من الصحف الاميركية
دعت الصحف الاميركية الصادرة اليوم إلى معاقبة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومن سماهم بسفاحيه عقب مقتل الصحفي جمال خاشجقي، ويقول إن ثمة قانونا دوليا ينطبق تماما على جريمة “هذه العصابة”، واشارت إلى “قانون ماغنيتسكي” العالمي الذي وقعه الرئيس الأميركي السابق بارك أوباما في ديسمبر/كانون الأول 2016، والذي يتضمن قرارا بفرض عقوبات على أي شخص يعتبر مسؤولا عن انتهاكات حقوقية خطيرة، مثل التعذيب، والاحتجاز لمدة طويلة دون محاكمة، أو قتل شخص خارج نطاق القضاء لممارسته هذه الحرية .
واشارت إلى تراكم الأدلة على أن بن سلمان أصدر أوامره لقتل خاشقجي وأنه أدار عملية إعدامه المروعة وتقطيع أوصاله في القنصلية السعودية في إسطنبول، وذلك خارج نطاق القضاء ومع سبق الإصرار.
نشرت مجلة فورين بوليسي الأميركية مقالا تحليليا مطولا للكاتب ستيفن كوك يقول فيه إن السعودية بصدد اغتيال السياسة الأميركية في الشرق الأوسط من خلال تحركاتها غير المدروسة.
ويضيف الكاتب أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان آل سعود لا يعمل على تشويه سمعته فحسب، بل إنه قد يتسبب في تدمير السياسات الأميركية في المنطقة.
ويشير إلى أن قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول مطلع الشهر الجاري استحوذت على اهتمام البيت الأبيض والمسؤولين الأميركيين ووسائل الإعلام الأميركية بشكل يفوق ما جرى من اهتمام بقضية مونيكا لوينسكي في 1998.
ويرى كوك أن هناك أسبابا وراء هذا التركيز الكبير على قضية مقتل خاشقجي، من بينها أنه كان يعمل لدى صحيفة أميركية، بالإضافة إلى العلاقة بين إدارة الرئيس الأميركية دونالد ترامب والسعودية، وخاصة مع بن سلمان.
ويضيف أن هذه العلاقة من شأنها أن تضفي قدرا كبيرا من الانحياز غير النزيه لصالح السعودية، رغم أن عددا من الجمهوريين البارزين يرغبون بشدة في فرض عقوبات مشددة على السعودية.
ويقول الكاتب إن الدافع الآخر وراء التركيز المكثف على قضية خاشقجي يتمثل في كونها تثير أسئلة مثيرة للقلق بشأن حجم تأثير الرياض على النخب في واشنطن.
ويرى أيضا أن هذه القضية تعمق الجدل القائم إزاء الحكمة من وراء ربط واشنطن علاقات وثيقة مع ولي العهد السعودي، الذي على ما يبدو أنه طائش ويفتقر للحنكة السياسية، إذ بالإضافة إلى قتل خاشقجي فإنه أقدم على اغتيال السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
ويشير إلى النهج الذي تبنته إدارة ترامب إزاء منطقة الشرق الأوسط، والذي حازت بفضله السعودية وبن سلمان على مكانة بارزة لدى واشنطن، حيث بادر السعوديون لتقديم دعم لا محدود لترامب بعد أن تعهد بالالتزام بوعوده الانتخابية.
ومن بين هذه الوعود الانسحاب من اتفاق النووي الإيراني والتصدي بشكل صارم للمغامرات العسكرية الإيرانية في أنحاء المنطقة.
ودعمت السعودية ترامب عندما سعى إلى تدمير تنظيم الدولة الإسلامية، كما تعهدت بدعم مساعيه للدفع باتفاقية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، فضلا عن تعهدها بشراء أسلحة متطورة.
ويشير الكاتب إلى العلاقة بين جاريد كوشنر (37 عاما) كبير مستشاري ترامب وولي العهد السعودي الذي لم يتجاوز 33 عاما، ويقول إنه بينما يفتقر كوشنر للخبرة الدبلوماسية، فإن بن سلمان أبعد ما يكون عن دواليب الدبلوماسية الدولية.
ويقول الكاتب إنه على الرغم من الدعم السعودي للولايات المتحدة فإن السعودية لم تكن سوى مصدر إزعاج، مضيفا أنه رغم الإصلاحات التي يقوم بها بن سلمان فإن بلاده تواجه في عهده موجة من القمع غير المسبوق، وأن تعطشه للقوة والحكم من شأنه أن يزعزع استقرار بلاده.
وأما على مستوى السياسة الخارجية، فيقول الكاتب إن الرياض ليس لديها أي إنجازات، بل إنها دخلت في جدال مع كندا بشأن تغريدة، الأمر الذي جعل الرياض تبدو مثيرة للشفقة وضعيفة خلافا لما أرادت إظهاره للعالم.
ويقول الكاتب إن بن سلمان بادر هو وحليفه ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد -بالإضافة إلى مصر والبحرين- إلى فرض حصار على قطر بداية يونيو/حزيران 2017، مضيفا أن الأمر الوحيد الذي تحقق جراء هذا الحصار هو إزعاج المخططين الذين يعملون على إستراتيجية الدفاع الأميركية، الذين كانوا يسعون لمحاربة الإرهاب واحتواء إيران.
ويشير إلى أن الفلسطينيين لا يثقون في السعوديين ليكونوا محاورين محايدين في خضم مساعي إدارة ترامب لإقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالاستسلام أمام الإسرائيليين.
وأما الأمر الأسوأ فيتمثل في التدخل الكارثي للسعودية في اليمن، حيث وجدت الولايات المتحدة نفسها مرتبطة بحليف إستراتيجي عالق في حرب على اليمن لا يمكنه الفوز بها، حرب تستنزف ثروات بلاده، وترجح كفة إيران فيما يتعلق بميزان القوى في المنطقة.
وعودة إلى الأزمة الراهنة ومقتل خاشقجي، يقول الكاتب إن هذا الحليف ممثلا في بن سلمان عمد إلى خلق ضجة عالمية من خلال قتل صحفي لم يكن يمثل أي تهديد للسعودية وأمنها القومي.
ويختتم بأنه يبدو أن السعوديين يصرون على أن يثبتوا للعالم أنهم لا يتمتعون بالكفاءة، وأنهم متكبرون وجاهلون بأسس الحكم ويتملكهم اعتقاد خاطئ بشأن عظمتهم، داعيا إياهم إلى التصرف كأشخاص بالغين.