أمثولة سورية للأخوة الضالين
غالب قنديل
يحار كثيرون في فهم السلوك السوري اتجاه لبنان بتسهيل طرق التصدير والترانزيت دون اشتراط سياسي علما ان السلطات اللبنانية تضم أفرقاء سياسيين لم يقصروا في التحريض والتآمر بكل الوسائل في العدوان على سورية.
ان القيادة السورية التي تقطع أشواطها الاخيرة إلى النصر الحاسم تضع في حسابها الناس العاديين والبسطاء الذي تربطها بهم الأخوة العربية في كل مكان من المحيط إلى الخليج وهي تعرف ان صمت بعضهم عن نصرتها كان حاصل قهر او تضليل وكذب بينما جلهم وفي الأعماق يكن لها الكثير من الحب والاحترام والتضامن.
عشق سورية امر يلمسه من يحتك بمواطنين عرب من جميع البلدان من أقصى المغرب حتى الخليج مرورا بجميع أقطار المشرق وفي لبنان بالذات وخلال سنوات العدوان لم تكن تلبث ان تتفشى اخبار الهدوء والأمن في دمشق حتى يتدفق الزوار عبر الحدود ومن جميع المناطق اللبنانية ولكل مقصده العائلي أو الديني او السياحي او التجاري ونهج سورية منذ عقود فتح خطوط ما كانت تسميه الدبلوماسية الشعبية مع الدول الشقيقة فهي الوحيدة بين الدول التي عاملت زوارها العرب كمواطنين قدمت لهم التسهيلات واحتضنتهم في احلك الظروف على جميع الصعد فمنهم من تعلم وتخرج ومنهم من عمل واستقر ومنهم اللاجئون لسنوات وحتى عندما كانت سورية محاصرة في الثمانينات كانت تأوي بسخاء مئات الآلاف بل الملايين من جنسيات عربية عديدة فعدا عن الأخوة الفلسطينيين تواجد فيها عراقيون ولبنانيون وخليجيون ومصريون وتونسيون ومغربيون وجزائريون ولم يشعر أي منهم بأي تمييز عن المواطن العربي السوري في طريقة التعامل.
هذا التوجه القومي الحاسم بات جزءا من هوية سورية تشمل الدولة والمجتمع في آن وهو معيار يطال سائر البلاد العربية وقد خبره اللبنانيون خلال العقود الماضية بحروبها وازماتها وتقلباتها.
وجع المؤامرة عميق لدى الشعب العربي السوري والقيادة السورية وكذلك طعنات المتآمرين وشتائم السفهاء من جميع الدول العربية وخصوصا من لبنان حيث انقلب بإشارة واحدة جميع من كانوا يستثمرون وزن سورية في اكتساب مواقعهم السياسية وحمايتها أوفي تحصيل ثرواتهم المالية وامتيازاتهم.
لكن في لبنان وسائر الدول العربية أحبة ومناصرون مخلصون لسورية لم يقصر منهم من استطاع في الدفاع عن سورية التي تحولت إلى حدث جلل في كل بيوت العرب وظلت نوارة العرب وهي ترسخ بانتصارها حقيقة كونها قلعة العروبة وقلبها النابض.
لهؤلاء .. لأحبة سورية وشركائها في معارك المصير القومي تهدي سورية ثمار انتصارها بأمثولة التسامح مع التائهين والغادرين وتبتعد عن التعسف الانتقامي بل تمارس ترفع المنتصر الرؤوف بأخوته العاقين والمخطئين فالقلعة القومية قلبها كبير وعقلها حكيم وهي تجيد وضع الأولويات وتتصرف ببعد نظر.
سواء اعتذروا ام واصلوا سلوكهم العدائي الوقح لن يبدلوا شيئا امام ما يستحقه من بذلوا الدماء دفاعا عن سورية من حزب الله والحزب السوري القومي ومن البعثيين والناصريين اللبنانيين فمن حق عائلات هؤلاء ومن حق قائد المقاومة وكل وطني لبناني رفع الرؤوس والفخر بالتحالف مع سورية وبشراكة المصير مع القائد الرئيس بشار الأسد من خلال هذا الأسلوب الحريص والحكيم في التعامل الأخوي وهو يقدم بكل صمت امثولة كبيرة وهائلة في التسامح والنبل ورفض العقاب الجماعي والانتقام العشوائي.
كان يمكن لكل عاقل ان يتفهم بواقعية أي شرط سياسي يحق لدمشق ان تضعه لتسهيل عبور الصادرات اللبنانية لأراضيها ولكن دمشق لم تشترط شيئا وفتحت بواباتها بكبر المرجعية القومية الحاضنة للعرب وللبنانيين خصوصا.
أتاحت تجارب السنوات المرة المنصرمة كشف الكثير مما يتيح تمييز الناس العاديين عن الزعماء في الموقف والسلوك اتجاه سورية وعائلات شهدائنا اللبنانيين الذين قاتلوا في سورية ستبقى مرفوعة الرأس وهي صاحبة الفضل بحمايتنا وبعودة سورية إلى عافيتها كما هي اليوم صاحبة الفضل بفتح شرايين الحياة من سورية المنتصرة التي من غيرها يختنق لبنان.
على الرغم من معلومات كثيرة نعرفها ويعرفها آخرون عن موفدين لبنانيين زاروا دمشق سرا وعن وزراء ومسؤولين ذهبوا إليها في الخفاء يسود الصمت المطبق فلم ينبس احد من معسكر العدوان والمؤامرة اللبناني بكلمة واحدة فيها تراجع عن حقد او عداوة ناهيك عن عبارات الشكر المستحقة التي نتوقعها فقط من رفاق السلاح وشركاء المصير في الدفاع عن سورية ولبنان.
للنبل السوري وللترفع السوري وللحرص على شراكة الدم والمصير وعلى الأخوة التاريخية العميقة نقول شكرا سورية وشكرا للرئيس بشار الأسد باسم كل مزارع وحرفي وعامل مصنع وتاجر وسائق شاحنة فهؤلاء هم عشرات ألوف العائلات من اهلنا الذين اختنقوا يوم سدت سبل التصدير عبر سورية وإليها.
شكرا لعائلات الشهداء اللبنانيين الذين ساهموا في الدفاع عن سورية يوم عز النصير فقد مدوا اجسادهم والأرواح جسر اخوة قومية لا تزعزعها اعاصير العدوان والغدر وهو جسر أثبت وأقوى وأرسخ من حملات الهواء الأصفر التي بثها المتواطئون بالأجرة وعن سبق الإصرار بالتعليمات الأميركية الصهيونية وقد كانوا يعرفون ما هم فاعلين.