لا للتطبيع… وإنْ كانت عُمان: ناصر قنديل
– ينتظر الكثيرون من الذين ناصبوا محور المقاومة العداء لمعرفة ما سنكتب وما سنقول أمام حدث استقبال عُمان لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ويظنون أن مواقف عُمان من الحرب على سورية وقد استحقت تنويهنا، أو رعايتها لدور معتدل تجاه اليمن والعدوان عليه وقد استحقت تقديرنا بسببه، أو حرصها على الحفاظ على علاقات طيبة بإيران رغم اللغة العدائية التي تقودها السعودية ضد إيران وقد لفت اهتمامنا ذلك، سوف يجعلنا نتلعثم عندما نرى نتنياهو في مسقط ضيفاً على الحكم العُماني .
– ليس مهماً ما تقوله مسقط حول أن حكومة الاحتلال تقرأ ما يجري في المنطقة في كتاب أميركي مبني على اليقين بسقوط صفقة القرن، والحاجة للعودة إلى مربع التفاوض السابق، وأن اتصالات أميركية وروسية لتعويم المسار السابق قد سرّع مفاعيلها ما يجري في السعودية وما سيجري فيها، وأن كل هذا التمهيد قد سبق زيارة نتنياهو لعُمان، لتتهيأ لدور قيادي في هذا المسار، فالقضية المبدئية لا تناقش بلغة المصالح السياسية، والاستراتيجيات لا تقارب بلغة التكتيك. والمبدأ هو أن كيان الاحتلال يقتنص فرصة التطبيع المجاني من عُمان بمثل ما فعل مع دول عربية أخرى من قبل، ورماها عندما استهلكها، وأنه رغم مأزقه الاستراتيجي لا يزال قادراً على التلاعب بأوراق المنطقة بسبب الحسابات الخاطئة التي تمنحه فرص الظهور بمظهر القوة وهو في ذروة الضعف. والاستراتيجي هو أن كيان الاحتلال لم يقدم في القضية الفلسطينية شيئاً علنياً أو عملياً يخفّف من الآثار المدمرة لكل تطبيع وانفتاح.
– يجب أن تعلم القيادة العُمانية أن ما فعلته أصاب الفلسطينيين في الصميم، ومنح كيان الاحتلال ربحاً من حساب عربي مجاناً، وأن المؤمنين بالحق الفلسطيني والمدركين خطر المشروع الصهيوني والملتزمين بخيار المقاومة، يرون في الموقف العُماني سقوطاً غير مقبول ولا تبرير له، ويشعرون بالحزن على الإصابة التي لحقت بصورة عُمان من جراء ارتكاب هذه الخطيئة، التي لم يتجرأ الذين مهدوا لثقافة التطبيع وقاموا بالتنسيق الأمني مع كيان الاحتلال ومنحوه المال مراراً، على فعلها، وأنهم زيّنوا لعُمان أن تفعلها لتسقط مكانتها التي كانت ستكبر مع المتغيرات المقبلة في المنطقة، وأن الخطيئة العُمانية ستقطع الطريق على الكثير مما كانت ستجنيه عُمان لو صمدت عند موقفها.
– النخب القومية والوطنية في عُمان معنية أن تقول لقيادتها إنها أصابت مشاعرهم في الصميم وإنهم يشعرون بالخجل وهم يرون نتنياهو في عاصمتهم، بينما لم تتجرّأ السعودية التي شاركت في التحضير لصفقة القرن وتميّزت عنها عُمان، أن تفعل ذلك، وليس تحريضاً على هز الاستقرار أن نتوقع سماع الأصوات العُمانية تصرخ بصوت عالٍ، أن ما جرى معيب وغير مقبول، وأن شيئاً ما يجب فعله ليتم محو آثار هذه الخطئية التي إذا تحوّلت عنصراً محدداً في رسم السياسة العُمانية، فالقيادة العُمانية تكون قد قرّرت أن تنتقل من ضفة الرابحين في حروب المنطقة وأزماتها إلى ضفة الخاسرين، بوهم البحث عن دور في صناعة تسويات هي مجرد أوهام مع كيان الاحتلال والعدوان.