمع الاستخباراتي والعسكري في الولايات المتحدة ودول الناتو لسنوات هو حدث ينبش ميراث الفشل الذي حصدته الغزوة الاستعمارية الصهيونية الرجعية ومعه حجم المأزق الذي دخله بالون صفقة القرن من بعد حروب بيترايوس المهزومة وحضوره يذكرنا بدوره القيادي في غرف عمليات الحرب على سورية الذي انطلق به من اسطنبول وعمان وما بذله من جهود للتنسيق بين الحكومات الرجعية العربية المشاركة والكيان الصهيوني.
قبل أشهر بانت دمغة بيترايوس على قفا الفلول القاعدية التي هربت من الجنوب السوري تحت رعاية الموساد مع أشتات الخوذ البيضاء الذين أبدع بيترايوس مع المخابرات البريطانية في هندسة وظيفتهم الاستطلاعية والدعائية لصالح القاعدة ومثيلاتها في الميدان السوري وبعدما جمع أشتاتهم من تنظيمات الأخوان في العالم.
علامة الفشل الفارقة هي كما وصفها قائد المقاومة السيد حسن نصرالله عجز الجهود الاستعمارية الصهيونية الرجعية عن انتزاع توقيع فلسطيني وهو واقعيا حاصل حيوية شعبية هائلة يظهرها الفلسطينيون في كل مكان رغم التهاون الذي يسود نهج القيادات الفلسطينية المتورطة في مسارات اوسلو والتي باتت عاجزة عن التبرير كما تبين من مؤشرات لهجة الفتحاويين الداعمين لمحمود عباس ولنهجه السياسي وهي نتيجة لمناخ الغليان الشعبي الذي تعبر عنه مسيرات العودة المتواصلة وما يبذله الناس من تضحيات بطولية.
توقيع أي فلسطيني على صفقة ترامب سيعرض مانحه لحساب عسير ويبيح شطبه من الواجهة السياسية الفلسطينية كما تظهر الوقائع والتوقعات ولذلك فمحاولات تصفية قضية فلسطين لا تتقدم عبر حشد الحكومات العربية التابعة وحلبها ماليا لحساب الولايات المتحدة مقابل حلبها سياسيا لصالح إيغالها في العلاقة التحالفية الوثيقة مع الكيان الصهيوني كما ظهر في التهريج السياسي الذي قدمه المشاركون في منتدى المنامة وخصوصا ما يسمى بأمين عام الجامعة العربية الذي وضع في رأس قائمة إنجازاته تصنيف حزب الله منظمة إرهابية بينما يلوح الأميركيون بعقوبات جديدة ضد لبنان والمقاومة.