يديعوت: اجتياح القطاع وإسقاط حماس لن يفيد إسرائيل
نشر الجيش الإسرائيلي بطاريات “القبة الحديدية” في جنوب اسرائيل، في إطار قرار هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال بحشد قوات كبيرة حول قطاع غزة الذي اعلن عنه . فيما أوعز وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، للجيش بـ”الحفاظ على أقصى درجات اليقظة” على الحدود مع قطاع غزة .
جاءت أوامر ليبرمان للجيش خلال اجتماع مغلق لم يعلن عنه مسبقا مع مسؤولين عسكريين كبار، بينهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت، وأشار الموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرنوت” (واينت)، إلى أن ليبرمان أمر أيضا بتكثيف الاستعدادات لأي سيناريو محتمل قد يحصل على الحدود مع قطاع غزة.
وبحسب المحلل العسكري في موقع “يديعوت أحرونوت” الإلكتروني، رون بن يشاي، فإن القرار بحشد قوات بشكل واسع ونصب بطاريات “القبة الحديدية” حول القطاع “غايته التويح لحماس أن صبر إسرائيل يوشك على الانتهاء على ضوء إرهاب البالونات (الحارقة) والمظاهرات التي لا تتوقف عند السياج الحدودي وعمليات التسلل المتكررة إلى إسرائيل“.
وأضاف أن الهدف الثاني للجيش من حشد القوات هو “تقريب القوات من مناطق القتال لأنه في حال التصعيد، مثلما يبدو الآن، سيكون بالإمكان لجم تسلل كبير من جانب حماس إلى أراضينا، وأن يسمح حشد القوات بإدخال قوات برية إلى القطاع بسرعة من أجل إسكات الصواريخ وقذائف الهاون المحسنة التي تنوي حماس إطلاقها باتجاه بلدات غلاف غزة. ووحدات الجيش الإسرائيلي التي ستشارك في العملية العسكرية تدربت على ذلك وبإمكانها تنفيذها بشكل فوري إذا كانت قريبة بما فيه الكفاية من حلبة العمليات عندما يتخذ القرار“.
ورأى بن يشاي أن ثمة احتمالين في أعقاب شن عدوان على قطاع غزة وتوغل قوات إسرائيلية فيه. “إما أن ننسحب مثلما دخلنا، أو سنضطر إلى البقاء هناك لفترة طويلة وإلى حين نجد بديلا لحكم حماس”. ولفت إلى أن السؤال المركزي الآن هو “ماذا ستشمل العملية العسكرية“.
وبحسب بن يشاي، “فإننا على بعد خطوة من عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي في القطاع. والعملية السياسية التي تقودها مصر والأمم المتحدة عالقة، وأبو مازن يصر على رفضه (السماح بمساعدات للقطاع) والانتخابات القريبة في إسرائيل تزيد الضغوط على رئيس الحكومة والكابينيت (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية) كي يفعلوا شيئا من أجل وقف حرب الاستنزاف بين حماس وبيننا“.
واعتبر بن يشاي أن الشعور باقتراب عدوان إسرائيلي جديد على غزة دفع قائد الحركة في القطاع، يحيى السنوار، إلى إعطاء مقابلة لصحيفة “يديعوت أحرونوت” من خلال صحافية ايطالية. ونشرت الصحيفة مقاطع من المقابلة اليوم على أن تنشرها كاملة غدا. ووفقا لبن يشاي، فإن السنوار يقترح على إسرائيل “صفقة مباشرة، بوساطة مصر والأمم المتحدة. وتقضي الصفقة “بهدوء لفترة طويلة في بلدات غلاف غزة، وفي المقابل يتعين على إسرائيل أن توافق على معبر بدون حدود تقريبا وعبور بضائع وأفراد من غزة إلى الضفة الغربية في كلا الاتجاهين، وتوسيع مساحة الصيد وتزويد كهرباء متزايد. وعلى إسرائيل السماح لجهات في العالم العربي، قطر مثلا، أن تحول أموالا إلى القطاع من دون وساطة السلطة الفلسطينية، والسماح لجهات أوروبية بتحسين الوضع الصحي والبيئي والبنية التحتية في غزة…”.
لكن بن يشاي اعتبر أن السنوار “لا يقترح وقف تسلح حماس بالصواريخ وبناء الأنفاق وإطلاق الطائرات المسيرة وتدريب الكوماندو البحري. كما أنه لا يتعهد بوقف تدريب رجاله على مهاجمة بلدات إسرائيلية والقتال تحت سطخ الأرض داخل أراضي القطاع”. وأضاف أن السنوار يريد من خلال صفقة تبادل إطلاق سراح “عشرات الأسرى الفلسطينيين، على غرار صفقة شاليط مثلا“.
وتابع أن “التنازل الوحيد للسنوار، عمليا، هو أن “عدد الأسرى الفلسطينيين المحررين سيكون أقل من صفقة شاليط. ولا يطرح السنوار علينا في جميع المجالات الأخرى شيئا باستثناء الهدوء… والاستنتاج الذي يبدو أن على قادة إسرائيل استخلاصه، هو أنه يجب الدخول إلى القطاع والتسبب بانهيار حكم حماس وإعادة السلطة الفلسطينية أو أي تسوية أخرى يمكن بواسطتها إدارة حياة سكان القطاع“.
واستدرك أنه “ينبغي أن نعرف حينها أن أي اتفاق بالقطاع وأي حكم سيأتي راكبا على دبابات الجيش الإسرائيلي لن يمر، وعاجلا أو آجلا سنضطر إلى مواجهة قوات أنصار داخل القطاع ضدنا، إضافة إلى العبء الاقتصادي الثقيل على كاهل دولة إسرائيل. كما أن أبو مازن لا يوافق على دخول القطاع كعميل لإسرائيل. ويبدو أن الحديث عن طريق مسدود، وحتى اجتياح بري إسرائيلي واسع في غزة لن يحله“.
ورأى بن يشاي أن “مصلحة إسرائيل الأساسية هي الهدوء وشعور سكان غربي النقب وقطاع غزة بالأمن. ومصلحة أخرى هي عدم الدخول إلى عملية عسكرية كبيرة إلى أراضي قطاع غزة ونعود في نهايته إلى الوضع الحالي. ومصلحة أخرى هي منع كارثة إنسانية وأزمة إنسانية متواصلة بين سكان قطاع غزة. والتجربة أثبتت أن المجتمع الدولي سيتهمنا إذا حدثت ماساة إنسانية ومات الناس من الأمراض أو الجوع لا قدر الله“.
رغم ذلك، اعتبر بن يشاي، المقرب من قيادة الجيش الإسرائيلي، أن “ما سيخدم إسرائيل الآن هو مزيج ذكي من خطوات مدنية إنسانية وعملية عسكرية مدروسة وموجهة جيدا. بالخطوات الإنسانية يتعين على إسرائيل أن تهتم بنفسها وتمنع أزمة في القطاع، ولذلك على الكابينيت الاستهزاء بأبو مازن والسماح بوصول مساعدات من أي مصدر يمول إمداد الكهرباء ومشاريع تطعير الصرف الصحي وتحلية المياه””.