” وباء الدفتيريا” يفتك باليمنيين
ظهر وباء “الدفتريا” ثانية في مدينة صنعاء في اليمن، حيث بلغ عدد المصابين بالوباء 65 حالة في مستشفى “السبعين للأمومة والطفولة” وسط صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين “أنصار الله” منذ عام 2014، وذلك خلال أيام فقط .
وصرّح نائب مدير قسم وباء الدفتيريا في المشفى الطبيب ياسر السلطان، وهو يضع كمامة على أنفه أن “عشرة مصابين توفوا، وتحاول السلطات الصحية إنقاذ 55 آخرين”، في حديث له مع الأناضول.
وأضاف أن “الأدوية واللقاحات الطبية المتعلقة بالوباء لم تلب الاحتياج المطلوب، وبعض الأدوية متوفرة بنسبة قليلة، وهو ما يفاقم من انتشار جرثومة الوباء“.
وأوضح أن “المشكلة لا تتعلق بالوباء نفسه، بل بمضاعفاته التي تؤدي غالبا إلى الوفاة بعد أيام قليلة من الإصابة به، نظرا لقلة الأدوية واللقاحات“.
وينتقل مرض الدفتيريا عبر جرثومة، تدعى “الوتدية الخناقية”، ويصيب بشكل أساسي الفم والعينين والأنف، وأحيانا الجلد، وتمتد فترة حضانة المرض من يومين إلى ستة أيام.
ويعاني اليمن أوضاعًا صحية متدهورة للغاية؛ جراء الحرب المستمرة منذ نحو أربعة أعوام بين القوات الحكومية المدعومة من قبل السعودية والإمارات والمسلحين الحوثيين، الذين يسيطرون على عدد من المحافظات.
ويتزامن انتشار الدفتريا في اليمن مع تفشي وباء الكوليرا، منذ أواخر نيسان/ أبريل في العام 2017.
وأسفرت الكوليرا عن وفاة أكثر من ألفين و200 شخص، فيما تجاوز عدد الحالات المشتبه في إصابتها بالمرض مليون حالة، وفق منظمة الصحة العالمية.
والاستعدادات لمواجهة وباء الدفتريا ضعيفة للغاية بسبب الحرب، التي أدت إلى تفشي أوبئة وإغلاق مرافق صحية كثيرة، في اليمن التي تعتبر واحدة من أفقر دول العالم.
وحث وزير الصحة والسكان بحكومة الحوثيين في مستشفى “السبعين للأمومة والطفولة”، طه المتوكل، على إخلاء بعض الأقسام الطبية لاستيعاب المصابين.
وجاء هذا الإجراء بعد أن وصل إلى المستشفى ستة أشخاص من أسرة واحدة أصيبوا بالوباء، وهم من منطقة حراز غربي صنعاء.
ويتلقى المستشفى لقاحات طبية وأدوية خاصة بالدفتيريا من منظمة الصحة العالمية ومنظمات صحية أخرى.
وقال أحد الممرضين، الذي طلب عدم نشر اسمه إنه “لولا ذلك الدعم الصحي لشهد اليمن أسوأ مأساة صحية“.
ويظن العشرات من المرضى أن الأعراض الأولية لـ”الدفتريا” هي أعراض حميات وأمراض موسمية تحتاج فقط لمضادات حيوية، وذلك لضعف التشخيص الطبي الدقيق في اليمن.
وبدت على الطفل عازم محمد علامات التحسن، عند قوله للأناضول إنه أُصيب بالحمى وتهيج في العينين وصعوبة بالبلع.
وأضاف أنه حسب التشخيص الأولي تم إعطاؤه أدوية خاصة بالتهاب اللوزتين، لكن مع تفاقم الإصابة جرى نقله إلى المشفى.
وتابع: “اتضح أنني مصاب بالدفتيريا، وعلى الفور أعطوني الدواء، وقال لي الأطباء إنه من الضروري أن أخضع للعناية 25 يوما“.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة الحوثيين، يوسف الحاضري، للأناضول، إنه “حتى اليوم سجلت الوزارة 2537 حالة، توفي منها 141“.
وأضاف الحاضري “توفيت يوم الأحد الطفلة خلود منصور الحوري (ثمانية أعوام) في عناية الأطفال بمستشفى السبعين“.
وأوضح أن “الوفاة حدثت بعد يومين من وصول خلود إلى المستشفى لتلقي العلاج، إثر تورم كبير في عنقها، وهي أهم علامات المرض، ويطلق عليها ’bull neck’”.
ويعزو المسؤولون في القطاع الصحي انتشار الدفتريا إلى عزوف السكان عن تناول اللقاحات المضادة.
وهذا العزوف يعود إلى انتشار شائعات عن كون اللقاحات غير آمنة، وأن الغرب يستهدف أطفال اليمن بلقاحات تصيب بالعقم.
وقالت المواطنة اليمنية “أم غناء”، التي لاحظت تغييرات طفيفة اعترت صحة طفلتها عقب تناول اللقاح، للأناضول إن “اللقاحات تسبب الشلل للأطفال، إذ ظلّت طفلتي غناء ليومين لا تحرك ساقها“.
وتابعت “لولا لطف الله لكانت أُصيبت بالشلل، وقرأت على “’الواتس أب’ أن اللقاحات يصنعونها من السموم“.
ونفت منظمة الصحة العالمية، التابعة للأمم المتحدة صحة هذه هذه الشائعات ، ورفضت وجود أي آثار خطيرة للقاح الدفتيريا.
وقالت المنظمة، مؤخرا إن “اللقاح آمن جدا، وخضع لاختبار سلامة اللقاحات بشكل دقيق، ويتوافق مع أعلى المعايير عالميا، وليس هناك أي دليل حول آثار جانبية خطيرة له“.
وأضافت أن “عشرات الملايين من الأطفال يتم تطعيمهم سنويا حول العالم باستخدام هذا اللقاح“.
وأوضحت أنه “توجد آثار جانبية بسيطة جدا قد تواجه بعض الأطفال، مثل الحمى الخفيفة أو الألم في مكان الحقن، نتيجة تفاعل اللقاح مع جسم الطفل، وهي تستمر يوم أو يومين فقط“.
ودعا وزير الصحة في حكومة الحوثيين، طه المتوكل، السكان إلى الاستجابة لحملات التحصين.
وقال المتوكل، في تصريح للصحفيين مؤخرا، إنه “لا علاج لهذه الأمراض إلا بالتحصين والتطعيم“.
وأضاف أنه “على المواطنين عدم الانصياع للإشاعات غير الصحيحة عن كون اللقاحات غير آمنة، وليس لها أي مضاعفات كما يروج البعض“.
وشدد على أهمية رفع نسبة التوعية بالتحصين، للحفاظ على صحة الأطفال، خاصة في هذه المرحلة التي يمر بها اليمن، جراء استمرار الحرب.
وحمّل المتوكل التحالف العربي مسؤولية تفشي الأمراض والأوبئة؛ بسبب إغلاق مطار صنعاء الدولي أمام نقل المرضى لتلقي العلاج في الخارج وعدم السماح بدخول الأدوية.