هل من تأثيرات لمقتل خاشقجي على الوضع في سورية؟ حميدي العبدالله
يتساءل كثيرون عما إذا كان لمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي أي تأثير على الأوضاع في سورية.
لا شك أن أي تأثير مباشر غير مطروح، فالقضية تخص الدول الثلاث المعنية، أي المملكة العربية السعودية التي قامت أجهزتها الأمنية بقتل خاشقجي، وتركيا التي وقع الحادث على أراضيها، لاسيما بعد الحديث عن أن جثة خاشقجي دفنت في أحد الغابات التركية وليس داخل القنصلية السعودية الخاضعة للسيادة السعودية، والولايات المتحدة الأميركية التي يقيم فيها جمال خاشقجي ويكتب مقالاً أسبوعياً في إحدى صحفها المعروفة صحيفة «واشنطن بوست».
لكن بشكلٍ غير مباشر، فإن مقتل خاشقجي سيكون له تأثيرٌ أكيد على الأوضاع في سورية، كون الدول الثلاث المعنية بهذه القضية تعاونت فيما بينها ودعمت الحرب الإرهابية التي شنّت على سورية طيلة ثمانِ سنوات.
التأثير غير مباشر نابع من واقع أنه مهما كان المخرج من الأزمة التي تسبب بها مقتل خاشقجي، فإن الأطراف الثلاث ستلحق بها بعض الأضرار.
الولايات المتحدة بات مطعوناً بمصداقيتها بالدفاع عن حقوق الإنسان على نحوٍ أكبر وأوضح من أي فترة سابقة، سيما بعد التصريحات المتكررة للرئيس الأميركي التي تتلمس الأعذار للمسؤولين السعوديين فيما قاموا به، والتصريح القاطع والواضح أن واشنطن لن تقدم على اتخاذ أي عقوبات ضد المملكة العربية السعودية كي لا تتأثر سلباً مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية وعقودها المبرمة مع المملكة العربية السعودية، وبكل تأكيد سيراقب العالم والرأي العام ويقارن بين ردّ فعل الولايات المتحدة والغرب على حادث تسمّم جاسوس روسي في لندن، حيث فرضت العقوبات فوراً على روسيا ومن دون إجراء أي تحقيق جدي، أو حتى بمستوى التحقيقات الحالية حول مقتل خاشقجي، وبين ردّ فعل واشنطن والغرب على مقتل الخاشقجي, وسيلحق ذلك أذىً سياسياً ومعنوياً بالولايات المتحدة، وذلك ستكون له انعكاسات إيجابية بالتأكيد على الأوضاع في سورية، وإن كانت انعكاسات محدودة.
أما بالنسبة لتركيا الحريصة أن لا تتضرر علاقاتها بعد هذا الحادث مع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، فهي الأخرى ستدفع ثمن موقفها المرن والإيجابي، وفعلاً بدأت حملات من المعارضة التركية ضد موقف السلطات التركية، ولأن تركيا طرفاً في الحرب الإرهابية على سورية، فإن ذلك سيؤثر عليها وإن كان أيضاً تأثيراً محدوداً.
أما المملكة العربية السعودية، التي سوف تدفع الثمن الأفدح في هذه الأزمة فقد تأثرت مكانتها وقدرتها على العمل في سورية، وخسرت أكثر من أي وقت سابق القدرة على الظهور بمظهر المستنكر لما يجري في سورية وتوجيه الاتهام للحكومة السورية، ولعل ما حدث في إحدى جلسات مجلس الأمن بين مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة ومندوب المملكة العربية السعودية حول مقتل الخاشقجي يعكس تأثير وانعكاس هذه القضية على الأوضاع في سورية.