حرب اسرائيل ضد الاونروا محاولة لتغيير تعريف اللاجئين
سبب الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة أزمة إنسانية آخذة بالتفاقم لتصل حد كارثة إنسانية، خاصة في أعقاب الحرب التي تشنها إسرائيل والولايات المتحدة ضد وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ووقف التمويل الأميركي للوكالة، التي يعمل فيها آلاف الفلسطينيين وتوفر خدمات صحية وتعليمية وتزود الغذاء لمعظم سكان القطاع، البالغ عددهم نحو مليوني نسمة. كذلك فإن أونروا تقدم خدمات للاجئين الفلسطينيين، خصوصا في لبنان، حيث لم تتحسن أوضاعهم منذ عشرات السنين.
وبعد أن قامت إسرائيل بمحاولة فاشلة تتمثل بمساواة اللاجئين الفلسطينيين باليهود الذين هاجروا إليها من الدول العربية وتصويرهم على أنهم لاجئون، فإنها تشن حاليا حربا ضد أونروا ومحاولة تغيير تعريف اللاجئين الفلسطينيين، بحسب وثيقة أعدتها وزارة الخارجية الإسرائيلية مؤخران وكشفت عنها صحيفة “اسرائيل اليوم”.
وتنفي الوثيقة الإسرائيلية المعطيات التي توفرها أونروا بخصوص اللاجئين الفلسطينيين، خاصة فيما يتعلق بأن عددهم خمسة ملايين لاجئ في العالم. ويذكر أن قضية اللاجئين هي إحدى قضايا الحل الدائم للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني في المفاوضات التي جرت بين الجانبين، ويعلن الفلسطينيون أنه لا حل للصراع من دون حل هذه القضية بشكل عادل.
وتزعم الخارجية الإسرائيلية في هذه الوثيقة أن “التعريف الموسع للاجئين الفلسطينيين هو تعريف كاذب”، معتبرة أنه “يظلم اللاجئين الحقيقيين في العالم”. وقالت الصحيفة إن الوثيقة تلمح إلى أن اللاجئين في الأردن يجب أن يستقروا هناك.
ويذكر أن قضية اللاجئين نشأت في أعقاب نكبة العام 1948، عندما طردت حوالي 800 ألف فلسطيني من فلسطين، سواء من خلال طرد مباشر أو من خلال ارتكاب المنظمات الصهيونية المجازر وإرهاب الفلسطينيين ودفعهم إلى الرحيل. كذلك طردت إسرائيل مئات آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية لدى احتلالها في العام 1967.
وبحسب وثيقة الخارجية الإسرائيلية، فإن “قرار الرئيس (الأميركي دونالد) ترامب وقف تمويل أونروا يوضح أن هذه المنظمة ليست جزءا من الحل وإنما هي جزء من المشكلة”، وزعمت الوثيقة أن الأونروا “بدلا من توفير مساعدة اجتماعية، فإنها تصعّد الصراع من خلال تضخيم عدد اللاجئين المزيفين، وغرس رواية تنطوي على كراهية وتقويض حق إسرائيل في الوجود وتقيم علاقات مع حماس“.
وتزعم هذه الوثيقة أن أونروا هي “منظمة سياسية تخلّد مكانة اللاجئين وتغذي دائرة الصراع واليأس”، زاعمة أنه “يوجد فعليا عدد قليل جدا من الفلسطينيين الذين يستجيبون للتعريف القانوني لمكانة لاجئ. بضع عشرات الآلاف فقط من أصل 5.3 مليون يتلقون الدعم ومسجلين في أونروا على أنهم لاجئون“.
ويتضح من هذه الوثيقة أن هدفها هو نفي حق العودة للاجئين الفلسطينيين. “بواسطة تضخيم عدد ’اللاجئين’ المسجلين، تحصن أونروا مطلب ’العودة’”، معتبرة أن المطالبة بحق العودة يعني “القضاء على إسرائيل”، التي قامت على أنقاض وجودهم بعد تهجيرهم. وأضافت الوثيقة أنه “يحق للاجئين الفلسطينيين الحقيقيين الحصول على المساعدة الدولية نفسها التي يحصل عليها لاجئون آخرون في العالم من وكالة الأمم المتحدة للاجئين، من أجل إنهاء، وليس استمرار، وضعهم“.
وبحسب الوثيقة الإسرائيلية، فإن أونروا تقيم علاقات مع حماس، وهي الجهة التي تحكم قطاع غزة، “وتساعد بشكل فعلي في التحريض ضد إسرائيل والدعاية الفلسطينية ضد إسرائيل“.
وتنكرت الخارجية الإسرائيلية في الوثيقة لقرارات الأمم المتحدة، وزعمت أن القرار رقم 194 الذي ينص على حق العودة للاجئين “ليس له صفة قانونية”. كذلك قللت الوثيقة من أهمية الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن “على الدول الجدية تنفيذ خطوات من أجل إصلاح ما ينبغي إصلاحه في أونروا” وأن “الدول الغربية لا يمكنها الاختباء خلف الجمعية العامة للأمم المتحدة“.
ورغم أن هذه الوثيقة الإسرائيلية ضد أونروا جديدة، إلا أن إسرائيل تتعامل مع أونروا بعدوانية شديدة منذ سنين، وحتى أنها لم تتردد في الحروب العدوانية على غزة في السنوات العشر الماضية من استهداف مؤسسات أونروا في القطاع واعتقال موظفين فيها لمجرد أنهم يقدمون مساعدات إنسانية.