الولايات المتحدة وإيران: اللعب بالنار: حميدي العبدالله
التصريحات النارية التي يطلقها المسؤولون الأميركيون ضدّ إيران، مصحوبةً بعقوبات شديدة تفرضها الولايات المتحدة، وتمارس الضغط على كلّ دول العالم للالتزام بهذه العقوبات، الأمر الذي تراهن واشنطن أن يقود إلى تركيع إيران وجعلها تمتثل للمشيئة الأميركية، قد يقود، وبدأ يقود، إلى حدوث احتكاكات ذات طبيعة أمنية وعسكرية، من مثل ما حصل في مضيق هرمز عندما اقتربت زوارق إيرانية من حاملة الطائرات الأميركية «ثيودروزفلت» وحذرتها من الاقتراب من المياه الإقليمية الإيرانية، ومن مثل اتهام الولايات المتحدة لإيران بأنها تقف وراء الصواريخ التي سقطت بالقرب من القنصلية الأميركية بالبصرة. إنّ مثل هذه الاحتكاكات العسكرية والأمنية في ظلّ تصعيد العقوبات ضدّ إيران وفي ظلّ التصريحات العدائية قد يتحوّل إلى مواجهة عسكرية مباشرة وغير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران .
واضح أنّ ميدان هذه المواجهة، سيكون منطقة الخليج، وتحديداً مضيق هرمز، حيث يجري تبادل التحديات بين واشنطن وطهران بشأنه، وأيضاً في اليمن، وتحديداً بالقرب من مضيق باب المندب، وفي العراق حيث تنتشر القوات الأميركية بالقرب من مواقع تشكيلات مسلحة حليفة لإيران، وفي سورية، حيث تنتشر قوات أميركية قي مواقع لا تبعد كثيراً عن مواقع تنتشر فيها قوات إيرانية وقوات حليفة لإيران جاءت إلى سورية لمساعدة الجيش السوري في حربه ضدّ الإرهاب.
تصعيد الولايات المتحدة للعقوبات ضدّ إيران مصحوباً بتصريحات عدائية بمستوى ما يصرّح به كبار قادة إدارة الرئيس ترامب، ويشارك فيها الرئيس ذاته، من شأنها أن تقود إلى نوع من أنواع اللعب بالنار. أيّ أنّ الاحتكاكات الأمنية والعسكرية التي تجري الآن، قد تقود إلى مواجهة مفتوحة بين القوات الأميركية والقوات الإيرانية، وحلفاء إيران في المناطق التي مرّ ذكرها، وبكلّ تأكيد ستكون هذه المواجهة غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة لأنها تشمل مساحات ومناطق عديدة وترفع كلفة أيّ مواجهة.
إذا استمرت الولايات المتحدة بنهجها الحالي، فإنّ المواجهة واقعة لا محالة، صحيحٌ أنّ الولايات المتحدة دولةٌ كبرى ولديها قدرات عسكرية هائلة، ولكن تجاربها في فيتنام، وحتى في أفغانستان والعراق، تؤكد أنّ القوة العسكرية مهما بلغت عظمتها غير قادرة على تحقيق أهداف سياسية غير واقعية.